ترشيح مستحق للسيدة العنيدة..!!

هل تنجح جائزة نوبل للسلام في تحقيق ما فشلنا في تحقيقه؟ سؤال ستكشف عن اجابته الأشهر القليلة القادمة، بعد أن تمكنت الناشطة الحقوقية آمنة بنت المختار من تحجز لنفسها مكانا بين عشرات الشخصيات المرشحة لنيل هذه الجائزة عن جدارة، وبعناد لايعرفه الا من عايش معها بعض جوانب نضالها المدهش، الذي يتخذ من شعار الكفاح للوصول بالمرأة الى مكانتها اللائقة داخل مجتمعنا الذكور العصي على الاختراق، وقضايا انتهاك حقوق الانسان بغض النظر عن جنسه وعرقه ميدانا للعمل.
لقد اتاحت لي محاسن الصدف من خلال عملي في الحقل الصحفي، أن أعايش عن قرب مع هذه السيدة العنيدة العديد من معاركها في مواجهة ملفات انتهاك حقوق الانسان، بدأ بالعنف الأسري ضد المرأة مرورا بقضايا الاستبعاد وانتهاء بأوضاع السجناء، فكانت هذه السيدة تقود معركتها من داخل منازل الضحايا الى أن تصل الى رئاسة الجمهورية، دون أن تكل أو تمل من النضال داخل حيزها المفضل، أروقة قصر العدل، وقبل ذلك مخافر الشرطة عملا على أن تملأ الأرض انصافا كما ملأها البعض ظلما.
لقد استطاعت السيدة العنيدة رغم غياب ثقافة حقوق الانسان عموما حقوق المرأة على وجه التحديد ببلادنا، أن تحمل هذه القضية عاليا لتكسر بذلك جدار الصمت حول هذه الجانب المظلم من حياتنا، رغم اغلال الإرث الاجتماعي الذي يرفض للمرأة أن تخرج من بيتها إلا إلى قعر قبرها، أحرى أن تقف في المحافل العامة منافحة ومنادية بأعلى صوتها برفض الظلم الذي تعاني منه المرأة، بحجج ذكورية تجد تأصيلها في تاريخ عميق من الرفض المؤسس على تراث خرافي، يعض عليه البعض بالنواجذ عن جهل وغفلة، بينما يتمسك به الآخر ضمانا لمكانة اجتماعية لم تمكنه قدراته العقلية والمعرفية من الوصول اليها، فاختار أن يقف متطاولا على منكبي المرأة لتحقيق مجد لم يتمكن من تحقيقه بين الرجال.
لقد تمكنت السيدة العنيدة خلال سنوات الجمر أن تستخرج وصل اعتراف لمنظمتها المدنية باسم مستعار، فكانت حاضرة بوقتها وجهدها وجدها، لتحفظ لهذا الكائن الجديد ـ المجتمع المدني ـ مكانة محترمة رغم التمييع الممنهج الذي تبنت السلطات خلال تلك الفترة، لكسر شوكة هذا المولود المزعج الذي يحضر عندما تغيب السلطة ويُبين حين يتلعثم الضحايا.
رغم خلافي السياسي المطلق مع السيدة العنيدة التي ترفض التصويت في كل انتخابات لغير جهة سياسية واحدة، وفاء لنضال مشترك، فإني اعتقد أنها قدمت للمرأة الموريتانية ما تستحق أن تشكر عليه، وأن نقف احتراما لنضالها الذي لم يثنيه عنها الصورة السوداء التي يتفنن البعض في رسمها لها، تشويها لنضالها ورفضا لجهودها المعتبرة في الدفع بحقوق الانسان في بلدنا الى واجهة الاهتمام. كم كنت أتمنى أن نكون قد سبقنا المجتمع الدولي في تقدير جهوده هذه المرأة فنوشحها بأعلى الأوسمة بدل أن يأتى هذا التكريم من خارج البلد، لكن أضعف الإيمان أن نقف معها اليوم جميعا على اعتبار أن تكريمها تكريسا للدور الجديد الذي نريد للمرأة الموريتانية في حياتنا.

أحمد ولد محمدو
كاتب صحفي

Exit mobile version