الاستدعاء “المفترض” للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز من قبل لجنة التحقيق البرلمانية، يجد فيه مراقبون بداية منعرج جديد في إطار تطورات ما يسمى بملف “العشرية”، وقلب لصفحة مسار طالما تبجح أصحابه بمواصلته، والدفاع عنه.
وقد كشفت التسريبات الإعلامية الأخيرة خيوطا كثيرة ، خاصة ما يتعلق بمضمون رد الوزير الأول السابق مولاي ولد محمد الاغظف على أسئلة لجنة التحقيق البرلمانية، الاثنين الماضى حول صفقات أبرمت خلال توليه للوزارة الأولى، من ضمنها بيع مدرسة الشرطة والمجمع السكني الواقع وسط العاصمة المعروف بـ «بلوكات».
حيث أكد، حسب التسريبات أن «بيع أملاك الدولة تم دون علمه أو حتى إشعاره»، مؤكدا أنه «لا يتحمل مسؤولية هذه الصفقات»، وفق تعبيره.
معلنا مسؤولية رفضه لصفقة تابعة لمفوضية الأمن الغذائي وصفقة أخرى تابعة لشركة «سونمكس»، ومبينا الأسباب التي دفعته لرفض الصفقتين .
عدم نفي ولد محمد الاغظف لتلك التسريبات يؤكد صدقيتها، وهو ما يعني أن الرجل الثاني في المأمورية الأولي لولد عبد العزيز،ربما لم يعد مستعدا للسكوت ولا لتحمل إخفاقات نظام يرى أنه قلب له “ظهر المجن”، وضحى به في مأموريته الثانية، لصالح خصومه الألداء من أقطاب نظامه المتصارعة، بل وأوغل في إهانته من خلال الإيعاز بدعمه في الترشح للرئاسيات، وغير ذلك من ما ظل تحت الطاولة ولم يبح به ولد محمد الاغظف.
هل بدأت كرات النظام السابق في التدحرج
لا يمكن للمراقب للمشهد السياسي أن يترك تصريح ولد محمد الاغظف يمر سريعا، وهو التصريح الذي ربما يكون الأهم منذ بداية عمل اللجنة البرلمانية التي استجوبت الكثير من المسؤولين في نظام ولد عبد العزيز بمن فيهم وزيريه الأولين يحي ولد حدمين ومحمد سالم ولد البشير ووزير اقتصاده وماليته المدلل المختار ولد اجاي ووزير النفط محمد ولد عبد الفتاح، ولم يصرح أي واحد منهم بمضمون رده على استفسار اللجنة.
وحده مولاي ولد محمد الاغظف من سرب للصحافة مضمون ردوده على اللجنة، وهي الردود التي صدقت بعض ما يتم تداوله من قبل الرأي العام من أن الرئيس السابق ولد عبد العزيز كان وحده من يدير النظام، ومن يضع يده على كل الملفات، فهل هي إدانة له قبل مثوله المفترض والمثير للجدل أمام اللجنة؟
وهل نفهم أن هناك أشياء قالها ولد محمد الاغظف للجنة البرلمانية ولم يصرح بها في الاستجواب؟ وهل تدين من سبقوه في المثول أمام اللجنة، وهل دافع هؤلاء عن العشرية، أم حملوا ولد عبد العزيز المسؤولية؟
أسئلة مطروحة في ظل التطورات المتلاحقة، وربما يثير توجه البرلمان لتوسيع نطاق اللجنة البرلمانية، إشكاليات جديدة، وهي أن عمل اللجنة في الفترة الماضية، قد سلط الضوء على الكثير من الملفات التي ربما غابت عن علم اللجنة، وكشفت التحقيقات ضرورة إدماجها، لكشف المستور، الذي يتطلع الرأي العام لمعرفة تداعياته.
ربما تعطل جائحة كورونا الكثير من الأحداث، أو تحد من تسارع وتيرتها ، لكن المؤشرات توضح أن مولاي لن يصرح وحده، بل إن تشعب هذه الملفات وكثرة الضالعين فيها، وتناقض المصالح فيما بينهم ستجعل الإناء يطفو بما فيه، فكما يقال : “إذا تصارع “الأصدقاء” ظهرت الحقيقة.
وعلى العموم فلا شك أن الأيام القادمة ستكون حبلى بالمفاجآت، وسيتحول الصراع ما بين أقطاب النظام السابق، من صراع على كسب ود ولد عبد العزيز إلى صراع لكسب المعركة.
ويبدو الأمر جليا من خلال استغلال الإعلام كحلبة للتبييض، في ظل تكتم اللجنة على ما يدور في الغرف المغلقة، لكن ربما غاب عن الكثيرين “أنه ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد”.
فحسب مصادر مطلعة أن جميع الاستجوابات مسجلة بالصوت والصورة، في انتظار السماح للجميع بالتفرج على الحلبة، وعليه فلا داعي للاستعجال.
من صفحة الإعلامي الكبير محمد عالي ولد عبادي على فيسبوك