مدينة باركويل
بلدية باركيول، عاصمة مقاطعة باركيول و قلبها النابض و التي يبلغ عدد سكانها حسب إحصاء 2000 6603 نسمة، تحدها بلديات بلحراث و الغبره و دغفك و كلير. لم تبدأ البلدية كعاصمة للمقاطعة فحسب، بل كان لها ذكرا قبل ذلك في الوثائق الفرنسية فيما يتعلق بالجانب العقاري و الاجتماعي بالنظر إلى الوزن الاجتماعي لساكنة المنطقة و استراتيجية موقعها الجغرافي الواقع في وسط ما سيطلق عليه لاحقا مقاطعة باركيول أو مقاطعة آفطوط، في بعض المصادر. تقع مدينة باركيول، عاصمة البلدية، بين واد ْي باركيول في الشرق، و الذي ُيطلق عليه محليا (الم ْس َي ْل التالي)، ووادي أعوينت إمجيجه الذي يتوسط جانب ْي المدينة. لذلك فقد حملت المدينة كلا الإسمين.
نشأة مدينة باركيول :
بدأ العمران في باركيول في النصف الثاني من القرن العشرين،حيث شُِّيدت أولى الدور في المنطقةسنة 1958، شيدها محمد المختار ولد لبات رحمة الله عليه، على الضفة الغربية لأعوينت امجيجيه، ليتوالى تشييد عدة منازل أخرى بال ُعدْوة الأخرى للوادي في 1962 دار كل من خطره ولد أعمر و محمد ولد أمحيجيب و 1964 دور أهل الشيخ أحمد و محمد و سيدي ابن ْي أعمر رحمة الله على الجميع. و في ظرف زمني وجيز، تواصل تشييد المنازل نظرا لتزايد ميل سكان المنطقة إلى التحضر و الاستقرار. هذا الانتقال إلى التمدن، لم ينحصر في منطقة باركيول فحسب، بل شمل نواحي البلدية كلها بما في ذلك باركيول لخظر و السنهوري و الشلخة البيظه، و اتويشيط و أحياء شرق وادي باركيول…إلخ.
و من الناحية الإدارية، كانت منطقة باركيول تابعة لمقاطعة كرو مع مركزي الغبره و لبحير. لكن بالنظر لموقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يتوسط المنطقة، إضافة لاعتبارات أخرى اجتماعية و جيوسياسية، قررت الدولة إنشاء مقاطعة باركيول سنة 1974 م بموجب المرسوم رقم 147-74 الصادر بتاريخ 1974/07/27 القاضي بإنشاء مقاطعة باركيول ومركز لعويسي الإداري التابع للمقاطعة وتم بموجب نفس المرسوم إلغاء مركز الغبرة ومركز لبحير، لتصبح باركيول عاصمة لتلك المقاطعة الناشئة مع يترتب على ذلك من إشاء إدارات و مرافق عامة يقتضيها تسيير الشؤون اليومية لسكان المنطقة. ليتعاقب عليها العديد من الحكام من تاريخ التأسيس كان أولهم الإداري باب ولد الديد وصولا إلى الحاكم الحالي للمقاطعة محمد الحافظ ولد الطلبه.
