لم تتوقف الانتقادات الموجهة لإدارة الرئيس جو بايدن على خلفية الارتفاع التاريخي في نسب التضخم، كذلك ضرب النقص الحاد في حليب الأطفال الرضع أي مصداقية باقية للإدارة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.
ومنذ شهر فبراير/شباط الماضي اختفت 43% من إمدادات حليب الأطفال من المتاجر في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وجاء هذه النقص بعد أن أغلقت شركة “أبوت نيوترشن”، أكبر منتج لحليب الأطفال في أميركا، مصنعها في ستورغيس بولاية ميشيغان، بسبب مخاوف من تلوث منتجاتها.
ومنذ بداية العام أُدخل 4 أطفال رضع ممن يستهلكون منتجات الشركة إلى المستشفى مصابين بالتهابات بكتيرية، وتوفي اثنان منهم، وهو ما استدعى إغلاق المصنع على الفور.
واستدعت الشركة منتجاتها، وسحبتها من السوق، وأصدرت إدارة الأغذية والأدوية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تعليمات إلى العائلات بالتحقق من موقع شركة “أبوت” الإلكتروني لمعرفة إن كان لديهم منتج قيد الاستدعاء.
ونصحت إدارة الأغذية والدواء المستهلكين بعدم استخدام حليب الأطفال المسحوق من أنواع “سيميلاك” (Similac) أو “أليمنتوم” (Alimentum) أو “إليكير” (EleCare).
وترك إغلاق المصنع الأكبر في الولايات المتحدة وسحب المنتجات الأهالي يتدافعون للعثور على حليب الأطفال، فأدى ذلك إلى اختفائه من الأسواق.
وتتدافع العائلات الأميركية على المتاجر الكبرى للعثور على حليب الأطفال لإطعام أطفالها الرضع، وأصبح من الطبيعي أن تذهب الأمهات أو الآباء إلى عدد كبير من المتاجر قبل أن يتمكنوا من العثور على حليب لأطفالهم الرضع.
بايدن يحاول تدارك الأزمة
تنتج الولايات المتحدة 98% من احتياجاتها من حليب الأطفال محليا، واستدعى ذلك أن توافق إدارة الغذاء والدواء الفدرالية على تعزير الواردات من حليب الأطفال لتخفيف النقص غير المسبوق في حليب الأطفال الرضع.
وتعدّ تشيلي وأيرلندا والمكسيك وهولندا مصادر محتملة لواردات إضافية، وفقا للمسؤولين. ويتوقع الخبراء أن تصل شحنات الواردات إلى المتجر الأميركية خلال 8 أسابيع على الأقل.
وأعلن البيت الأبيض سلسلة من الإجراءات لمعالجة النقص في حليب الأطفال في جميع أنحاء الولايات المتحدة؛ منها الحد من تعقيدات الإجراءات الروتينية، وتسريع إعادة الإنتاج، وتسهيل استيراد التركيبة من الخارج، فضلا عن خطة للقضاء على التلاعب بالأسعار في جميع أنحاء البلاد.
ويلقي الجمهوريون باللوم على بطء التحرك الحكومي لمواجهة هذه الأزمة على الرئيس بايدن، في وقت تنخفض فيه نسبة الرضا عن أداء بايدن لمهامه الرئاسية إلى ما دون الـ40%.
واجتمع الرئيس جو بايدن قبل نحو أسبوعين مع مديري متاجر وول مارت وتارغت وريكيت وجربر لمناقشة سبل تخفيف النقص.
وطاب بايدن من لجنة التجارة الفدرالية استخدام سلطتها لمراقبة تقارير التلاعب بالأسعار وسط النقص، وتعمل وزارة العدل مع المدّعين العامين في الولايات للتعامل مع السلوك غير المناسب من قبل تجار التجزئة.
ودعت إدارات الصحة في كل الولايات الأهالي إلى الإبلاغ عن أي إصابات أو أعراض تظهر على أطفالهم الرضع مثل الحمى وسوء التغذية والبكاء المفرط والطاقة المنخفضة جدا.
في الوقت ذاته أعلنت إدارة الأغذية والعقاقير تخفيف بعض القيود التي تُسهل على المصنعين إنتاج حليب الأطفال وبيعه، وجاء -في بيان لها- أن “إرشاداتنا الجديدة تبسّط قدرة الشركات، بما في ذلك تلك التي لا تبيع عادة حليب الأطفال في الولايات المتحدة، على إتاحة المنتجات للسوق الأميركية”.
وأضاف البيان أن إدارة الأغذية والعقاقير “تبحث عن مصنعين في جميع أنحاء العالم قد تكون لديهم منتجات متاحة يمكن أن تلبي معاييرنا لكل من التغذية وسلامة الأغذية”.
ويعدّ نقص الحليب الصناعي مثالا استثنائيا على فشل نظام الرعاية الصحية لرعاية الأطفال في الولايات المتحدة، حيث لا توفر الجهات الحكومية هذا المنتج مباشرة لمن يحتاجه من الأطفال الرضع كما هو الحال في عدد من الدول المتقدمة.
وطالب بعض المعلقين بايدن باتخاذ إجراءات استثنائية، منها تعليق التعريفات الجمركية على حليب الأطفال وتبسيط الموافقات على الواردات العالية الجودة لتخفيف النقص على الفور.
لكن الواردات الجديدة وحدها ليست الدواء الشافي، لأن العديد من الرضع لا يستطيعون تحمل سوى أنواع محددة من الحليب الصناعي.
وفي بيان صدر حديثا، قالت شركة “أبوت” إن إعادة فتح المصنع المغلق مرهونة بموافقة إدارة الغذاء والعقاقير، وإن الشركة يمكنها إعادة تشغيل موقع ستورغيس “في غضون أسبوعين”، ولكن الوقت الذي تحتاج إليه الشركة لوصول المنتجات إلى أرفف المتاجر سيستغرق 8 أسابيع.
المصدر : الجزيرة