ما تفسير الإصابة بفيروس كورونا المستجد المتسبب في مرض كوفيد-19 حتى بعد تلقي التطعيم؟ وهل حقنة واحدة من لقاح كورونا كافية؟ وهل يجب أن تكون الأولوية في تلقي لقاح كورونا بناء على عدد المخالطين؟ وكيف يعمل فحص كورونا الذاتي الذي بدأ بيعه في ألمانيا؟
دعونا نبدأ مع ماري دوينوالد، المحررة في قسم مقالات الرأي في بلومبيرغ (Bloomberg)، والتي أصيبت بفيروس كوفيد-19 حتى بعد تلقي جرعتين من لقاح فايزر-بيونتك (pfizer-biontech). وفي هذا التقرير الذي نشره موقع بلومبيرغ الأميركي، تناقش دوينوالد تجربتها مع سام فازلي محلل صناعة الأدوية في قسم “بلومبيرغ إنتلجنس”.
وقالت ماري دوينوالد إنها تلقت لقاحا ضد فيروس كوفيد مؤخرا، حيث حصلت على جرعة فايزر الثانية قبل بضعة أسابيع. كانت تأمل أن يقيها اللقاح من الإصابة بالفيروس، ومع ذلك كانت نتيجة الاختبار إيجابية هذا الأسبوع.
كان تفسير فازلي لما حدث لها أن الحماية التي تقيك تماما من الإصابة بالفيروس أمر نادر الحدوث. وفي الواقع، تم إثبات أن هناك لقاحا واحدا فقط يوفر ذلك، وهو لقاح الجدري. وبالعودة إلى تجارب المرحلة الثالثة من لقاحات فايزر-بيونتك، ومودرنا (moderna) -الأفضل من حيث الفعالية حتى الآن- فقد كانت فعالة بنسبة 95%، مما يعني أن بعض الأشخاص الذين تم تطعيمهم قد يصابون حتى لو بمعدل منخفض للغاية.
أيضا يجب الانتباه إلى أنه خارج بيئة التجارب السريرية ستكون الفعالية أقل قليلا، حيث تظهر بيانات العالم الحقيقي فعالية بنسبة 90%. من الممكن أيضا أن تكون مصابا بسلالة جديدة من الفيروس.
عندما تساءلت دوينوالد عما إذا كانت أعراضها الخفيفة، التي تشبه نزلة برد، تعني أن اللقاح لا يزال يحميها، أكد لها فازلي أنها لن تعرف أبدا مدى سوء أعراضها إذا لم يتم تطعيمها، لكن كان من الممكن أن تكون أسوأ بكثير.
تتمتع اللقاحات بفاعلية عالية ضد المرض الشديد والخطير، فالغرض الرئيسي منها هو إبقاء الناس خارج المستشفى وتقليل مخاطر الوفاة. حتى تلك التي يبدو أنها ذات فاعلية أقل ضد الأمراض الخفيفة والمتوسطة، مثل لقاح “جونسون أند جونسون” (Johnson & Johnson)، تُظهر فعالية أفضل ضد الأعراض الشديدة والحرجة.
لذلك يمكن تلخيص أسباب الإصابة بكورونا حتى بعد تلقي اللقاح بالتالي:
قد تكون من النسبة التي لا يوفر لها اللقاح حماية، مثلا بالنسبة للقاح فايزر-بيونتك نسبة الحماية 95%، أي أن احتمال عدم تشكيل اللقاح حماية هو 5%.
قد تكون الإصابة بسلالة جديدة متحورة من فيروس كورونا التي لم ينجح اللقاح في تشكيل مناعة لها.
مع ذلك هناك فائدة مهمة جدا للقاحات، وهي أنه حتى إذا أصبت فإن الإصابة تكون أخف والأعراض أضعف، وبالتالي احتمال تطوّر مضاعفات خطيرة ودخول المستشفى يكون أقل.