الجانب السياسي:
كانت بواكير الحركة السياسة ذات الطابع العام في باركيول مع حزب ا لشعب الموريتاني الذي كان الحزب الوحيد الذي يمثل المجتمع و الدولة آنئذ. و كان لأبناء البلدية دور بارز فيه، و قد شكل المدرسة التي تدرب فيها الكثير من أبناء على التعاطي مع الشأن العام و ممارسة الاقتراع و الانتخاب. و مع الانقلاب على الحكم المدني و مجيء العسكر إلى السلطة، ووصول المقدم محمد خونا ولد هيدالة إلى سدة الحكم ، ظهر جهاز سياسي شبيه بالحزب الحاكم سمي بـ’’هياكل تهذيب الجماهير.’’ . كان نظام هياكل تهذيب الجماهير، فكرة من الرئيس الليبي معمر القذافي تبناها ولد هيداله. و هو، و إن كان نظاما سياسيا في ظاهر الأمر، إلا أنه في حقيقة أمره، نظام أمني بامتياز يهدف إلى السيطرة على الجماهير و متابعة كل شاردة وواردة في حياتها. إلا أنه مع ذلك، كانت تجربة أخرى ساهمت في النضج السياسي لسكان المنطقة ، حيث عرفوا التنظيم في خلايا وأحياء و مناطق، و مارسوا الترشح و الانتخاب على مستويات مختلفة و شكلوا التحالفات على مستوى المقاطعة و خارجها. و قد تعاقب على منصب رئيس المنطقة، التي تشمل الحيز الجغرافي لبلدية باركيول بحدودها الإدارية المعروفة اليوم، كل من سيدي ولد أعمر و المختار ولد أزياد عليهما رحمة الله، بينما تولى الأمين ولد أحمد جدو رحمة الله عليه ، منصب عضو اللجنة الجهوية لهياكل تهذيب الجماهير على مستوى ولاية لعصابة ممثلا لمقاطعة باركيول في هذه اللجنة، و قد بذل، رحمه الله، دورا بارزا في حصول تلاميذ المقاطعة على المنح و السكن داخل مدينة كيفه. أما منصب منعش المقاطعة، و هو المنصب الأعلى في المقاطعة، فقد تولاه محمد الصغير ولد لحبوس، رحمه الله ، و هو إضافة إلى انتمائه الاجتماعي
إلى بلدية دغفك، إلا أنه كان أحد سكان بلدية باركيول حيث يوجد منزله في الحي الإداري.
و مع بداية إنشاء البلديات في عهد الرئيس معاوية ولد الطايع، أُنشئت بلدية باركيول سنة 1986، لتتلوها بقية بلديات المقاطعة الثمان لاحقا سنة 1988 . و قد تعاقب عليها حتى الآن ستة عمد من مشارب سياسية و اجتماعية مختلفة هم على التوالي:
– يحي ولد لبات
– حم ولد بْيدر
– محمد عبد الله ولد ببانة
– عبد العزيز ولد دمبه
– القاسم ولد محم بوبه
الحسن ولد محمد العبد
و تنفرد البلدية بتأصل ديمقراطيتها التي أوصلت إلى الى ُسدة البلدية أحزابا و حركات سياسية مختلفة، حيث تداولت كل المكونات الاجتماعية في البلدية على منصب العمدة و نوابه بطريقة ديمقراطية تستحق التقدير و التنويه. و على مستوى النواب، تولى اثنان من أبناء البلدية أحد مقعد ْي المقاطعة لفترات متتالية هما بباي ولد عمار و محمد ولد ببانه.
التعليم:
ليس التعليم في مقاطعة باركيول وليد اللحظة، فقد بعثت منطقة باركيول أول أبنائها إلى المدرسة النظامية سنة 1937. ففي فترة كان فيها كل طلاب المدارس النظامية في موريتانيا يعدون على رؤوس الأصابع، كان أحد أبناء البلدية، و هو خطره ولد أعمر رحمه الله، من بين ستة طلاب من ولاية لعصابة و 88 طالبا على مستوى إقليم موريتانيا يستفيدون من منحة فرنسية للدراسة في بوتلميت بقرار صادر بتاريخ 5 اكتوبر 1937 عن الوالي العام الفرنسي في موريتانيا .
