يا معنى السعادة ..
وماذا وراء تلك الابتسامة تخبيء ألآم وأحزان مستدامة ، وتبتسمين وتنثرين الفرح وعطائك لا حد له ولا امتداد .
دثريني بعطائك فمهما كبرت احتاج هذا الدفء ، أحتاج هذا العطاء يغمر صحاري حياتي لأُزهر من جديد ليظل قلبي ينبض بالحياة يا معنى الحياة .
أمي .. أيتها الحروف الطاهرة ، والاسم السامي انحني أمامك واقترب من تلك الرائحة رائحة الجنة ، فاغمري هذا القلب المتعطش لكل هذا الحنان ، واجعلي عيناي ترى وجهك الكريم ومعنى الجمال في هذه الحياة .
اجعليني يا أمي استشعر كل ألوان الحياة الرائعة وارسم بنظراتكِ لوحة الحياة النظرة ، واستكن بين هماستك الناعمة كطفل يحتمي من لسعات البرد القارسة .
أمي لوحة الحياة تُرسم أمامي وأنا اسمع دعواتك في جوف الليل ، وبكائك وأنتِ في حالة مناجاة مع الله العلي القدير ، وأسمع اسمي يتردد ، ويتكرر الدعاء لي وكأنكِ يا أمي تصلين من أجلي ، من أجل سعادتي
وحياتي ، وتفاصيل دقيقة قد لا أعيرها اهتمام لكنكِ تجمعيها في ذاك القلب الكبير لتبدأي طقوسكِ اليومية في محراب الدعاء والصلاة والمناجاة ليكون اسمي المتصدر في دعواتكِ ، وأمنياتي الأولى بين أمنياتكِ وتنسين يا أمي كل ما يتعلق بك ، فأنا فقط من أشغل هذا البال ومن استحوذ على تفكير هذا العقل ومن احتل أعماق هذا القلب .
ما أجملها هذه الرائحة التي تصدر من سجادة صلاتك ومن سبحة تلين حباً بين أصابع استغفارك ، وجلباب الصلاة كم أسعد وأنا أشم رائحتك الطاهرة في خيوطه وبين تفاصيل قوامه .
يا قداسة السماء امنحيني رضاءًا منكِ بعد طَمَعي في رضاء الله ، وامنحي هذا القلب القاسي دعواتك التي ستمطر عليه فيلين ويزهر .
كم أعشق ابتسامة أمي فابتسامتها تشق الدموع وتواري الآهات ، وكم أعشق كذب أمي فهي تخبرني أنها بخير وهي في قمة تعبها ، وتخبرني أنها شبعت وهي تتضور جوع وأنها شربت وارتوت وهي ضمأنة لشربة ماء ، وانها نامت وارتاحت ، وهي سامرت الليل سهراً وكمداً .
وتكذب أمي أنها ليست بحاجة شيء لتوفر لي كل شيء ، وهي بحاجة ألف شيء وشيء ، وتكذب أمي لتخبرني أن هذه الشوكلاه ونوع الأكل يرفع لها السكر ، وهي تتمناه لي فقط وأصبح السكر عذراً في كل شيء .
اتعرفين يا أمي يقولون أن هناك يوم في السنة هو عيداً لكِ إنهم يكذبون ولكن ليس ككذبكِ ، كذبهم سيء جداً فكيف تكون لمن هي الحياة عيداً محدداً بيوم واحد ! وهي كل الأعياد وكل الأيام وكل الحياة.
أهديني مساحة صغيرة من هذا الاتساع الكبير الذي بداخلكِ ، لا أعرف كيف أخفض صوتي عند كلامي معكِ ، وكيف أخفض عيوني عندما أرى استياء ملامحك ، وكيف اجرؤ على الإعتذار عندما أتعدى حدودي وتكون نفسي أمارة بالسوء فيسوء حالي عند غضبك .
امنحيني بركاتك لأستقيم في حياتي لتزهر حولي أيامي وأجني الراحة والنجاح وأعرف معنى راحة البال ، وأجني هذه البركات في كل نفس ونداء من أولادي ، امنحيني رضاءك رغم قسوتي رغم جبروتي رغم قلة مشاعري ، وانحدار قلبي وكلماتي الموجعة وتصرفاتي المهينة .
امنحيني ظلك لاستظل من كل هذه الأخطاء في حقك والتي مازلت أُخطئها حتى مع مرور الأيام وأنا أتقدم بالعمر .
كم أخجل من ربي ومن نفسي وأنا أُضيع لحظات رضاكِ ، وأنا أتعدى زمن سعادتي بقربكِ .
أمي يا لحن السعادة التي لا ينقطع ، وصوت الخير الذي صداه يُسلي خاطري .
دومي لي سلامٌ متواصل وأمانٌ من مخاوف الحياة ، وحضنٌ احتمي به من كل تقلبات الدنيا .
اصنعي من عقوقي عناقيد رضاء ودعاء لي بالهداية واكتبي لي على كتاب التاريخ أن تسامح قلبك هو أصل الحكاية
حكاية حياة ، وحكاية بداية انسان
هو أنا يا أمي فأنتِ بداية كل شيء ، وليس لكِ نهاية .
د. وفاء أبوهادي
مستشارة اعلامية وكاتبة