سألني أحد الأبناء بعفوية : هل الحكومة تكذب؟ فأجبته: بالنسبة لنا معشر المؤلفة قلوبهم بالموالاة، حاشاها من ذلك. والمعتمد في مذهبنا أن الحكومة، ما دامت في السلطة، فهي العدل المبرَّزُ “ممن تَرْضَوْنَ من الشهداء”، ولا يقول بغير ذلك إلا من انتبذ مكانه بالعدوة القصوى من المعارضين. أما الحكومات السابقة، فالمطلب الشرعي يقضي بسرعة دفنها ودفن محتوياتها، والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً. وإن كنت تقصد كذب بعض أصحاب المسؤوليات في الحكومة، فإن فخامة الرئيس عند اختيارهم يستحضر قرينة أصالة البراءة، ومبدأ “الأصل في الأعيان الطهارة”. ومع ذلك، لايغني حذر من قدر،فهم بشر: منهم الصادقون أصدقاء التقوى والبر والإيمان، ومنهم ما دون ذلك، وفيهم من أجمعت المذاهب الأربعة، واتفقت المعارضة والموالاة، على أنه يكذب ويتحرى الكذب، وسيُكتبُ أيضاً عند الله كذَّاباً. مما ولّد قناعة عند غالبية سكان بلاد المليون شاعر، أنه هو -وليس المتنبي- من قال أكذب بيت شِعرٍ قالته العرب:
بعيني رأيتُ الذئب يحلب نملةً
ويشرب منها رائباً وحليباً.