و قد استطاع خلال فترة دراسته هناك تكوين علاقات مع العديد من الشخصيات التي سيكون لها دور محوري في المستقبل السياسي للدولة الناشئة ، من بينهم الرئيس المؤسس المختار ول داداه الذي عرض عليه لاحقا منصبا في الدولة الحديثة، إلا أنه أختار تسيير شؤون مجموعته المحلية. و في 1949 ، و بعد افتتاح المدرسة النظامية في كيفه بعشر سنوات، أرسلت منطقه باركيول ثاني أبنائها، هو الشيخ ولد محمد المختار ول لبات، للدراسة في المدرسة النظامية هناك و التي أُن ِّشئت سنة 1939. أما في الحقبة التي تلت الاستقلال، فقد افتتح أول قسم للتعليم النظامي في باركيول سنة 1961، و كان الأول من نوعه في منطقة آفطوط، و أرسلت له الدولة مدرسين و استقطب عدة تلاميذ من المنطقة. أما في مجال التدريس، فقد تخرج أحد أبناء باركيول هو الأستاذ بالله ولد الشيخ أحمد من معهد بوتلميت، و تم تحويله من انواذيبو إلى باركيول سنة 1974 ليباشر التدريس في نواة المدرسة الوليدة وقتئذ.
و في 1979 أرسلت مدينة باركيول أول دفعة من أبنائها إلى إعدادية كيفه، لتتوالى الدفعات بعد ذلك قبل أن يتم افتتتاح إعدادية ثم لاحقا ثانوية في باركيول، و التي كان من بين طاقمها مدير و أساتذة من سكان البلدية. و رغم ما شاب التعليم من تعثر نتيجة للكثير من الظروف غير الملائمة، و ما نتج عن ذلك من تسرب كانت نتيجته قلة عدد الخريجين مقارنة مع الأعداد التي دخلت المؤسسات التعليمية المختلفة، فإن بلدية باركيول تتميز بوجود 137 من حملة الشهادات العليا من بينهم دكاترة و مهندسون و حملة الماستر و المتريز و الليصانص، و من بين هذا العدد، هناك على سبيل المثال 13 بين طبيب و طالب في كلية الطب، إضافة إلى العديد من الأطر في ميادين الإدارة و الشرطة و القضاء و الشؤون الخارجية و الصحة و التعليم بكافة مراحله الجامعية و الثانوية و الابتدائية. و توجد في البلدية الآن 8 مؤسسات تعليمية يدرس أعداد كبيرة من التلاميذ.
أما بالنسبة للتعليم المحظري، فقد تميزت بلدية باركيول بوجود كوكبة من العلماء تخرج على أيديهم الكثير من أبناء المنطقة نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر. لمرابط أعمر ولد محم بوب، الشيخ محمد الأمين ولد عمار (مامين) ، الناجي ول حمدون…إلخ.
الجانب الاقتصادي:
بحكم موقعها الجغرافي المتميز بين وديان باركيول و اعوينت إمجيجه و مصب وادي كوركول من الناحية الجنوبية ، إضافة إلى الوديان و السهول الواقعة على أطرافها في بلدات باركيول لخظر و السنهوري و اتويشيط ، شكلت بلدية باركيول خزان حبوب لا ينفد أستفادت منه ساكنتها و المناطق المجاورة لها على مر العصور. فقد ساعدت تضاريسها المتنوعة كالأودية والمنخفضات و السهول على إنشاء السدود و ممارسة الزراعة بشق ْيها الموسمي و المروي. و تضم البلدية سدين كبيرين هما سد باركيول و سد أتويشيط، إضافة إلى الكثير من السدود الصغيرة. كما تضم الكثير من التعاونيات الزراعية التي ساهمت في تزويد البلدية ببعض منتوجاتها في مجال الخضروات، لكنها لم تحقق الاكتفاء الذاتي المنشود للمنطقة من هذه المنتجات. كما أن واحات النخيل التي كانت موجودة في أعوينت أمجيجه مثلت في يوم من الأيام محجة لمرتادي موسم الكيطنة من البلديات المجاورة قبل أن يعبث بها العطش و الإهمال. و للثروة الحيوانية دور لا يستهان به لما تملكه البلدية من رؤوس الماشية من جميع الأصناف تساهم في توفير اللحوم و الألبان على مستوى البلدية و خارجها.
