في موريتانيا.. النحيفات لا تجدن عريسًا

باءت محاولات الشاب الموريتاني عبد الرحمن ولد سعيد، بعدم الانصياع لرغبة والديه، والزواج بفتاة رشيقة بالفشل، فالسنوات الأربع التي قضاها في باريس كانت كافية لتغيير طريقة تفكيره، والانقلاب على عادات وتقاليد بلده، التي بات يراها متخلفة.
الوالدان يفرضان على ابنهما الوحيد الزواج من إحدى فتيات القبيلة، لإنهن جميلات وخلوقات، وذوات حسب ونسب معروف، وفوق ذلك كله هن سمينات؛ وهي الفريضة الأبرز التي يجب توفرها لدى الحسناوات بحسب التقاليد المتوارثة، لكن تلك الفريضة لا تتناسب وقياسات الجمال التي عرفها وعشقها عبد الرحمن في باريس.
وبين رفض الابن لـ”السمينة” وإصرار الوالدين عليها، تدخل صديق مقرب من العائلة، ورمى فكرة في ملعب الشاب ووالديه، بأن يتزوج الشاب فتاة سمينة من القبيلة، على أن تبقى في بلده ولا يصطحبها إلى باريس، وبذلك يكسب ود والديه وقبيلته، فالجميع هنا لا يرضى لعبد الرحمن الذي رفع اسم قبيلته بتفوقه على أقرانه في الدراسة، بسفره إلى باريس لإكمال تعليمه، أن يتزوج فتاة ينبذها المجتمع.
ووفقاً للتقاليد الموريتانية المتوارثة، كلما زاد وزن الفتاة زاد خطابها، فالسمينة مرغوبة، أما المنبوذة فهي تلك التي تمتاز بالرشاقة بعكس مواصفات الجمال المتعارف عليها عالمياً.
ويعجب الرجال الموريتانيون بالنساء الممتلئات، ودائماً ما ينظرون إلى كاحل المرأة وهي تمشي في الطرقات، وكلما كان الكاحل مترهلاً من شدة الانتفاخ، زاد إعجابهم بها، في حين يتوجب على الرجال أن يحافظوا على رشاقتهم ولياقتهم.
ويعرف شعب موريتانيا، بالطيبة والألفة الاجتماعية والالتزام بالأعراف والتقاليد، وقبل ذلك الالتزام الديني، وللمرأة في موريتانيا مكانة خاصة، واحترام كبير بين الرجال تفتقده النساء في باقي البلدان، خاصة العربية، فلا تنبذ المطلقة عندهم كما هو الحال عند بقية بلدان العرب، إنما يزداد خطاب المرأة المطلقة، بل ويرتفع أكثر إن تطلقت لأكثر من مرة.
ومعروف أن العادات والتقاليد، تندثر مع تقادم السنين، وهذا ما يحصل في موريتانيا، كما هو الحال في جميع البلدان، فللتطور أحكام، ولتعاظم التكنلوجيا أحكامها أيضاً، وهذا ما أثر بطبيعة الحال على الرغبة بالزواج من فتاة “سمينة” في عدد من المدن الموريتانية، وأبرزها نواكشوط العاصمة، لكن القبائل في المحافظات والقرى ما زالت تلتزم بها حتى الآن.
أما هدى -وهي فتاة والدها طبيب- فقالت: إن جمال النساء في بلدها يعتمد على ضخامة جسم المرأة؛ حيث إن الرجال يُعجبون بالمرأة السمينة وتكون أكثر إثارة بالنسبة لهم، لذلك فإن الفتيات اليافعات ليس لهن حظ في الزواج.
وأوضحت أن الأمهات في موريتانيا يقمن بما يسمي الإطعام القسري لبناتهن منذ صغرهن حتى يتم تسمينهن، لافتة إلى أنهن يحرصن على تزويد أطفالهن بواجبات الكسكسي وحليب النوق طوال الوقت؛ حيث إنهن يعتبرن أنه كلما زاد وزنهن زاد حظهن في الزواج.
وأشارت إلى أن النساء في موريتانيا يفعلن أي شيء لتزويد شهيتهن للأكل باستمرار؛ حيث إن البعض منهن يستخدمن أدوية يعرفن أنها مضرة لصحتهن وأجسامهن ومع ذلك يستخدمنها.
