وَيُصِرُّ النظام الموريتانيّ على الفشل / الحسن ولد ماديك

يُدرِكُ كل مواطن موريتاني وكل زائر وكل مراقِب بسيطٍ أنّ الدولة الموريتانية ليستْ على ما يُرام منذ اغتصاب العسكر المشؤوم السلطةَ المدنيةَ في نواكشوط يوليو 1978.
ولا تزال ثرْواتُ موريتانيا الغنيّة أكثر من الكويت والسعودية والإمارات ممنوعةً من الصرف على التنمية والبُنَى التحتية وإصلاح التعليم والصحة… خالِصَةً لِتحالُفِ العسكر مع أُسَرٍ تقليديّة خدمتِ المستعمر الفرنسي، ولا يزال ذلك التحالفُ غيرُ المباركِ يتقرّبُ زُلْفَـى إلى فرنسا بإبقاء موريتانيا بلدا فقيرا غيرَ منسجمِ اجتماعيا وغيرَ مُستقِلٍّ، ويُهاجر الآلاف من شبابِهِ في كل شهر يبتغون عيشا كريما حرمَتْهُم منه في وطنِهم سُفُنُ الصّيْدِ الأجنبية وشركة تازيازت وأخواتُها التي تبتلع الذهبَ وسائرَ المعادن النفيسة مُقابِل امتيازات يحصل عليها التحالف الحاكم (العسكر + وجهاء تقليديين).
ويُصِرُّ الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني على أن يبلغَ الفشَل مداه وأقصاهُ ومنتهاهُ حتى تتلاشَى أو تختفِـيَ موريتانيا ولا يَبْقَى لها أثَرٌ بعد عَيْنٍ ولا عَلَمٌ ولا نشيدٌ وطني ولا جواز سفر ولا بطاقة وطنية.
وإلى الذين يتّهمونَنِـي بالمبالغة أسوقُ القرائنَ التالية:
أولا: لَـمَّا أصبحت فرنسا منبوذة في القارّة الإفريقية وتهافَتَتِ الشعوب في غرب إفريقيا على لعْنِهَا وإخراجِها صاغرة ذليلة تعلَّقَ بها الرئيس الموريتاني ولد الشيخ الغزواني فاختار صحيفة فرنسية ـ مُبْتعِدا عن الإعلام الوطني ـ لتمجيدِ فرنسا واعتبارِ استعمارِها ونَهبِها ثرْواتِ إفريقيا صدَاقَةً ومودّةً ورحمةً واعتبارِ طموحِ الأفارقةِ الشرفاءِ الأحرار نزعاتٍ “شعبويّةً خَبيثَةً”، وبكل بساطة يَسْبَحُ الرئيس الموريتاني عكسَ التيّار ويحتقر وسائل الإعلامِ الوطنية وهو يَـخْطُبُ وُدَّ فرنسا آفِلَةِ النَّـجْمِ والتّأثيرِ والْـهيمنةِ في شمال إفريقيا، ولكأنِي بِـحُكماءِ الاستشراف يقولون: (لا يتعلّقُ بأذيالِ دولة منهارة إلا مِن لا مُستقبلَ له في مرحلة ما بعدها).

ثانيا: رغم سِباق التسلّح في السنغال وجمهورية مالي وتفوُّقِهم العسكري على موريتانيا ورغم الديمقراطية الناجحة في السنغال والتنمية والقطارات السريعة والطرق السيارة فإن التقدّم الوحيد الذي حققه النظام الموريتاني هو فرْزُ أو فرضُ أغلبية برلمانية مخصصة للتصفيق وهو معاناة المواطن الموريتاني قبل الحصول على كيلوغرام من سمك (سُقْ) بأكثر من عشرة دولارات رغم وَفْرَتِه في الشواطئ الموريتانية الغنية ورغم تُـخمةِ سفن الصيد الأجنبية به، وهو اضطرار آلاف المرضى الموريتانيين إلى السفر يوميا إلى السنغال والمغرب وتونس وفرنسا للعلاج ومن التداوي من سموم الأدوية المزورة والمواد الغذائية منتهية الصلاحية، وهو تلك المعاناة التي يتجرّعها المسافرون إلى موريتانيا القادمون من بوابة الكركرات على طريق لا هو مُعَبَّدٌ ولا هو مُسَوَّى ولا هو آمِنٌ من الحوادث على امتداد مئات الكيلومترات، وهو فشل النظام التعليمي بحرمان الطلاب من تعلم المواد العلمية باللغة الأم كما هو شأن الصين واليابان وسائر الشعوب المتقدمة، وهو انهيار مصداقية القضاء وحيادِه.

ثالثا: إصرار النظام الموريتاني على مهزلة حِيادٍ كاذِبٍ في نِزاع الصحراء المغربية لِتَقرَّ أعيُنُ شياطينِ الأليزيه باللَّغْوِ في وِحدة المغرب الترابية وبالإصرار على شَلِّ المملكة المغربية عن اللحاقِ بالدول الكُبرى، والمغرب سيُصبِحُ امبراطورية إقليمية لأنّ الشعبَ المغربي مُتَّفِقٌ على استعادة مجده وتاريخه، ولأن الشعوبَ الإفريقية الكريمة أدركَتْ أنّ الشراكة المغربية أفضل من التبعية لفرنسا التي تسرق أو تغتصبُ أموالهم وثرواتَهم وتُـجَرِّدُهم من القرار والسيادة، وقد تجاوزَ قِطارُ المغرب السريع تثبيطَ المثبِّطين ونِزاعَ الحاسدين الحاقدين خُدَّامِ المستعمر الفرنسي الذي لا يعرِف غير التفرقة بين الشعب الواحد ونهب الثروات وإلقاء كسرةِ خُبْزٍ لعملائه قبل أن يضربَ رؤوسَهم بالدّبُّوسِ بتدبيرِ انقلابٍ على حينِ غفلةٍ منهم لتجديد خطاب الخدَّام رؤساء دُولٍ إفريقية لا يزالون يضمنون مصالح فرنسا الاستعمارية.

الحسن ولد ماديك

 

 

Exit mobile version