أما على مستوى البنى التحتية الطرقية، فقد عانت البلدية، على غرار باقي بلديات المقاطعة من عزلة كبيرة في الماضي، لكن إنشاء طريق باركيول الغايره الذي كلف 83 مليون و656 الف 37 دولارا أمريكي بتمويل من جمهورية الصين الشعبية شكل نقلة نوعية في مجال التنمية في المنطقة على كل الصعد. كما أن تزويد البلدية بشبكة مياه سد فم لكليته و أخيرا بالطاقة الكهرومائية من سد مننتالي (مشروع قيد التنفيذ) بعد أن عانت لعقود من العزلة و العطش و غياب الكهرباء و الخدمات الأساسية و الإهمال و التهميش، كل هذه المشاريع كان لها .
و في الجانب الصحي، شكل المركز الصحي في بلدية باركيول، رغم شح موارده و ضعف إمكاناته ، ملاذا للسكان في كل أنحاء المقاطعة خاصة في الأوقات التي تنتشر فيها الأمراض الموسمية مثل فصل الخريف، و في سنة 2020 تم بناء مستشفى بمدينة باركيول تصل طاقته الاستيعابية 32 سريرا ويضم عدة أقسام، و قاعة للجراحة.
و في مجال التجارة، تم، مع بداية نشأة المدينة، وضع مخطط لسوق على طراز مدني محكم من حيث التنظيم و الشوارع ، قبل أن يتم العبث بذلك النظام لاحقا. و شكلت تلك السوق مصدرا يتزود منه مواطنو المقاطعة كلها بحاجياتهم الأساسية. و مع وصول الطريق المعبد إلى عاصمة البلدية شهدت سوق المدينة انتعاشا منقطع النظير انعكس بشكل مباشر على حياة السكان فيما يتعلق بتنوع البضاعة و توفرها، كما انعكس على أسعار البضاعة مقارنة مع الفترات السابقة.
و مع كل ما ذكر آنفا، إلا أن البلدية ما تزال في حاجة إلى لفتة من الدولة إضافة إلى تضافر جهود أبنائها لتحقيق المزيد من النماء و الازدهار، كما أنها بحاجة إلى ثورة زراعية شاملة تسثمر فيها كل المساحات الشاسعة الصالحة للزراعة مما سيمكن مواطني البلدية من تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الخضروات و الحبوب و الفواكه و التمور و تصدير الفائض إلى البلديات الأخرى و إلى كافة نواحي الوطن. و سيتم ذلك بإنشاء السدود و ترميم الموجود منها و استصلاح الأراضي و توفير المياه و البذور و الأدوات و الأدوات الزراعية.
و بما ان الموارد البشرية تعد في صدارة عوامل التنمية، فلا بد من الإشارة هنا إلى ما تتمتع به المدينة من توفرالأيدي العاملة، خاصة على مستوى فئة الشباب، وهو ما يشكل عنصرا يمكن استغلاله في دفع عجلة التنمية قدما و تأسيس مشاريع كبرى إن تحقق الاستغلال الأمثل و توفرت الإرادة لذلك. أما على مستوى المهاجرين ، فإن مئات من أبناء البلدية موجودون في إفريقيا و أوروبا و أمريكا و الخليج العربي، و هم يشكلون رافدا اقتصاديا لا غنى عنه حيث تعيش آلاف الأسر على ما يبعث به هؤلاء المهاجرون من مبالغ مالية، إضافة إلى مساهمة هذه الفئة في النهضة العمرانية للمدينة. هذه مجرد نبذه مختصرة أردت من خلالها تسليط الضوء على إحدى أهم بلديات مقاطعة باركيول من الناحية الإدارية و السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية. و يمكن لهذه الدراسة أن تشكل نواة لدراسات أخرى تتناول كل مناحي الحياة في البلدية بشكل أوسع و أشمل.
