لا للجشع والتنصل من المسؤولية / د.محمد سيدى محمد المهدى

ما شاء الله لا قوة الا بالله ما أحسنها من مراعاة ومن سهر على مصالح الشعب ، ممثلوه يقرون زيادة رواتبهم ب ( 250000 ) اوقية ويرفضون زيادة المدرسين( ب(30000)أوقية…إنها الفضيحة بعينها والطمع والجشع اللذان يذهبان العقل والصواب مما ينعكس سلبا على القرارات المتخذة تحت وطأتهما.
اللهم استرنا بسترك الجميل ولاتكلنا عليهم يارب العالمين.
والغريب فى الأمر ذاك التبرير الذى صدر من أحد هم يقول فيه:(إن سبب موافقتهم على اقرار هذه الزيادة هو ضرورة مساواة رواتب السلطة التشريعية مع رواتب السلطة التنفيذية) ، وهو تبرير -مع احترامنا للنائب الموقر – اقبح من إقرار العلاوة ذاتها.
وقد نسي هذا النائب الذى كثيرا ماشاهدناه يتكلم عن الظلم وانعكاساته السلبية -وهو فى ذلك محق – أن هناك سلطة ثالثة فى هذا البلد توازى على الأقل من الناحية القانونية السلطتين التنفيذية والتشريعية الأمر الذى يحتم منحها علاوة تسمح لها بأن تتساوى رواتب موظفيها مع رواتب السلطتين التشريعية والتنفيذية.

إنه للأسف الشديد

كلام مردود على صحابه، ذلك أن ما يقوم به القاضى من جهد وعمل واكراهات جسيمة تفرضها وظيفته لا يتناسب قط مع الراتب الذى يقبضه.
وإذا كان من المفترض أن تتساوى رواتب اصحاب السلطتين التنفيذية والتشريعية ، فإنه ومن دواعى الإنصاف على الأقل ان تتساوى معهما رواتب اصحاب السلطة القضائية ان لم تزد عليهم .
فالعمل الذى يقوم به القضاة والأمانة الثقيلة الملقاة على عاتقهم يتطلبان ان تكون رواتبهم هى الأعلى لكي يتمكنوا من القيام بواجباتهم بحرية تامة وبشخصية تستطيع مقاومة الفساد الذى ينخر جسم مؤسسات الدولة والإغراءات المادية وأنواع الإكراهات التى يتعرضون لها يوميا.
فالقاضي والطبيب ورجل الأمن ( من جيش و درك وحرس وشرطة) والإدارى والأستاذ والمعلم والمربي لكي يقوموا بواجبا تهم على أحسن وجه يجب أن يوضعوا فى وضعية مريحة تسمح لهم بالقيام بعملهم بطريقة تحررهم من الإرتهان للضغوط والإكراهات التى لايحس بثقلها إلا من له دراية بالاجواء التى يمارسون فيها أعمالهم.
فهؤلاء هم العمود الفقرى للدولة ولايمكن الإستغناء عنهم .
بينما البرلمانيون مع احترامنا لهم قد تقوم الدولة دونهم ان صلحت تلك المؤسسات التى تكلمنا عنها.
خاصة برلمانا يقوم بإقرار العلاوة التى تخصه ويرفض إقرار علاوة المعلمين والعقدويين المساكين الذين لا تساوى رواتبهم عشرة فى المائة من رواتب البرلمانيين.
مع العلم ان العمل الذى يقومون به أكثر مردودية على الشعب من العمل الذى يقوم به البرلمانيون.
ولا أرى فى ضوء ما تقدم سببا مقنعا لزيادة رواتب البرلمانيين هذه الأيام وحرمان موظفى القطاعات الأخرى الأكثر أهمية وحساسية سوى شراء ولا آتهم فى ضوء الإنقسام الحاصل فى الحزب الحاكم بين مؤيد للرئيس السابق و مؤيد للرئيس الحالى ، وتذكرنا هذه العلاوة بالقطع الأرضية التى تم تقسيمها على أعضاء البرلمان السابق بغرفتيه قبيل الإستفتاء العبثي على حل مجلس الشيوخ.
كان الله فى عون هذا الشعب الذى استيقظ منذ يومين على اقرار ممثليه المقترضين لعلاوة تخصهم وحرمانهم للمعلمين والعقدويين من اخرى لا تساوى سوى ( 11 / فى المائة من قيمة تلك التى اقروها لأنفسهم مما أصابه بغيبوبة لم يفق منها حتى الآن من شدة ما أصابه من هول الصدمة والمفاجأة.
ولم يبق أمامه من امل – ان كان بقي له امل- سوى التضرع إلى الله سبحانه وتعالى ان يجعل قيادته الجديدة تتفطن لمصالحه وتسعى لتحقيقها لا ان يكون اهتمامها منصبا على إرضاء بعض المنتفعين الحريصين على تحقيق مصالحهم على حساب المحرومين والمستضعفين الذين منحوهم ثقتهم واصواتهم لجلب المنافع لهم فاتخذوهم مطية وسلما عبروا عليهم إلى قبة البرلمان، ففعلوا بهم مالم يكن يخطر على بال أحد منهم.
فبرلمان هذا تصرفه لا يرجى تغييرا إيجابيا فى ظله.
الدكتور المحامى/ محمد سيدى محمد المهدى.
.

Exit mobile version