من أتويمرة الحمرة لتامشكط فبومديد و منها لتجگجة كان الحي العلوي يجوب مفارز الصحراء و يمخر عباب المجابات الكبرى و لكل فلكٍ “منزله” .
ولد مولانا العارف بالله محفوظ ولد الجيد رضي الله عنه و عنا به في تلك الربوع و على عادة أترابه و أهل زمانه و بني مكانه، أخذ القرآن و العلوم الشرعية و التفاسير و المتون الفقهية و لغة العرب و أنسابهم و أيامهم و حملته همةُ الرجال و طموح الفتيان إلى الهجرة شمالا … فالموسم يومها موسمٌ للهجرة إلى الشمال.
من أكليميم و واد نون لواد درعا و بوجدور خرج مولانا تاجرا ليستقر خمسينيات القرن الفارط بأطار و داخل أطار ساعتها هو داخل مصر:
ما يحشم و أمسيدُ مقيوم … و بلد تعدال أجميعت هم
فيه الدين و فيه العلوم … و السكر و أتاي و قلم
ولعرب بل العزم المعلوم … أهل الشر إيل طار الدم
و أهل أسيساح و سدوم … لأهل الهول المنهم جاء فم
نزل محفوظ على التلة الواقعة شرق رگ الحية و بنى بيته و مسجده و درَّس و قسم الترائك و فضَّ النزاعات و عقد الزيجات بل أصبح عنوانها:
ألا نائب ولَّ رئيس … ولَّ حاكم ولَّ والي
ولد الجيد يعقدني لو … إلخ
وضع الله له القبول و أحبه الناس و حكموه طائعين في أموره و نزلوا عند رأيه و أخذوا عنه العلوم و كان و لازال و سيظل ولد الجيد المنارة و الرباط.
كنت من طلابه و كثيرا ما كان يمازحني بأنني خليط خطير يجولي للمؤمنين باسُ في إشارة بديعة إلى إختلاف و تباين مجتمعي أصولي المباشرين و يدعو الله أن يجمع الله في ما تفرق في أسلافي و ظل على ذلك حتى إلتقيته أسبوعا واحد قبل أن يغادر الدنيا إلى دار التهاني قدس الله سره الكريم.
محفوظ ساتر لما بينه و بين الله من أحوال و إن كانت له بعض الرشائح تحار في فهمها العقول .
غابت شمسه ظهرا في الثامن و العشرین مايو 2013 و ترک فراغا لا يملأه غيره وجاهة و حصافة و علما و ورعا و زهدا و فتوة سقت قبره غوادي الرحمات.
الطالب جدو ولد تقر ولد محمد