بلدية باركيول، عاصمة مقاطعة باركيول و قلبها النابض و التي يبلغ عدد سكانها حسب إحصاء 2000 6603 نسمة، تحدها بلديات بلحراث و الغبره و دغفك و كلير. لم تبدأ البلدية كعاصمة للمقاطعة فحسب، بل كان لها ذكرا قبل ذلك في الوثائق الفرنسية فيما يتعلق بالجانب العقاري و الاجتماعي بالنظر إلى الوزن الاجتماعي لساكنة المنطقة و استراتيجية موقعها الجغرافي الواقع في وسط ما سيطلق عليه لاحقا مقاطعة باركيول أو مقاطعة آفطوط، في بعض المصادر. تقع مدينة باركيول، عاصمة البلدية، بين واد ْي باركيول في الشرق، و الذي ُيطلق عليه محليا (الم ْس َي ْل التالي)، ووادي أعوينت إمجيجه الذي يتوسط جانب ْي المدينة. لذلك فقد حملت المدينة كلا الإسمين.
نشأة مدينة باركيول :
بدأ العمران في باركيول في النصف الثاني من القرن العشرين،حيث شُِّيدت أولى الدور في المنطقةسنة 1958، شيدها محمد المختار ولد لبات رحمة الله عليه، على الضفة الغربية لأعوينت امجيجيه، ليتوالى تشييد عدة منازل أخرى بال ُعدْوة الأخرى للوادي في 1962 دار كل من خطره ولد أعمر و محمد ولد أمحيجيب و 1964 دور أهل الشيخ أحمد و محمد و سيدي ابن ْي أعمر رحمة الله على الجميع. و في ظرف زمني وجيز، تواصل تشييد المنازل نظرا لتزايد ميل سكان المنطقة إلى التحضر و الاستقرار. هذا الانتقال إلى التمدن، لم ينحصر في منطقة باركيول فحسب، بل شمل نواحي البلدية كلها بما في ذلك باركيول لخظر و السنهوري و الشلخة البيظه، و اتويشيط و أحياء شرق وادي باركيول…إلخ. و من الناحية الإدارية، كانت منطقة باركيول تابعة لمقاطعة كرو مع مركزي الغبره و لبحير. لكن بالنظر لموقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يتوسط المنطقة، إضافة لاعتبارات أخرى اجتماعية و جيوسياسية، قررت الدولة إنشاء مقاطعة باركيول سنة 1974 م بموجب المرسوم رقم 147-74 الصادر بتاريخ 1974/07/27 القاضي بإنشاء مقاطعة باركيول ومركز لعويسي الإداري التابع للمقاطعة وتم بموجب نفس المرسوم إلغاء مركز الغبرة ومركز لبحير، لتصبح باركيول عاصمة لتلك المقاطعة الناشئة مع يترتب على ذلك من إشاء إدارات و مرافق عامة يقتضيها تسيير الشؤون اليومية لسكان المنطقة. ليتعاقب عليها العديد من الحكام من تاريخ التأسيس كان أولهم الإداري باب ولد الديد وصولا إلى الحاكم الحالي للمقاطعة محمد الحافظ ولد الطلبه. الجانب السياسي: كانت بواكير الحركة السياسة ذات الطابع العام في باركيول مع حزب ا لشعب الموريتاني الذي كان الحزب الوحيد الذي يمثل المجتمع و الدولة آنئذ. و كان لأبناء البلدية دور بارز فيه، و قد شكل المدرسة التي تدرب فيها الكثير من أبناء على التعاطي مع الشأن العام و ممارسة الاقتراع و الانتخاب. و مع الانقلاب على الحكم المدني و مجيء العسكر إلى السلطة، ووصول المقدم محمد خونا ولد هيدالة إلى سدة الحكم ، ظهر جهاز سياسي شبيه بالحزب الحاكم سمي بـ’’هياكل تهذيب الجماهير.’’ . كان نظام هياكل تهذيب الجماهير، فكرة من الرئيس الليبي معمر القذافي تبناها ولد هيداله. و هو، و إن كان نظاما سياسيا في ظاهر الأمر، إلا أنه في حقيقة أمره، نظام أمني بامتياز يهدف إلى السيطرة على الجماهير و متابعة كل شاردة وواردة في حياتها. إلا أنه مع ذلك، كانت تجربة أخرى ساهمت في النضج السياسي لسكان المنطقة ، حيث عرفوا التنظيم في خلايا وأحياء و مناطق، و مارسوا الترشح و الانتخاب على مستويات مختلفة و شكلوا التحالفات على مستوى المقاطعة و خارجها. و قد تعاقب على منصب رئيس المنطقة، التي تشمل الحيز الجغرافي لبلدية باركيول بحدودها الإدارية المعروفة اليوم، كل من سيدي ولد أعمر و المختار ولد أزياد عليهما رحمة الله، بينما تولى الأمين ولد أحمد جدو رحمة الله عليه ، منصب عضو اللجنة الجهوية لهياكل تهذيب الجماهير على مستوى ولاية لعصابة ممثلا لمقاطعة باركيول في هذه اللجنة، و قد بذل، رحمه الله، دورا بارزا في حصول تلاميذ المقاطعة على المنح و السكن داخل مدينة كيفه. أما منصب منعش المقاطعة، و هو المنصب الأعلى في المقاطعة، فقد تولاه محمد الصغير ولد لحبوس، رحمه الله ، و هو إضافة إلى انتمائه الاجتماعي إلى بلدية دغفك، إلا أنه كان أحد سكان بلدية باركيول حيث يوجد منزله في الحي الإداري. و مع بداية إنشاء البلديات في عهد الرئيس معاوية ولد الطايع، أُنشئت بلدية باركيول سنة 1986، لتتلوها بقية بلديات المقاطعة الثمان لاحقا سنة 1988 . و قد تعاقب عليها حتى الآن ستة عمد من مشارب سياسية و اجتماعية مختلفة هم على التوالي:
– يحي ولد لبات
– حم ولد بْيدر
– محمد عبد الله ولد ببانة – عبد العزيز ولد دمبه
– القاسم ولد محم بوبه الحسن ولد محمد العبد و تنفرد البلدية بتأصل ديمقراطيتها التي أوصلت إلى الى ُسدة البلدية أحزابا و حركات سياسية مختلفة، حيث تداولت كل المكونات الاجتماعية في البلدية على منصب العمدة و نوابه بطريقة ديمقراطية تستحق التقدير و التنويه. و على مستوى النواب، تولى اثنان من أبناء البلدية أحد مقعد ْي المقاطعة لفترات متتالية هما بباي ولد عمار و محمد ولد ببانه. التعليم: ليس التعليم في مقاطعة باركيول وليد اللحظة، فقد بعثت منطقة باركيول أول أبنائها إلى المدرسة النظامية سنة 1937. ففي فترة كان فيها كل طلاب المدارس النظامية في موريتانيا يعدون على رؤوس الأصابع، كان أحد أبناء البلدية، و هو خطره ولد أعمر رحمه الله، من بين ستة طلاب من ولاية لعصابة و 88 طالبا على مستوى إقليم موريتانيا يستفيدون من منحة فرنسية للدراسة في بوتلميت بقرار صادر بتاريخ 5 اكتوبر 1937 عن الوالي العام الفرنسي في موريتانيا . و قد استطاع خلال فترة دراسته هناك تكوين علاقات مع العديد من الشخصيات التي سيكون لها دور محوري في المستقبل السياسي للدولة الناشئة ، من بينهم الرئيس المؤسس المختار ول داداه الذي عرض عليه لاحقا منصبا في الدولة الحديثة، إلا أنه أختار تسيير شؤون مجموعته المحلية. و في 1949 ، و بعد افتتاح المدرسة النظامية في كيفه بعشر سنوات، أرسلت منطقه باركيول ثاني أبنائها، هو الشيخ ولد محمد المختار ول لبات، للدراسة في المدرسة النظامية هناك و