الحاج أشهر ممرض في موريتانيا 50 سنة في خدمة “الصحة”

الحاج ولد لحسن ولد عبد الله الحاج ولد لحسن ولد عبد الله : “وشحني المختار ولد داداه رحمه الله سنة 1973، وتقاعدت سنة 1989، ولا أزال أمارس مهنتي في التمريض وختان الأطفال”، هكذا يختصر الممرض الحاج ولد لحسن تاريخ عمله الرسمي في قطاع الصحة، لكن شهرة الرجل بالنسبة لأغلب سكان نواكشوط لا يمكن اختصارها في كلمات، فقد بات الرجل أحد أهم المعالم الأساسية في نواكشوط، وخصوصا في مقاطعة لكصر، حيث عمل الحاج طيلة ثلاثة عقود ممرضا في المركزي الصحي للمقاطعة.
ولا يتذكر أغلب العاملين في المستشفى ولا في وزارة الصحة، أسماء أغلب المديرين الذين تعاقبوا على مستوصف لكصر لكن الجميع يعرف أن ذلك المستوصف يحمل اسما شهيرا، وهو ” طب الحاج”.
لسنوات عديدة بل لا يزال الرجل أشهر ممرض في تاريخ موريتانيا، يتذكر بقوة حين جاء إلى نواكشوط قبل الاستقلال بشهر واحد، قادما من مدينة تمبدغة في أقصى الشرق الموريتاني.

بدأت نواكشوط تستهوي الفتى الأسمر المفعم بالنشاط والحيوية، وخصوصا مهنة الطب وتقديم خدمات العلاج للمواطنين.
يقول الحاج ” لقد كان راتبي 1200 فرنك إفريقي” وكان راتبا حينها مجزيا، يمكنني من شراء وتحقيق كل متطلباتي.
يتذكر الحاج أحد مؤطريه الأساسيين وهو الفرنسي كاريير الذي كان يعمل في صيدلية المستشفى، وكان يمنح المرضى الأدوية بشكل مجاني.
كان الفرنسيون حريصون على استصحاب الحاج في البعثات الطبية إلى الداخل حينما كانوا مسيطرين على أغلب الطاقم الصحي، بسبب نقص الكوادر الوطنية.
يرتبط مستوصف لكصر، باسم الحاج، ورغم أن الرجل لم يكن الوحيد في هذا المستوصف القديم، إلا أنه كان الأشهر بسبب حسن أخلاقه وتعامله الإيجابي مع المرضى ومرتادي المستوصف، ويقول الحاج : ” لقد عملت في صيدلية المستشفى لسنوات طويلة، وكنت أمنح المرضى المحتاجين الدواء بشكل مجاني لأن صيدلية المستشفى كانت تحصل عليه بشكل مجاني من الفرنسيين.
الحاج يخطو الحاج في سنواته الثالثة بعد السبعين، بعد أن سلخ أكثر من خمسين في خدمة قطاع الصحة، وارتبط اسمه بنوع من التعامل الإيجابي مع المرضى بات منقرضا أوشبه معدوم في سلوكيات أغلب عمال الصحة، فالحاج كريم بالدواء والعلاج، مبتسم لكل الرواد، يتحمل مضايقات المرضى والزوار بشكل أخوي لبق.
ويقول رواد مستوصف لكصر إن الحاج علامة لماركة طبية منقرضة في موريتانيا، تتميز بالإيجابية وحسن التعامل والبساطة، إضافة إلى التوفيق في العلاج وتسهيل خدمة الشفاء، دون مقابل أو بحث عن رشوة.
يشتهر الحاج بالجراحة الصغرى “الختان” ويتذكر أنه أجرى هذه الجراحة لعدد كبير من المسؤولين العاملين الآن في الدولة وبعض كبار المثقفين والفنانين في البلد.
لكن خدمات الحاج لم تقتصر فقط على الجراحة الصغرى، فقد كان قبلة أغلب القادمين إلى مستوصف لكصر يستقبل أمراضهم الكثيرة، ويقوم بتضميد الجراح وتقديم العلاجات الأولية.
يتخذ الحاج من منزله المتواضع في لكصر عيادة طبية أغلب روادها من أرباب الأسر الساعين إلى ختان أطفالهم، ويقول الحاج: ” لقد سكن أول قضاة نواكشوط المرحوم الإمام ولد الشريف ولد الصبار” في هذا المنزل، وعندما غادره استدعاني وسلمه لي، ثم تنازلت لي الدولة حينئذ عنه”.
لكن علاقات الحاج لم تقتصر على تلك العلاقة الطيبة مع “قاضي البلدة” الإمام ولد الشريف فحسب بل شملت شخصيات كبيرة من المجتمع مثل خالد الذكر الإمام بداه ولد البوصيري رحمه الله، ويقول الحاج ” لم أكن أستلم أية أوقية من الشيخ بداه ولد البوصيري عندما يستدعيني إلى منزله لمعالجته، فقد كنت أرى أن دعوات هذا الإمام الجليل خير من الدنيا وما فيها”.

الأديب الكبير محمدن ولد سيدي ابراهيم كان هو الآخر من أصدقاء وزبناء الممرض الحاج” لقد كان يستدعيني إلى المنزل وكنت أعالجه، إضافة إلى شخصيات أخرى من أهل نواكشوط”.

يقول الحاج ولد لحسن إنه حياته هادئة ومستقرة: فأنا أب لأبناء سلكوا طرقا متعددة في الحياة، وتنقلوا في وظائف وقطاعات مختلفة، فأحد أبنائي عسكري وابنتي أستاذة للغة العربية، وقد أديت فريضة الحج بحمد لله تعالى سنة 1971ضمن بعثة رسمية.
ولا تختلف يوميات الحاج عن أغلب يوميات المتقاعدين في موريتانيا حيث الرحلة العتيقة بين المسجد والمنزل، إضافة إلى زاد المتقاعدين ” مصحف وكتب تتعلق بالمهنة العتيقة، وجهاز إذاعي تعود منذ سنوات أن يظل مضبوطاعلى إذاعة فرنسا الدولية”.
موقع السراج

Exit mobile version