هل حقنة واحدة من لقاح كورونا كافية؟
دعوات بعض أعضاء الكونغرس الأميركي للسماح بتبني نظام الجرعة الواحدة لتسريع وتيرة حملة التطعيم الوطنية، تلقى مقاومةً كبيرة من جانب العلماء الأميركيين، وذلك لعدم وجود أدلة كافية تشير إلى أن جرعة واحدة من لقاحي فايزر ومودرنا -المصممين وفقا لنظام يعتمد على جرعتين- يمكن أن توفر حماية طويلة الأجل.
في تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” (The Wall Street Journal) الأميركية، أشار توماس بيرتون إلى أن كبير مسؤولي اللقاحات في إدارة الغذاء والدواء الأميركية بيتر ماركس شدد على ضرورة “استخدام هذه اللقاحات على النحو المصرح به من قبل الإدارة للتصدي لفيروس كوفيد-19 والحد من حالات الإسعاف والوفيات المرتبطة به”.
في أواخر العام الماضي، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على نظام جرعتين للقاحات فايزر ومودرنا. ومؤخرا، وافقت على استخدام نظام الجرعة الواحدة للقاح من شركة جونسون أند جونسون. دفع هذا القرار بعض العلماء وصانعي السياسات إلى المطالبة باتباع نظام الجرعة الواحدة مع جميع اللقاحات، مستشهدين بالدراسات الأولية التي أظهرت أن جرعة واحدة يمكن أن تكون فعالة.
في الثاني من مارس/آذار الجاري، وجّه 7 أطباء من أعضاء الكونغرس رسالة إلى القائم بأعمال وزير الصحة والخدمات الإنسانية نوريس كوكران لحثّه على “المسارعة في النظر في إصدار ترخيص منقح للاستخدام الطارئ” الذي قد يسمح باستخدام نظام الجرعة الواحدة في لقاحات فايزر ومودرنا.
في المقابل، أعرب كبار العلماء الحكوميين في إدارة الغذاء والدواء والمعاهد الوطنية للصحة عن رفضهم لهذه المطالب، مشيرين إلى أن الأدلة المعتمدة لإثبات مدى نجاعة لقاحي فايزر ومودرنا كانت قائمة على جرعتين. وقال هؤلاء العلماء إن الجرعة الواحدة قد توفر حماية قصيرة المدى، لكن الحماية طويلة المدى ما زالت قيد البحث.
وحذّر أحد كبار العلماء والمستشارين الرئيس الأميركي جو بايدن من أن “الاكتفاء بجرعة واحدة سيكون بمثابة السير على غير هدى، ولا يجدر اتخاذ أي خطوة دون العثور على أدلة قطعية”. وأكد طبيب آخر في الإدارة الأميركية على أهمية ديمومة فاعلية التطعيم، خاصة وأن سلالات أشد مقاومة للقاحات، مثل المتحورات التي رصدت في المملكة المتحدة وجنوب أفريقيا، باتت تظهر في الولايات المتحدة، وقال “نعتقد أنه من الأفضل السماح للناس بالوصول إلى أعلى مستوى ممكن من المناعة”.
وحسب الدكتور بول أوفيت الذي خدم في المجلس الاستشاري لإدارة الغذاء والدواء الأميركية والذي أوصى باستخدام لقاحي فايزر ومودرنا، فإن التجارب السريرية “كشفت أن مستوى الأجسام المضادة المحيدة (بجرعة واحدة) كان أقل بكثير مما نتج عن جرعتين”. وشدّد رئيس اللجنة أرنولد مونتو على أن نظام الجرعتين يعد الأفضل للقاحات فايزر ومودرنا، للحاجة لمستوى عالٍ من الأجسام المضادة في مواجهة المتحورات.
هل يجب أن تكون الأولوية في تلقي لقاح كورونا بناء على عدد المخالطين؟
أوصى أخصائي مناعة ألماني بإعطاء أولوية للتطعيم ضد فيروس كورونا المستجد لأي أشخاص حسب عدد المخالطين لهم، وفقا لما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.