التي أُن ِّشئت سنة 1939. أما في الحقبة التي تلت الاستقلال، فقد افتتح أول قسم للتعليم النظامي في باركيول سنة 1961، و كان الأول من نوعه في منطقة آفطوط، و أرسلت له الدولة مدرسين و استقطب عدة تلاميذ من المنطقة. أما في مجال التدريس، فقد تخرج أحد أبناء باركيول هو الأستاذ بالله ولد الشيخ أحمد من معهد بوتلميت، و تم تحويله من انواذيبو إلى باركيول سنة 1974 ليباشر التدريس في نواة المدرسة الوليدة وقتئذ. و في 1979 أرسلت مدينة باركيول أول دفعة من أبنائها إلى إعدادية كيفه، لتتوالى الدفعات بعد ذلك قبل أن يتم افتتتاح إعدادية ثم لاحقا ثانوية في باركيول، و التي كان من بين طاقمها مدير و أساتذة من سكان البلدية. و رغم ما شاب التعليم من تعثر نتيجة للكثير من الظروف غير الملائمة، و ما نتج عن ذلك من تسرب كانت نتيجته قلة عدد الخريجين مقارنة مع الأعداد التي دخلت المؤسسات التعليمية المختلفة، فإن بلدية باركيول تتميز بوجود 137 من حملة الشهادات العليا من بينهم دكاترة و مهندسون و حملة الماستر و المتريز و الليصانص، و من بين هذا العدد، هناك على سبيل المثال 13 بين طبيب و طالب في كلية الطب، إضافة إلى العديد من الأطر في ميادين الإدارة و الشرطة و القضاء و الشؤون الخارجية و الصحة و التعليم بكافة مراحله الجامعية و الثانوية و الابتدائية. و توجد في البلدية الآن 8 مؤسسات تعليمية يدرس أعداد كبيرة من التلاميذ. أما بالنسبة للتعليم المحظري، فقد تميزت بلدية باركيول بوجود كوكبة من العلماء تخرج على أيديهم الكثير من أبناء المنطقة نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر. لمرابط أعمر ولد محم بوب، الشيخ محمد الأمين ولد عمار (مامين) ، الناجي ول حمدون…إلخ.
الجانب الاقتصادي: بحكم موقعها الجغرافي المتميز بين وديان باركيول و اعوينت إمجيجه و مصب وادي كوركول من الناحية الجنوبية ، إضافة إلى الوديان و السهول الواقعة على أطرافها في بلدات باركيول لخظر و السنهوري و اتويشيط ، شكلت بلدية باركيول خزان حبوب لا ينفد أستفادت منه ساكنتها و المناطق المجاورة لها على مر العصور. فقد ساعدت تضاريسها المتنوعة كالأودية والمنخفضات و السهول على إنشاء السدود و ممارسة الزراعة بشق ْيها الموسمي و المروي. و تضم البلدية سدين كبيرين هما سد باركيول و سد أتويشيط، إضافة إلى الكثير من السدود الصغيرة. كما تضم الكثير من التعاونيات الزراعية التي ساهمت في تزويد البلدية ببعض منتوجاتها في مجال الخضروات، لكنها لم تحقق الاكتفاء الذاتي المنشود للمنطقة من هذه المنتجات. كما أن واحات النخيل التي كانت موجودة في أعوينت أمجيجه مثلت في يوم من الأيام محجة لمرتادي موسم الكيطنة من البلديات المجاورة قبل أن يعبث بها العطش و الإهمال. و للثروة الحيوانية دور لا يستهان به لما تملكه البلدية من رؤوس الماشية من جميع الأصناف تساهم في توفير اللحوم و الألبان على مستوى البلدية و خارجها. أما على مستوى البنى التحتية الطرقية، فقد عانت البلدية، على غرار باقي بلديات المقاطعة من