القدس العربي: في موريتانيا انشغال بالبذخ في الأعراس والأوراق النقدية تتطاير فوق الرؤوس

تعتبر حفلة الزفاف في موريتانيا من مناسبات الأفراح التي تجر معها تاريخا ثقيلا ومليئا بالمعطيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية: فالعرس كان ولا يزل مناسبة لترسيخ التكافل بين أفراد المجتمع سواء من خلال الهدايا التي يقدمها الأقارب والأصدقاء والجيران لأهل العرس، أو من خلال «الغرامة» التي تعطى للعروس والعريس.

كما أن العرس، هو من الذكريات السارة التي تبعث على الارتياح النفسي، ومن جهة أخرى فإن حفلة الزفاف تجسد التفاوت الطبقي الذي ميز المجتمع من حيث المستوى المعيشي والذي يتجلى في عدد ونوعية وجبات الطعام، وفي الأثاث والأواني المستعملة في الأعراس، وفي قيمة المهر، وتجهيزات العروس وكذلك من خلال طريقة الأكل.
لكن البذخ في الأعراس الموريتانية، يثير هذه الأيام موجة استياء ونقد واسع، شارك فيه الجميع، ورفضه الباذخون.

الفلوس فوق الرؤوس

بينما يعض الفقر نسبة كبيرة من أبناء الشعب، وينط الشبان من فوق أسوار الحدود الأمريكية هربا من العوز، تنتشر في العاصمة نواكشوط على نطاق واسع، ظاهرة البذخ في الأعراس.
هذا البذخ الهائل فجر تدوينات وتدوينات ونقاشات ونقاشات، وتناوله الخطباء على المنابر وانتقده رجال الدين.
عادات غريبة
قديما في بوادينا، يقول المدون عثمان محمد، كانت الناس تنتظر الأعراس والأعياد بلهفة، وحين يتجمع الشباب من الجنسين في كل مساء من مساءات الأفراح تلك، حول صاحب الطبل أو متعهد اﻷفراح، وقبل انفضاض التجمع، يقوم المتعهد أو من يقوم مقامه بالمناداة عاليا باسم كل فتاة على حدة، ثم يتوالى النداء بأسماء الفتيات، فيتبارى الشبان برمي كل ما هو ثمين على مطلق النداء، كل واحد، يجود بما لديه، عند سماع اسم خطيبته أو زوجته أو من تربطه بها صلة ود.

بذخ المشائخ

وتناول الباحث والمدون المقروءة كتاباته عبد الله محمد ظاهرة بذخ المشائخ منتقدا بذخهم من زاوية دينية.
وقال «فليعلم المنافحون عن بذخ الأشياخ والشيوخ الذين يعتبرونه خاصا ومنزها وغير قابل للنقد كغيره، أن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنهما، كانوا مليونيرات في فترات من أعمارهم، وهم عين الصالحين بتزكية نص القرآن، وبالسنة تقريرا بالقول وتقديرا وفلوسهم لم يجدوها بالهدايا والأتباع، ولم يحدث أن رموا الفلوس على أحد».

حرية الإنسان في ماله

وتناول أكبر مدوني موريتانيا سيدي محمد ظاهرة البذخ والتبذير فكتب يقول «بذخ الشيخة المصون وتطاير الأوراق النقدية فوق الرؤوس تبذير لا يليق».
وأضاف «يجادل البعض بأن الإنسان حر في ماله، ولا جدال في ذلك، لكن السفيه يحجر عليه، والسفيه في مذهب المالكية هو: البالغ الذي لا يحسن التصرف في ماله».
مضيفا أنه «أنه ليس من المروءة أن تصرف الأموال في غير مصرف وحولنا من الجياع والمرضى ما لا يعلم عدده إلا الله».

الفقيه ينتقد

وبادر محمد سالم المجلسي وهو سلفي متشدد لانتقاد البذخ، وقال «من المذموم أشدَّ الذَّم والمستقبح أعظم الاستقباح ما نراه ونسمع به من إضاعة المال على وجه الرِّياء والمباهاة في أجواء المعاصي والمنكرات على أنغام التافهين بأيدي أَكلة المال العام، وسَدنة الصَّفقات العمومية».
وزاد «ويزيد المشهدَ سوءًا ما نراه من أجواء الفاقة والإملاق والتقلُّب على فُرُش الأوجاع والأحزان التي يشكوها كثير من النا ، إنها أجواء تدعو إلى ضرورة العودة إلى تحكيم الشريعة التي تحرِّم الإسراف والتبذير».

القدس العربي

Exit mobile version