تعيش موريتانيا في أزمة متسلسلة ، مستعصية منذ نشأتها : أزمة “وي و نون” ، الصراع مع المغرب، الأزمة مع فرنسا (إنشاء الأوقية و تأميم ميفيرما ) ، حرب الصحراء، سلسلة الانقلابات العسكرية، ديمقراطية “لابول” الإجرائية العرجاء . و ستظل أكبر أزمة عاشتها موريتانيا منذ لامست أديمها أقدام البشر ، كارثة اغتصاب ولد عبد العزيز للحكم فيها ..
الحديث اليوم عن عدم وجود أزمة في موريتانيا حديث غير واقعي تماما مثل الحديث عن “محاسبة الجميع” من أجل عدم محاسبة أي أحد : تعيش موريتانيا أزمة بنيوية انشطارية ، تطال كل أوجه الحياة ، تحتاج معالجتها تحديد الأولويات للخروج من الأزمة نفسها قبل الخروج من انعكاساتها و رسم مراحل و شحذ الهمم للتكيف مع ارتدادات جوقلة الشعب في مواجهة تحدياتها الصعبة.
هذا لمن يربطون الحوار بـ”الأزمة” بطريقة سلبية أو إيجابية.
و لا تعترف الديمقراطية و لا القوانين الحامية لها بمعارضة الشارع : المعارضة المصنفة ديمقراطيا و المعترف بها قانونيا هي المعارضة البرلمانية . و من يدعون اليوم إلى حوار أو تشاور بين الأحزاب الممثلة في البرلمان هم من يدعون إلى تشاور أو حوار شامل و ما يدعو له غيرهم يسمى الفوضى المفضية حتما إلى إفشال أي حوار و تمييع مخرجاته و إرباك المشهد السياسي القوي اليوم بانفراجه ، الضعيف باستمرار تلونات ألاعيب ماضيه.
و على من يفضل اليوم أن ينعت المعارضة بالتبعية للنظام ، متناسيا أن الحوار ظل على رأس مطالبها في كل الأزمنة و شرطها الأول لأي تفاهم مع أي نظام ، أن يراجع موضوعية مبررات وفائه لشيطان ، تتكشف كل يوم محاولات تَعَـرُّضه من خلف منصات تحالفاته السرية التقديمية .
كل إعلان توضيحي اليوم هو مجرد تسجيل موقف : كل المواقف أصبحت مكشوفة .
سيدي علي بلعمش