علمت متأخرا برحيل الصحفي الكبير والمثقف الفذ والصوفي الزاهد سيدينا ولد اسلم.
عرفت الوالد سيدينا – كما يفضلني ان اناديه – مطلع الألفية في الوكالة الموريتانية للانباء وكنت اقرأ له قبل ذلك في الصحف الوطنية.
جمعتني علاقة التلميذ بالاستاذ، استاذ من نوع فريد، كنا نلتقي في فضاء العمل المهني، كان يحفزني للنقاش في مختلف القضايا، استفدت كثيرا من خبرته الطويلة ومن تحاليله العميقة ورؤيته الثاقبة.
كان رحمه الله متميزًا فهو من القلائل من جيله الذين استطاعوا مواكبة التطور التكنولوجي والتكيف مع البيئة المعلوماتية والانتقال من عهد الورق للعصر الرقمي.
الوالد سيدينا ولد اسلم احد رواد الصحافة العربية في موريتانيا، وكان ينوي اطلاق مشروع اعلامي خاص عام 2007، وقد عرض علي الفكرة وطلب – بكل تواضع – رأيي!!!
صعقت، لأن قامة بحجم سيدينا ولد اسلم افنى عمره في العمل الصحفي المهني يطلب راي غر مثلي، لكن الامر شكل دفعا معنويا كبيرا وحافزًا للنقاش.
المشروع المقترح كانت له رمزية هامة في تاريخ البلاد فقد كان باسم مؤسسة “القبة” الإعلامية.
قدمت للوالد سيدينا حينها مقترحا حول المخرجات الإعلامية المتاحة فنيا والملائمة تجاريا لمشروع اعلامي جديد.
أضفت للمقترح ملحقًا يتعلق بالسياسة التحريرية وضرورة استلهام قيم “القبة” وتوطينها في الاعلام الوطني، وبشكل عام مناقب سيدي عبد الله ولد الحاج إبراهيم وفهمه للدين والمجتمع، ورؤيته السابقة لزمانه، فهي امور يحتاجها الحقل الصحفي الوطني في ذلك الوقت، وهو لعمري لها اليوم أحوج.
المغفور له سيدينا استحسن المقترح وشرعنا فعليا في تجسيده وقد شرفني بزيارة المنزل مطلع 2008، لكن الظروف العامة منعت إنجاز المشروع.
آخر عهد لي بالمغفور له سيدينا قبل أشهر التقيته امام مقر اتحاد العمال الموريتانيين وحدثته عن نقاش حول مشروع قانون الصحفي المهني وضرورة مشاركته، فقبل مشكورًا، لكني سافرت أثناء التحضيرات ولم تتمكن اللجنة الفنية من الحصول على رايه في الوقت المناسب.
رحم الله سيدينا ولد اسلم وتقبله مع الشهداء والصالحين وربط على قلوب ذويه ومحبيه وألهمنا الصبر والسلوان.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.