زكاة الجاه الفريضة الغائبة لماذا و كيف ?
سنقدم للقارئ الكريم لمحة عن هذه الفريضة التي هي من الفرائض و السنن و كانت فيما مضي معلومة و معروفة و لها حقها و مكانتها من طرف الأوائل في المجتمع الموريتاني المحافظ و اليوم غابت و أصبحت من الماضي مثل الأوائل .
قد كان لايجهلها الغبي و اليوم لايعرفها الذكي
سنتعرف عليها كما قدمنا ونناشد الجميع إحياءها بدء بالقائمين علي هذا النظام الخدوم و هذه السياسة المباركة نتعرف عليها من خلال النقاط التالية
1- تعريفها لغة و اصطلاحا
2- ثم ما هو حكمها
3- ثم نناقشها فنشبعها شرحا و تفصيلا
الزكاة لغة هي : الطهارة و النماء ، و الجاه لغة المنزلة و الشرف يقال هو عريض الجاه و ذو منزلة في قومه و اصطلاحا : القوة و السلطة
أما اصطلاحا فالزكاة تعني : التعبد لله تبارك و تعالي بإخراج جزء واجب شرعا في مال معين لطائفة أو جهة مخصوصة ، و زكاة الجاه مثل ذالك مع قليل الفارق فهي قيام صاحب الجاه بإعانة أو واسطة أو تدخل لفرد أو جهة أو طائفة من أجل حصولهما علي معني مادي أو معنوي شرعيين إبتغاء وجه الله تبارك و تعالي لا غير كما هو المشهور عند الجمهور .
هذا من حيث تعريف زكاة الجاه في اللغة و الإصطلاح
أما حكمها فقيل واجبة و المشهور في المذهب أنها من السنن و الشافعي يري أنها مثل زكاة المال البيت
و أدي زكاة الجاه و اعلم بأنها مثل زكاة المال تم نصابها
أما من حيث المحتوي فنناقشها فيما يلي :
فنقول إن زكاة الجاه الفريضة الغائبة هي من أولي النعم التي تستوجب الشكر كسائر الفرائض و العبادات
إنها هبة من الله إمتن بها علي صاحبها خدمة للبلاد و العباد فبها يستطيع صاحب الجاه أو المنصب أن يفعل الخيرات و يكتسب المكرمات و يخفف الأعباء و يفرج الكربات
و التاريخ الإسلامي ماضيا و حاضرا قد خلد ذكر هؤلاء و مجدهم فكانت كل أيامهم أعيادا يذكرون في كل مجلس و يوضع التاج فوق رؤوسهم في كل مؤتمر و تتلقاهم الجماهير بالزهور و الأكاليل بسبب سعيهم لهؤلاء و نفعهم كما ينتظرهم الجزاء الأوفي و الثواب الأعظم وعدا من الله قال تعالي :(( إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا ))
يقول الدكتور مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الديار المصرية :
لقد طالبت بضرورة نشر و إحياء زكاة الجاه باعتبارها فريضة غفل عنها و نسيها كثير من أصحاب المناصب و الجاه في الوقت الحالي رغم ما تحققه من تكافل و تكامل و تدعم به من إنتماء و ولاء للمجتمع و الوطن هما في أمس الحاجة في أيامنا هذه و يقول الدكتور مجدي : إن الله تبارك و تعالي يقول مخاطبا عبيده : ((و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )) و يقول لاشك من أن في تطبيق هذه الفريضة القضاء علي أمراض القلوب و الصراع الطبقي.
يقول العلماء إن من معاني زكاة الجاه إعانة الغير لجلب منفعة أو دفع مضرة و يقول سيد الخلق صلي الله عليه و سلم ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر علي معسر يسر الله عليه في الدنيا و الآخرة و من ستر مؤمنا ستره الله في الدنيا و الآخرة و الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه)
وينسب للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كلام حسن في هذا المقام فقد قال : زكاة العلم نشره و بذله لمستحقه و إجهاد النفس في العمل به ، و زكاة الجاه بذله ، و زكاة الحلم الإحتمال ، و زكاة المال الإفضال وزكاة القدرة الإنصاف ، وزكاة الجمال العفاف ، و زكاة الظفر الإحسان ، و زكاة البدن الجهاد و الصيام ، وزكاة اليسار بر الجيران و صلة الأرحام ، و زكاة الصحة السعي في طاعة الله ، وزكاة الشجاعة الجهاد في سبيل الله ، و زكاة السلطان إغاثة الملهوف ، و زكاة النعم اصطناع المعروف
إن المتتبع و المتسطر للتاريخ الإسلامي و لمنظومة الشريعة الإسلامية سيتبادر له مكانة و أهمية زكاة الجاه في هذه الشريعة الغراء علي صاحبها أزكي الصلاة و السلام فلقد بلغ من حثه صلي الله عليه و سلم علي زكاة الجاه الفريضة الحاضرة عنده الغائبة عند بعضنا أن قدمها علي بعض السنن من العبادات كالإعتكاف فقد قال عليه الصلاة و السلام ( لأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في مسجدي هذا .
و الشفاعة نوعان شفاعة حسنة ، و شفاعة سيئة ، فالشفاعة الحسنة مساعدة الناس العاجزين منهم من أجل الوصول إلي حقوقهم و قضاء حوائجهم أو دفع الظلم عنهم أو إصلاح ذات بينهم قال تعالي ((من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها )) و قال صلي الله عليه و سلم ( إشفعوا تؤجروا و يقضي الله علي لسان رسوله ما أحب.
أما الشفاعة السيئة مثل الإعتداء علي حقوق الآخرين أو ظلمهم أو تقديمهم في حق لغيرهم أو الإضرار بالمصلحة العامة فإن ذالك محرم قال تعالي (( ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها ))
هذا وقد بين العلم الحديث و الدراسات المعاصرة ما معناه أن زكاة الجاه تفيض علي الناس بالصحة
و السعادة و الخير و المال . فاستمع إلي قرار الطب البشري أخيرا أن السعادة التي هي من ثمرات زكاة الجاه هذه و العمل الصالح أنها أي السعادة تشفي الأمراض يقول السير هييخ أو جلفي الجراح العالمي البريطاني الذي أمضي 44 سنة في الأبحاث السرطانية أن السعادة يمكن أن تشفي الأمراض دون علاج و لقد اهتدي في ذالك إلي جملته الخالدة ( السعيد لا يصيبه السرطان أبدا ) و في النهاية ننهي المقال بجملة من الأهداف يمكن أن نستفيدها من خلال إحياء فريضة زكاة الجاه.
1 – المحفظة علي الإستقرار الإقتصادي و الناتج المحلي
2 – توزيع مصادر النمو
3 – إعلان القيمة الحقيقية للإعتمادات
4 – تخفيف آثار الأزمات الإقتصادية و الإجتماعية
5 – مواجهة استحقاقات التنمية
6 – إمتصاص البطالة
7- دعم الإستقرار السياسي و الإجتماعي
8 – تفجير طاقات القطاع الخاص
بقلم: أمين الشنقيطي