فاجأ قرار الحكومة الموريتانية إغلاق جمعية المستقبل الساحة الوطنية، على الرغم من الأحداث العنيفة و”التصريحات النارية” التي مهدت لهذا القرار والتي نتجت عن حادثة تيارت مطلع الأسبوع الماضي.
وبسرعة كبيرة تراجعت السلطات الموريتانية عن قرارها بإغلاق ثلاث مؤسسات تابعة لحركة الإخوان المسلمين في موريتانيا أو مملوكة لقادة بارزين من الحركة، مركز النور الصحي في بوحديدة، معهد تعليم البنات ومدارس الاطلسي. وحسب معلومات “الحروف الثائرة” فإن مبرر السلطات في إغلاق هذه المؤسسات هو تبعيتها لجمعية المستقبل للثقافة والتعليم.
ارتباك الوزارة اتضح بشكل أكبر بعد عدة أيام من حل الجمعية، حيث اكتشفت فجأة أن الجمعية غيرت اسمها وهيئاتها دون “إبلاغ” الجهات المعنية حسب ما ينص على ذلك قانون الجمعيات الموريتانية، وهي الثغرة القانونية التي كان الأولى بالوزارة إدراجها في المقرر الذي حلت بموجبه الجمعية.
وعلى الطرف الآخر من المشهد، بادر الشيخ محمد الحسن ولد الددو، الموجود خارج البلاد، إلى التهدئة وقلل من شأن الأمر، معتبرا في مقابلة مع مجلة المجتمع الكويتية، إغلاق جمعية المستقبل وفروعها حدث بناء علي تقارير مغلوطة، مضيفا أنه سيتواصل يوم الأحد مع المسئولين لتصحيح الوضع، وهو ما تم بالفعل حسب معلومات “الحروف الثائرة”.
الحكومة الموريتانية لم تتأخر في تهدئة الموقف، حيث تحدثت وزارة الداخلية للوكالة الموريتانية للأنباء عن عدم وجود صلة قانونية بين الشيخ الددو والنائب البرلماني محمد محمود ولد سيدي، مع جمعية المستقبل للثقافة والتعليم، وهو ما فهمه المراقبون على أنه “نصف اعتذار”.
عوامل تهدئة الموقف بين الطرفين عديدة، فالإخوان شاركوا في الانتخابات وحققوا مكاسب مهمة، رغم مقاطعة حلفائهم في المنسقية، كما أنهم ليسوا في أفضل أوضاعهم “القتالية” فدول الخليج العربي أعلنت “الحرب”، والنظام المصري الجديد ماض في “استئصال التنظيم الدولي”….، كما أن النظام الموريتاني مقبل على انتخابات رئاسية وهو ما يجعل توتير الأجواء قبلها أمرا ليس في صالحه. كما أن الصراع المفتوح مع الإسلاميين سيفقد إنجازاته “الإسلامية” (طباعة المصحف، اكتتاب الأئمة، قناة المحظرة…) بعض ألقها، إضافة إلى أن تجربة ولد الطايع معهم تشكل هاجسا للأنظمة الموريتانية المتعاقبة منذ 2005.
ورغم أن الوقت مبكر جدا للحكم على مستقبل العلاقة بين طرفين يفتقدان الثقة في بعضهما البعض فإن صوت العقل سيعلو في النهاية كما أن المصلحة تقتضي تأجيل الصراع حتى تتأتى الظروف.
فهل يكتفي الطرفان بهذا القدر من تبادل الرسائل، أم أن تيار الصقور سيغلب تيار الحمائم؟..