سيف الإسلام القذافي يُعلن رسميًّا ترشّحه لانتخابات الرئاسة الليبية المقبلة

أكدت “المفوضية الوطنية العليا للانتخابات” في ليبيا، الأحد، تسلمها ملف ترشح سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي لانتخابات الرئاسة.
جاء ذلك في تصريح أدلى به عضو المفوضية عبدالحكيم بالخير لمراسل الأناضول.
وقال بالخير إن سيف الإسلام “قدم أوراق ترشحه لرئاسة ليبيا بمكتب مفوضية الانتخابات في مدينة سبها “جنوبي البلاد.
وأضاف أن سيف الإسلام “استكمل جميع المصوغات القانونية وفق قانون انتخاب رئيس الدولة الصادر عن مجلس النواب (البرلمان)”.
وفي وقت سابق الأحد، تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع مصورة لسيف الإسلام، وهو داخل فرع مفوضية الانتخابات في سبها، ويرتدي عباءة وعمامة بنيتين، ويبدو الشيب ظاهرا في ذقنه الطويلة.
وكان الى جانبه محاميه خالد الزائدي. ووقّع سيف الإسلام عددا من الأوراق، وبعدها تلا آية من القران، وختم قائلا “بارك الله فيكم”، قبل أن يغادر مقرّ المفوضية في سبها.
وظل ظهور ومكان وجود سيف الإسلام القذافي طيلة السنوات الماضية غامضين، وأحاط تحركاته بالسرية الى حد كبير، خوفاً على الأرجح من التعرّض له، لا سيما أنه كان من أبرز أركان نظام والده الذي انقلب عليه الليبيون.
ولعل اختياره لتقديم ترشحه في سبها يعود الى أنها معقل قبيلة القذاذفة، أي المكان الذي لا تزال عائلة القذافي تتمتع فيه بقاعدة شعبية وبنوع من الحماية.
وهذا أول ظهور رسمي داخل البلاد لسيف الإسلام، منذ مقابلة متلفزة أجرتها معه “قناة العاصمة” الليبية (خاصة) عام 2013.
ويعود سيف الإسلام إلى الواجهة السياسية في ليبيا من جديد بعد نحو 10 أعوام من مقتل والده على يد ثوار غاضبين إبان ثورة 17 فبراير/شباط 2011.
– الوضع القانوني –
وعلى الرغم من إعلان مفوضية الانتخابات في ليبيا استكمال سيف الإسلام القذافي “المسوغات القانونية” لعملية تقديم ترشيحه رسمياً، يظل الوضع القانوني لنجل القذافي المحكوم في ليبيا بالإعدام، والمطلوب من القضاء الدولي، محل جدل.
فقد قبضت مجموعة مسلحة نهاية العام 2011 على سيف الإسلام القذافي، وتمّ نقله إلى مدينة الزنتان في غرب البلاد، وقُدّم للمحاكمة أمام القضاء الليبي.
وصدر في عام 2015 حكم ب”الإعدام” في حقّه، رمياً بالرصاص، لتورطه بارتكاب جرائم حرب لقمع الانتفاضة التي أطاحت بنظام والده العقيد معمر القذافي.
لكن الحكم لم ينفذ. في 2017، أعلنت المجموعة المسلحة التي كان محتجزاً لديها إطلاق سراحه وفقا لقانون “العفو العام” المثير للجدل الذي أصدره البرلمان الليبي.
لكن إطلاق سراحه لم يخضع لإجراءات قضائية حددها قانون العفو العام، إذ لم تصدر وزارة العدل أو المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية) أي قرارات رسمية ترفع عن سيف الإسلام الأحكام الصادرة بحقه.
كما تظل مذكرة “التوقيف” الدولية الصادرة بحقه “سارية” حتى الآن.
وأكدت المحكمة الجنائية الدولية الأحد أن مذكرة التوقيف بشأنه لا تزال سارية المفعول.
وقال متحدث باسم المحكمة فادي عبد الله لقناة “ليبيا الأحرار” التلفزيونية، “وضعية سيف الإسلام القذافي في المحكمة لا تزال كما هي، هو مطلوب وفقاً للمذكرة التي صدرت عام 2011”.
ويرى المحلل السياسي عماد جلول أن سيف الإسلام استغل الصراع والفوضى لتمرير مشروعه السياسي.
وأوضح لفرانس برس “سيف الإسلام يعرف جيداً أن أحكام القضاء في ليبيا لا تحظى بقوة على الأرض لتنفذ، ويعوّل على المناخ المنقسم بين الأطراف المختلفة، ليقدّم مشروعه السياسي الطموح ويظهر بأنه المنقذ لليبيين من الصراع المستمر على السلطة”.
ويضيف “يظل أنصار القذافي لهم ثقل في الانتخابات، وهم يمثلون شريحة شعبية واسعة، وربما تصل أصواتهم بسيف الإسلام إلى مقاليد السلطة بشكل درامي”
وغرقت ليبيا في الفوضى بعد ثورة 2011، وتسعى حاليا الى تجاوز هذا الفصل بعد حوار سياسي أطلق في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 بين الأطراف الليبية في سويسرا برعاية الأمم المتحدة، وأدى الى وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية يفترض أن تشرف على الانتخابات الرئاسية في 24 كانون الأول/ديسمبر، تليها البرلمانية في كانون الثاني/يناير من العام المقبل.
وقال في تصريح للمتحدث باسم المحكمة فادي العبد الله، لمراسل الأناضول “بشأن الوضع القانوني، فإن هنالك أمرا بالقبض لا يزال ساريا وهذا لم يتغير”.
وأوضح أن “المحكمة لا تعلق على الشؤون السياسية”.
ويقول مراقبون إن نجل القذافي، المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، اتخذ خطوة الترشح مستغلا شعور بعض الليبيين بالحنين إلى حالة “الاستقرار النسبي” للبلاد في عهد والده، بعد عقد صعب شهد الكثير من الصراعات السياسية والمسلحة.
ويعتبر سيف الإسلام ثاني مرشح يقدم أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسة؛ حيث أعلنت مفوضية الانتخابات، السبت، إن مرشح آخر تقدم بأرواق ترشحه إلى مكتبها بالعاصمة طرابلس، دون كشف اسمه.
وكانت تقارير صحفية تحدثت خلال الشهور الماضية عن احتمالية ترشح سيف الإسلام لانتخابات الرئاسة.
وفي مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية نُشرت في يونيو/حزيران الماضي، أعلن سيف الإسلام أنه أصبح الآن “رجلا حرا” ويخطط لعودة سياسية.
وتطالب المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي باعتقال سيف الإسلام بتهمة ارتكاب “جرائم ضد الإنسانية”.
وكان مساعد وزير الخارجية الأمريكية بالوكالة لشؤون الشرق الأدنى جوي هود، قال في تصريحات سابقة لقناة “الحرة” الأمريكية تعليقا على أخبار ترشح القذافي: “أعتقد أن كل العالم لديه مشكلة في ذلك. هو واحد من مجرمي الحرب. يخضع لعقوبات الأمم المتحدة ولعقوبات أمريكية”.
وأضاف: “من يترشح للانتخابات الرئاسية أمر يقرره الشعب الليبي ولكن نعم سيكون لدينا إلى جانب المجتمع الدولي الكثير من المشاكل إذا كان رجل مثله رئيسا لليبيا”.
وفتحت المفوضية فتح باب الترشح للانتخابات، الإثنين الماضي، ويستمر حتى 22 من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري للانتخابات الرئاسية، وحتى 7 ديسمبر/كانون الأول المقبل للانتخابات البرلمانية.
يأتي ذلك رغم استمرار الخلافات حول قانوني الانتخابات بين مجلس النواب من جانب، والمجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) وحكومة الوحدة والمجلس الرئاسي من جانب آخر؛ بما يهدد إجراء الانتخابات في موعدها المحدد المقرر في 24 ديسمبر/كانون الأول.
والجمعة، هدد المشاركون في مؤتمر باريس الدولي بشأن ليبيا، في بيانهم الختامي، بفرض عقوبات على الأفراد الذين “سيحاولون القيام بأي عمل من شأنه أن يعرقل أو يقوض الانتخابات المقررة في ليبيا”، سواء كانوا داخل البلاد أو خارجها.
ويأمل الليبيون أن تساهم الانتخابات في إنهاء صراع مسلح عانى منه البلد الغني بالنفط؛ فبدعم من دول عربية وغربية ومرتزقة ومقاتلين أجانب، قاتلت مليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر لسنوات حكومة الوفاق الوطني السابقة، المعترف بها دوليا.
من جهته قال الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة الليبي، عبد الرحمن السويحلي، إن من يعتقد إمكانية عودة ليبيا لعهد الديكتاتورية بعد كل ما قدم من تضحيات هو “واهم”.
جاء ذلك في تغريدة نشرها السويحلي على حسابه الشخصي بـ”تويتر” وذلك بعد ساعات من تقديم سيف الاسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية.
وأضاف السويحلي “المجرمون وعلى رأسهم سيف مكانهم في قوائم المطلوبين للعدالة وليس في قوائم المرشحين للانتخابات”.
وشدد السويحلي على أنه لا قبول “إلا بانتخابات حرة نزيهة وعلى قاعدة دستورية متوافق عليها وفي الموعد 24 ديسمبر (كانون أول) الذى كافحت من أجله في ملتقى الحوار”.
وفي وقت سابق الأحد، تسلمت “المفوضية الوطنية العليا للانتخابات” في ليبيا، ملف ترشح سيف الإسلام لانتخابات الرئاسة.
من جانبه طالب مكتب المدعي العسكري العام في ليبيا، الأحد، مفوضية الانتخابات بوقف إجراءات ترشح سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر “إلى حين امتثالهما للتحقيق”.
جاء ذلك في مراسلة وجهها وكيل النيابة بمكتب المدعي العام العسكري، محمد غرودة، إلى رئيس مفوضية الانتخابات، عماد السايح، ونشرتها وسائل إعلام محلية.
وحمل وكيل النيابة، المفوضية الوطنية للانتخابات “المسؤولية القانونية حالة مخالفة ذلك مع ضرورة موافاتنا بما يفيد الاستلام والإجراءات المتخذة من قبلكم”.
وأوضح أن “القضايا المرفوعة ضد سيف القذافي وحفتر تتعلق بقتل مواطنين بمنطقة إسبيعة (جنوب طرابلس) من قبل المجموعة المسلحة فاغنر (روسية)”.
وأردف: “كذلك ملف قضية قتل 26 طالب بالكلية العسكرية بطرابلس، وواقعة قصف مقر الهجرة غير الشرعية بتاجوراء، وقصف مدينة الزاوية”.

الاناضول – ا ف ب

Exit mobile version