وشددت هدى على أن والدها الطبيب عالج نساء كثيرات عانين من مشاكل صحية بسبب إفراطهن في الأكل، الأمر الذي أدى إلى زيادة وزنهن بشكل كبير، وأن هناك حالات وصلت إلى مراحل سيئة للغاية.
ورأت أن الرجال في موريتانيا عندهم اعتقاد خاطئ بأنه إذا كانت الفتاة رفيعة فإنها هزيلة ومريضة، لذلك لا يرغبون في الزواج منها، في الوقت التي تشعر فيه البدينات بسعادة كبيرة بوزنهن.
وأكدت هدى أنها غير راضية عن وزنها، وأنها تصر في الابتعاد عن الأكل الدسم إلا أن والدتها وخالاتها يرفضن ذلك لأنها يريدان أن تأكل طوال الوقت حتى تكون بدينة وتتزوج.
واعتبرت أن المرأة في موريتانيا لها نفوذ أكثر من الرجل، خاصة أنها هي المتحكمة في البيت، حيث تعمل على الاهتمام بكل أمور البيت وتربية الأطفال، لافتة إلى أن هذا الأمر يجعلها بعيدة عن التعليم والحياة السياسية بشكل كبير.
وبخصوص سلمى بنت هارون، ينتابها شعور بالحزن، وهي تسير في شوارع روما، فالإيطاليات جميلات برشاقتهن، وهي منبوذة لسمنتها المفرطة.. هكذا ترى نفسها، فلا تستطيع ارتداء البنطلون وتلتزم بارتداء الزي الموريتاني، الذي يخفي تفاصيل جسمها المترهل إذا ما قورنت بالملابس التي ترتديها الإيطاليات، فيما يبدي الإيطاليون إعجابهم بزيها، وأحياناً يلتقطون معها الصور التذكارية، لأنها ترتدي زياً أفريقياً، لم يعتد الإيطاليون على رؤيته في بلدهم، وبالرغم من أن إيطاليات كثيرات طلبن منها جلب زي موريتاني لهن عند زيارة بلدها، تبقى سلمى تشعر بفرق شاسع بين ثقافة الجمال في بلدها وبلدان أخرى.
وهناك في بلدها، حين تعود في إجازة مع زوجها، الذي يعمل في شركة للأثاث بإيطاليا، تنفرج أسارير سلمى، ويذهب الحزن عنها، حيث تشعر برشاقتها وجمالها وأنوثتها الطاغية، وتتباهى بلحمها المترهل من الكاحلين، وهي تمشي الهوينا في أسواق موريتانيا الجميلة.
وفي هذا الصدد، تقول امرأة ستينية تدعى فاطماتو، تدير ما يشبه مزرعة التسمين في شمالي بلدة عطار، ويرسل الأهالي بناتهم إليها لغرض تسمينهن وهن صغيرات، وفق ما ذكرته مصادر صحفية محلية، إنها ترغم الفتيات على أكل الكثير والكثير من الطعام في الصباح، وشرب الكثير من الماء قبل أن يخلدن للراحة في الظهيرة، وبعد الظهر تبدأ في إطعامهن مرة أخرى ثم مرة ثالثة في المساء.
وتمضي فاطماتو قائلة: “يندر أن ترفض الفتيات تناول الطعام، وإذا ما حدث ذلك فإننا نلجأ أولاً إلى استمالتهن، أما إذا أصررن على الرفض فإننا نلجأ إلى إطعامهن قسراً.
على الفتيات في هذه المزرعة أو المعسكر بحسب ما أطلق عليه صحفي غربي أعد تقريراً حول هذا الموضوع، أن يتناولن 15 ألف سعرة حرارية في اليوم، وتكثر مثل هذه المعسكرات في فصل الخريف حيث تتكاثر الجِمال ويتوفر الحليب، وتجبر الفتيات على تناول فتات الخبز المغموس في زيت الزيتون وحليب النوق وقت الإفطار، ثم يتناولن وجبات متكررة من لحم الماعز والخبز والتين والكسكسي مع شرب المزيد من الحليب.
وتستخدم في عملية التسمين هذه عدة أساليب كالضرب، والضغط على الأصابع بقطعتين خشبيتين، وقرص الجلد بالأظافر، وكلما توقفت الفتاة عن الأكل أو الشرب، ضغطت المسمنات على طرفي القطعتين الخشبيتين، فتسارع الفتاة إلى ازدراد كل ما أعطيت حتى تخفف عنها الألم.

نقلا عن جريدة التحرير

Exit mobile version