الزاوية الغزوانية والطرق الزيدانية / حمدفال ولد طالبنا

‎حدث العتبي عن سفيان بن عينية
‎قال‏:‏ قدم على عمر بن عبد العزيز ناس من أهل العراق فنظر إلى شاب منهم يتحوش للكلام فقال‏:‏ أكبروا أكبروا فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إنه ليس بالسن ولو كان الأمر كله بالسن لكان في المسلمين من هو أسن منك فقال عمر‏:‏ صدقت رحمك الله تكلم فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إنا لم نأتك رغبة ولا رهبة أما الرغبة فقد دخلت علينا منازلنا وقدمت علينا بلادنا وأما الرهبة فقد أمننا الله بعدلك من جورك قال‏:‏ فما أنتم ؟ قال‏:‏ وفد الشكر . قال‏:‏ فنظر محمد بن كعب القرظي إلى وجه عمر يتهلل فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين لا يغلبن جهل القوم بك معرفتك بنفسك فإن ناساً خدعهم الثناء وغرهم شكر الناس فهلكوا وأنا أعيذك بالله أن تكون منهم فألقى عمر رأسه على صدره
-ما أكثر وفود الشكر في بلادي-
لقد أفرزت زوايا النفاق والإعتناق في بلادنا كوكبة من أئمة المذهب ومشايخ الطرق تتلمذ عليهم جمع كثير وأخذ عنهم الورد الطائعي أقدم أسانيد البيعة وأكثرها أتباعا واتساعًا من لزم أهله الطاعة وتركوا القناعة وتجاهلوا أمر الساعة
والناس في عهدهم ثلاث
-كريم متعفف عدو ومعارض وخارج على القانون
-كريم متذبذب له نصيب التابع
-مادح متزلف مريد مقرب مبجل

عاش الناس في هذه الدائرة عقدين من الزمن تفاوتت فيها درجات المريدين وتباينت فيها مواقف الرجال وترسخت فيها مبادئ الطريقة وكثر المسبحون والمهللون إلى أن جاءت الطريقة الفالية على استحياء تمشي مشية الطريقة الطائعية دون تجديد جذري في المناسك والأوراد
لم يتغير الكثير في تلك الحقبة التي ورثتها الطريقة العبدلاهية صاحبة القدم الراسخة في التصوف والتي حاولت التجديد بطريقتها الزاهدة إلا أن العزيزية كانت تراقب من قريب وتنتظر الفرصة للإنقضاض على المشيخة وهو ماتم لها بالفعل لعوامل كثيرة لعل من أبرزها علو عمامة قائدها شيخ مشائخ الطرق من جمع بركات المشائخ اجمعين وعاصر كافة المريدين وعلم بأسرار التمكين
وقد عاش الناس في كنفه عشر سنين أذابت الشحم وأكلت اللحم ودقت العظم
من رحم هذه المآسي طلع فجر جديد يغزوا النفوس طمعا وشوقًا للإصلاح وليس التغيير وللقوم في الرجاء مبررات كثيرة
-أولا لم يكن من كان قبلكم سليل زاوية عريقة كالتي تنتمون لكنانتها
-ثانيا للشعب عليكم حق التجديد والتأصيل فقد ضاعت الأوراد الصوفية السمحة بين الزوايا الدنيوية ” اللحلاحة ” ومراكز الرقيا ودعاة الغلو والتطرف وإسلاميي الكراسي السياسية
والناس في حاجة إلى كنف رحيم وبشاشة سمحة، بحاجة إلى ودٍ يسعهم وحِلمٍ لايضيق بجهلهم ، بحاجة إلى من يحمل همومهم ، ولايثفل عليهم بهمومه،وثروته يجدون في رحابه العطف والرضا
وسبيلا للإصلاح فإنني أقترح على سيادتكم ما يلي
أولًا التركيز على الإعلام باعتباره من جهة المرآة التي تعكس ثقافة الشعوب من خلال جودة منتوجه الإعلامي ، ومن جهة أخرى الأداة المؤثرة بشكل كبير على عقليات المجتمع ولا يخفى عليكم ما حل بهذا القطاع حيث أصبح قطاعا غير مصنف للربح والإبتزاز وتلميع الأشخاص مقابل رشوة آنية أو دائمة ويتساوى في ذلك الإعلام المسموع والمرئي ووسائل التواصل الإجتماعي
ثانيا إصلاح القضاء لأن معظم مشاكل المجتمع تتمحور أساسًا حول الظلم بشقيه
أ. ظلم الدولة : أي مظالم تكون الدولة طرفا فيها وهي قسمان ، قسم لم يصل للقضاء أصلا ، وقسم وصل دون أن يتم الفصل فيه
ب. ظلم متعلق بالجهاز القضائي من خلال أحكام جائرة صدرت من طرف قضاة فاسدين وما أكثرهم .
سيادة رئيس الجمهورية ماظنكم بمستقبل شعب إعلامه متملق ومراتب النبلاء فيه تتم وفق الطريقة الزيدانية ، وقضاؤه جائر حيث يعتبر القاضي في الغالب سياسي جهوي قبلي تاجر لا معايير شرعية لإختياره ولا عرفية ولا قانونية ولا رقابة عليه
وأولياؤه ينحتون من خيرات المجتمع بيوتا يبيعونها لينفقوا بسخاء على مريديهم ومادحيهم
أتمنى من فخامتكم أن تعلموا أن طريق الإصلاح ليس سهلًا في مجتمع هذا حاله ، ولكنه ليس صعبا على من أحسن إختيار حاشيته ، وأتمنى أن تحافظوا على مكانتكم في قلوب مواطنيكم وأن تنظروا للشعب بعين الرحمة وإلى المنافقين بالعين الحمرة ، وأن تتيقنوا أن تحت كل لسان رطب بتجميدكم تزلفا جمرة .

محمدفال ولد طالبنا

Exit mobile version