وقال خبير المناعة ميشائل ميير هرمان من مركز “هلمهولتس” في براونشفايج لصحيفة “تاجس شبيغل” الألمانية في عددها الصادر اليوم الأحد، إن منح أولوية التطعيم لكل شخص لديه مخالطون كثيرون “سيكون له تأثير كبير”.
وأشار إلى أنه من خلال التطعيم للشرائح الأكبر سنا في البداية بين المواطنين انخفض معدل الوفيات بشكل واضح، ولكن هذه الفئة من المواطنين هي مجموعة ذات أقل عدد من المخالطين، لذلك لم يكن لها حتى الآن تأثير كبير على الوباء.
وبسبب انتشار تحور الفيروس “بي7.1.1.” اعتبر الخبير الألماني إجراءات التخفيف التي تم اتخاذ قرار بشأنها لقيود الإغلاق أنها خطيرة، وصرح بأنه يتوقع أن “يزداد عدد الإصابات بشكل انفجاري” مثلما حدث من قبل في أيرلندا وإنجلترا والبرتغال والتشيك.
وأضاف أنه علم من المباحثات بين الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات أنه “لا يمكن القول إن الأوساط السياسية لا تعرف نوعية العواقب التي ستترتب على أي إجراءات يتم اتخاذها”.
ويمكن للمستهلكين شراء وسائل اختبار الإصابة بكورونا لدى سلسلة متاجر “ألدي” (Aldi) بمجرد دفع ثمنها مباشرة. كما تعتزم سلسلة متاجر “ليدل” (Lidl) و”ريفه” و”إيديكا” (EDEKA) قريبا البدء في بيع وسائل الاختبارات الذاتية، في حين تسعى سلاسل صيدليات “روزمان” و”دي إم” (DM) إلى البدء يوم الثلاثاء المقبل في بيع هذه الوسائل.
ويمكن للعميل الحصول على عبوة واحدة فقط من عبوات وسائل الاختبارات المنتجة في ألمانيا والتي تباع مبدئيا لدى سلسلة متاجر ألدي. وتتكلف العبوة 25 يورو، وبها 5 وسائل لإجراء الفحوص.
وتعمل الاختبارات الذاتية بشكل جيد على غرار الاختبارات السريعة، والفرق أن الزبون بنفسه يجري الاختبار ويأخذ مسحة من مقدمة الأنف، مع مراعاة تعليمات الاستخدام، وتظهر النتيجة بتغير اللون بعد 15 إلى 20 دقيقة، وذلك وفقا لتقرير للدويتشه فيله.
ومن المتنظر أيضاً إضافة اختبارات أخرى عبر الغرغرة واللعاب. وإذا كانت النتيجة إيجابية يجب تأكيد ذلك باختبار فحص “تفاعل البوليميراز المتسلسل” “بي سي آر” (Polymerase chain reaction) (PCR).
وتجدر الإشارة إلى أنه حتى إذا كانت النتيجة سلبية، فإنه يتوجب الاستمرار في اتباع التدابير الاحترازية ضد كورونا.
وأعربت سلسلة متاجر ألدي السبت عن دهشتها من حجم الإقبال على شراء أول دفعة من وسائل اختبارات كورونا الذاتية. وأعلنت محلات “ألدي زود” و”ألدي نورد” أن “السلع التي كنا وضعناها في الفروع كاحتياطي بيعت عن آخرها قبل ظهر اليوم في أغلب فروعنا”.
وأضافت ألدي أنها تفاجأت بالاهتمام بالاختبارات “بهذه الدرجة من الشدة”، وناشدت العملاء الذين لم يتمكنوا من شراء الاختبارات اليوم تفهم الموقف، وقالت إنها تتوقع قدوم الشحنات التالية في الأيام المقبلة من الأسبوع الجاري.
المصدر : الجزيرة نت + وكالات