لتجنب عسكرة مجتمع المنقبين / خليل ولد اجدود

أصبحت قضية المنقبين إحدى أولويات النقاش العام خلال الأيام الماضية. أعتقد أنها مسألة جوهريّة نظرا لأبعادها الإنسانيّة والاجتماعية والاقتصادية، وأيضا الأمنيّة.

يتفق الموريتانيون جميعا على الوقوف تقديرا واحتراما لمواطنيهم الذين يعملون في بيئة قاسية لضمان لقمة عيش كريمة لأسرهم، وقد ورد في الأثر الشريف: “الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله”.

المنقب، يحفر تحت أشعة الشمس الحارقة بعزيمة وصبر ليحصل على نصيبه من ثروات بلاده الطبيعيّة الهائلة؛لا يثنيه ارتفاع درجات الحرارة، ولا الغبار، ولا المخاطر عن القيام بعمله الشريف.

علينا أن نساعدهم في تحسين ظروف عملهم الشاق، وأن نوفر لهم المأوى والحماية، وفرق الإنقاذ والإغاثة، وأن نعمل على إنصافهم وتشجيعهم عبر توفير الخدمات في مناطق عملهم.

لا تزيدوا قسوة الظروف بإجراءات أحادية قد يرى فيها المنقبون احتقارا لهم؛ فاليد التي حفرت في الصخر لتعيش، والكادح الذي حمل المِجرف والفأس تحت الشمس بحثا عن الكرامة والغناء عن الناس، قد يجد نفسه غدا – لا قدّر الله – يحمل البندقيّة إن سُدَّت في وجهه السُّبُل، وفُرِضَ عليه سعر لبضاعته يراه بَخْسًا ومُجحفًا. وليس سرا أن معظم مقاتلي ميليشيات “الدعم السريع” في السودان كانوا من العاملين في التنقيب الأهلي عن الذهب في دارفور .

علينا اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة المشكلة، واحتواء مجتمع المُنقِّبين وإنصافه، بدل الدفع نحو عسكرته – كما قيل لي – بسبب الغليان والشعور باليأس، وسياسات التعدين عندما تكون غير عادلة تؤدي لضغائن وتفاقم الاحتقان الاجتماعي .

أنا على يقين من أن هذه المشكلة سيتم وضع حل لها فورا؛ رئيس الجمهورية لديه القدرة دوما على التدخل في الوقت المناسب، وحل المشكلات بحكمته وحزمه، وهو حساس جدا وفق ما لدي من معلومات ليس فقط إزاء السلم الأهلي والوئام الاجتماعي والأمن الوطني والقومي؛ وإنما أيضا فيما يتعلق بالقرارات التي تؤثر على حياة الفئات الهشة والضعيفة من شعبه .

ولهذا، فإن حماية مقالع وآبار المُنقّبين، وتحديد سعر يضمن حقوقهم، يجب أن يتصدّر أولويّات سياسة حكومية رشيدة للتعدين الأهلي، مع الحد من التراخيص والامتيازات الممنوحة للشركات الأجنبية وممثلي مصالحها المحليين .

خليل ولد اجدود – الرباط

Exit mobile version