توفي مساء الأحد العاشر مارس 2019المغفور له رجل الأعمال و الإحسان محمد ولد أهل الداه الجكني عن عمر يساوى عمر الاستقلال السياسي للبلد فهو من مواليد عام 1960 و كانت وفاته إثر صراع قصير و صبر جميل وشجاعة “إيمانية” مع مرض خاطف.
عرفتُ المرحوم محمد و كنت كلما لقيته أحسست بالاطمئنان و الاعتزاز و قلت فى نفسي لو قَيَّضَ لقومي و بلدي عشرة رجال من أمثال محمد ولد أهل الدّاه”سَمْتًا إيمانيا” و “عملا إِيثَارِيًّا” و نقاء قلبيا لَخَمَدَتْ و خَبَتْ -من إحسانهم و معروفهم-نيرانُ الجوع و الفقر و لَعَمَّتْ و فَشَتْ-من أخلاقهم و سعيهم بالمعروف-المودة و الألفة و السكينة بين عامة الناس.
شهدَ صلاة الميت على المرحوم محمد جمع غفير من الناس غَصَّتْ بهم غَصًّا رَحْبَةُ و صَحْنُ مسجد “الرابع و العشرين ” بنواكشوط؛ ينتسب جمع المصلين إلى مختلف الجهات و الأعمار و الأنساب و الأحساب ألسنتهم جميعا رَطِبَةٌ بالدعاء الخارج من سُوَّيْدَاءِ القلب بالرحمة و المغفرة لرجل مات و عاشت شمائله، لسَيِّدٍ مات و مات بموته خلق كثير،…
تواتر “أَفْوَاجُ”المعزين بمنزل المرحوم المنحدرين من مختلف الجهات و الأعراق و الشرائح و القبائل و “الأنساب المهنية”،…على خصال المرحوم منهم من عَبَّرَ عن تلك الخصال شعرا و منهم من حَدَّثَ بها نثرا و منهم “نَطَقَ”بها دموعا و منهم من “صَدَعَ” بها صمتا و “لسانا معقودا”،…
كان حديث و دَمْعُ و صمت المعزين معبرا عن مكانة الرجل و إِعْمَارِهِ لعمره القصير بصنائع المعروف لكن أبرز ما سمعته كان “الصوت الدامع الباكي ” لذلك الشيخ الثمانيني الذى قََّدَّمَ نفسه بأنه رجل لا تربطه بالمرحوم صلة نسب “سَكَنَتْ يداه عن العمل” منذ عقود فتكفل المرحوم محمد بكافة حاجاته المادية سكنا و غذاء و ملبسا كماتكفل بحاجاته المعنوية حنانا و مؤانسة و مجالسة،…
و تأسيسا على أن “أول ما يُوضع فى الميزان حُسْنُ الخلق” فلا أستبعد معزَّزًا بإجماع “كَلَالِيِّ النظير” من أرحام المغفور له و معارفه و أصدقائه و زملائه فى العمل و شركائه فى الزراعة و التصنيع و التنمية الحيوانية و رفاقه فى الرماية التقليدية و الرياضات البدنية أن يكون ميزان المرحوم محمد ولد أهل الدَّاه ميزانا ثَقُلَ بالأخلاق و كانت خصاله العديدة الأخرى من الكرم و الصدقة و البرور و السعي فى منافع المسلمين زيادة خير.
أنجب المرحوم محمد ثلاثة أبناء كلهم من حَفَظَةِ كتاب الله و من المتفوقين فى الدراسة النظامية كما أنجب بنات صالحات “محظريات” ثَبَّتَ الله تلك التربية الحسنة فى ميزان حسناته و بَوَّأَهُ جنات الفردوس مع النبيئين و الصديقين و الشهداء و الصالحين،…