عزلة كبيرة في الماضي، لكن إنشاء طريق باركيول الغايره الذي كلف 83 مليون و656 الف 37 دولارا أمريكي بتمويل من جمهورية الصين الشعبية شكل نقلة نوعية في مجال التنمية في المنطقة على كل الصعد. كما أن تزويد البلدية بشبكة مياه سد فم لكليته و أخيرا بالطاقة الكهرومائية من سد مننتالي (مشروع قيد التنفيذ) بعد أن عانت لعقود من العزلة و العطش و غياب الكهرباء و الخدمات الأساسية و الإهمال و التهميش، كل هذه المشاريع كان لها . و في الجانب الصحي، شكل المركز الصحي في بلدية باركيول، رغم شح موارده و ضعف إمكاناته ، ملاذا للسكان في كل أنحاء المقاطعة خاصة في الأوقات التي تنتشر فيها الأمراض الموسمية مثل فصل الخريف، و في سنة 2020 تم بناء مستشفى بمدينة باركيول تصل طاقته الاستيعابية 32 سريرا ويضم عدة أقسام، و قاعة للجراحة. و في مجال التجارة، تم، مع بداية نشأة المدينة، وضع مخطط لسوق على طراز مدني محكم من حيث التنظيم و الشوارع ، قبل أن يتم العبث بذلك النظام لاحقا. و شكلت تلك السوق مصدرا يتزود منه مواطنو المقاطعة كلها بحاجياتهم الأساسية. و مع وصول الطريق المعبد إلى عاصمة البلدية شهدت سوق المدينة انتعاشا منقطع النظير انعكس بشكل مباشر على حياة السكان فيما يتعلق بتنوع البضاعة و توفرها، كما انعكس على أسعار البضاعة مقارنة مع الفترات السابقة. و مع كل ما ذكر آنفا، إلا أن البلدية ما تزال في حاجة إلى لفتة من الدولة إضافة إلى تضافر جهود أبنائها لتحقيق المزيد من النماء و الازدهار، كما أنها بحاجة إلى ثورة زراعية شاملة تسثمر فيها كل المساحات الشاسعة الصالحة للزراعة مما سيمكن مواطني البلدية من تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الخضروات و الحبوب و الفواكه و التمور و تصدير الفائض إلى البلديات الأخرى و إلى كافة نواحي الوطن. و سيتم ذلك بإنشاء السدود و ترميم الموجود منها و استصلاح الأراضي و توفير المياه و البذور و الأدوات و الأدوات الزراعية. و بما ان الموارد البشرية تعد في صدارة عوامل التنمية، فلا بد من الإشارة هنا إلى ما تتمتع به المدينة من توفرالأيدي العاملة، خاصة على مستوى فئة الشباب، وهو ما يشكل عنصرا يمكن استغلاله في دفع عجلة التنمية قدما و تأسيس مشاريع كبرى إن تحقق الاستغلال الأمثل و توفرت الإرادة لذلك. أما على مستوى المهاجرين ، فإن مئات من أبناء البلدية موجودون في إفريقيا و أوروبا و أمريكا و الخليج العربي، و هم يشكلون رافدا اقتصاديا لا غنى عنه حيث تعيش آلاف الأسر على ما يبعث به هؤلاء المهاجرون من مبالغ مالية، إضافة إلى مساهمة هذه الفئة في النهضة العمرانية للمدينة. هذه مجرد نبذه مختصرة أردت من خلالها تسليط الضوء على إحدى أهم بلديات مقاطعة باركيول من الناحية الإدارية و السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية. و يمكن لهذه الدراسة أن تشكل نواة لدراسات أخرى تتناول كل مناحي الحياة في البلدية بشكل أوسع و أشمل.
خطره ولد أحمد جدو
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته