لم تنجب البشرية في تاريخها الطويل قائدا أعظم من محمد بن عبد اللـه صلى اللـه عليه وسلم. لقد أسس دولة الإسلام الأولى وحكمها عشرة أعوام لا غير (مأموريتين بمقاييسنا اليوم)، وحين خير بين البقاء والرحيل، اختار الرحيل، بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام. لم يقل إن أمامه برنامجا طويلا لم يكمله: هناك تحديات أمنية قادمة من أجلها عقد اللواء لجيش لم يتحرك بعد. هناك ثروات جمة متوقعة تحتاج إلى عدله وكرمه وسخائه وحكمته وحدبه على الفقراء والمساكين.. هناك أقطار واسعة نحتاج إلى أن تفتح دون أن يظلم فيها أحد.. لا مصر فتحت يومئذ، ولا الشام ولا العراق وبلاد فارس، ولا إفريقية، ولا القسطنطينية وبلاد القوقاز، ولا الأندلس، ولا بلاد الهند والسند والصين، ولم يرتفع بعد الأذان في العالم الجديد.. وكل ذلك من برنامجه عليه الصلاة والسلام. لم يتعلل قائد الدولة يومئذ بعظمة التحديات وجسامة المسؤوليات من أجل تمديد العهدة، بل اختار عليه الصلاة والسلام الالتحاق بالرفيق الأعلى. أعلم أنها حقبة فوق المقاييس البشرية، وقرار لا يقارن بقرارات القادة، فللـه المثل الأعلى ولرسوله، ولكن أتساءل: ألا يمكن أن يكون في تلك العشرية المقدسة إشارة إلى أن عشر سنوات في القيادة تكفي لإنجاز برنامج وتسليم اللواء لآخرين؟
من مقال للنائب الشيخ الخليل النحوي