نائبة معارضة تكتب: السرقة المخزية والنهب بلا وازع

صباح أمس (الأربعاء الماضي)، في هذه الغرفة التي طالما اعتبرت، عرفا ومجاملة، قلعة الشرف والنزاهة، وحين كان الحاضرون يتبادلون الردود أمام الميكروفون، وتتصاعد التكهنات في الخارج، استحوذت علي حالة عاطفية قوية.

عاطفة يمكن القول بسخرية إنها تفاؤل يملأ النفس بالرضا، بل إنه –ربما لفرط السذاجة- يتراءى على أنه الحقيقة ولا شيء غيرها. لا يهم، إنها مشاعر انتابتني وسأنقلها رغم ما قد تجلبه من سخرية بعض المتجاهلين المتبجحين الذين تغذوا من التجاهل طوال مسارنا مع التعاسة والشقاء.

عند منتصف النهار، عشية العيد الكبير، لكأن القدر غيّر فجأة وبلمسة قدسية كل شيء، لقد رأيت وسمعت تحت قبة هذه الغرفة الموقرة حقاً هذه المرة، رجالا ونساء من جميع الأطياف السياسية، وهم يأخذون على عواتقهم، أيا كانت الأهداف والدوافع، أن يكشفوا واحدة من أكثر القضايا التي هددت عالمنا على مر العصور، فظاعة وعفونة، ويجابهوها من أجل القضاء عليها.

إنها رائحة العفن تنبعث مسببة بؤسنا الجماعي، والبؤس الفردي لكل شاب عاطل عن العمل، وكل أسرة بلا معين، وكل مريض لا يجد الرعاية، وكل واحد من أولادنا الذين أجبروا على مغامرة التغرب المميتة التي أصبحت الآن بمثابة الخلاص.

أجل.. لا شك أنكم عرفتم عماذا أتحدث، بعد أن تأثرتم به في كل مكان وكل يوم..

إنها سرقة الثروات المخزية التي كشفتها لجنة التحقيق البرلمانية، في ملفات كبيرة تفوح منها رائحة العفن، فتحية كبيرة إلى هذه اللجنة.

كُشفت الملفات في وضح النهار، فظهر أمام الجميع حجم النهب الذي تعرضت له ثروتنا من دون أي وازع، وظهر أن عملية النهب طالت ثروات كبيرة كانت لتغير حياة سكان بلد بالكاد يساوي عددهم تعداد سكان مدينة متوسطة من مدن العالم.

الآن وقد كُسر «قانون الصمت»، فإن هذا النهب الذي كُشفت أكثر جوانبه دناءة، يجب أن يقود إلى المساءلة، ويمثل المتورطون فيه أمام العدالة.

دعونا نواكب هذا المسار لمساعدة بلدنا على النهوض، ومنع انهياره تحت وطأة عفننا ! لا شيء ينبغي أن يحول بين المحاكم والجناة المزعومين، خاصة تلك العصبية المتبقية من جاهليتنا التي لم نتخل عنها أبدا، والتي تعيش على حساب القانون والعدالة.

لنعبر عن التنديد بكل من يعترضون على الإجراءات التي يجب أن تكون عادلة ونزيهة ودون أي تدخل من أي جهة.

أكيد.. سيختبئ بعض هؤلاء العفنين في دوائر الظل، ولكن يجب كشفهم وكنسهم بعيداً، فلا خيار سوى الاستمرار في معركتنا السلمية حتى النهاية.

من جانبي، لطالما آمنت بالحكمة الرائعة التي تقول إنه ما ضاع حق وراءه طالب يستحقه.

النانه بنت شيخنا

Exit mobile version