موريتانيا ورئاسة الاتحاد الإفريقي ..سنة في ظل الجزائر (تحليل)

عام كامل وانتهت صلاحية لقب رئيس الاتحاد الإفريقي، ربما كان من حسن الطالع أن حصل ولد عبد العزيز أياما قليلة بعد فقدانه لرئاسة الاتحاد على لقب ” دكتور”، ليعوض الرئاسة المفقودة.

لم تكن نهاية العام كبدايته لدى السلطات الموريتانية، وإعلامها، حيث اعتبرت منصب رئيس الاتحاد الإفريقي فتحا سياسيا غير مسبوق بالنسبة لموريتانيا، قبل أن تختتم وزارة الخارجية بإصدار كتاب كبير عن ” ماذا أنجز الرئيس محمد ولد عبد العزيز لإفريقيا”

كيف حصلنا على المنصب

لم يكن النضال والتأثير السياسي القوي للنظام الموريتاني، لكن الحظ السياسي والحرص الجزائري على منح الرئاسة لموريتانيا، كان الدافع الأساسي وراء الحصول على ذلك المنصب المهم، حيث كان منصب الرئاسة من نصيب المجموعة العربية في الاتحاد الإفريقي، وكانت موريتانيا الوحيدة المؤهلة لهذا المنصب وذلك للاعتبارات التالية.

كون المغرب لا يتمتع بعضوية الاتحاد الإفريقي

وضعية رئيس السودان المطلوب للجنايات الدولية.

وضعية ليبيا وجو التقاتل بين فرقاء السلاح

وضعية الانقلاب العسكري في مصر الذي أدى إلى تعليق عضويتها في الاتحاد.

اعتذار تونس بسبب وضعيتها المضطربة.

ووضعية الرئيس الجزائري المريض.

وهكذا حصل الرئيس المحظوظ محمد ولد عبد العزيز على منصب رئيس اتحاد تتحكم فيها قرارات وتمويلا، الجزائر وجنوب إفريقيا.

قرارات جزائرية

تفرض الجزائر سيطرتها القوية على الاتحاد الإفريقي قرارات ومواقف، وهكذا نقلت الجزائر مسؤولها السامي اسماعيل الشرقي إلى منصب مفوض السلم والأمن (أهم منصب تنفيذي في الاتحاد الإفريقي) وذلك بعد أن استدعت المفوض السابق رمضان لعمامرة إلى منصب وزارة الخارجية الجزائرية.

استطاعت الجزائر أيضا تحقيق هدف آخر في صراعها مع المملكة المغربية وهو تعيين مبعوث إفريقي للتحقيق في قضية الصحراء الغربية، وهو الموقف الذي حمل المغرب موريتانيا جزء من تبعاته، واعتبره قرارا خطوة غير إيجابية تجاه المغرب.

كما عملت موريتانيا وبدعم قوي من الجزائر على فك الطوق الإفريقي عن نظام الانقلاب في مصر، والتقى السيسي بالرئيس الموريتاني، مدشنا بذلك علاقات قوية بين النظامين.

سنة الآيبولا

واجهت رئاسة ولد عبد العزيز للاتحاد الإفريقي أزمة الآيبولا، وقد استطاعت الدول الإفريقية التغلب تدريجيا، على أزمة الآيبولا، فيما كان من أهم إنجازات الرئاسة الموريتانية في هذا الصدد، الإعلان عن مساعدات قيمة للدول المتضررة من هذا الداء الخطير، ورغم حاجة الشعب الموريتاني الماسة إلى أن مقتضيات الرئاسة كانت تتطلب مستوى من “الجود” تجاه الرعايا الأفارقة.

خروج من خارطة مالي

كان من أبرز المفارقات خلال رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي تراجع دورها بشكل كبير في منطقة شمال مالي لصالح الدور الجزائري الذي أصبح أكثر وضوحا، وتحكما وهكذا أختار الفرقاء الأزواديون الاحتماء بالحضن الجزائري والعباءة الفرنسية، دون أن يخفي هؤلاء امتعاضهم من تراجع الدور الموريتاني في منطقتهم.

وهكذا انتهى العام الموريتاني دون أن تحل أزمة مالي ودون أن يجد السودان حلا لأزمته مع محكمة الجنايات الدولية، واكتفى بحضور باهت بعد أن حسم البوريكنابيون أمرهم، عقب الإطاحة برئيسهم السابق ابليس كومباوري

الجزائر تستعيد السيادة

لم تكن نهاية الرئاسة الموريتانية كبدايتها، حيث ارتطمت المواقف الموريتانية تجاه ليبيا بصخرة الموقف الجزائري، وأعلنت الجزائر رفضها لدعوة الرئيس الموريتاني للتدخل العسكري في ليبيا، قبل أن تطوي الصفحة الموريتانية وتنتقل الرئاسة إلى رئيس دولة زمبابوي روبرت موغابي وهو المعروف بعدائه التام للغرب ورفضه للتدخل الأجنبي في إفريقيا، مع ديكتاتوريته وتحكمه.

ويبقى أهم إنجاز موريتاني خلال فترة الاتحاد الإفريقي هو الوصول إلى هذا المنصب أصلا، مع مستوى غير قوي من الفعالية للخارجية الموريتانية، سرعان ما قررت موريتانيا التراجع عنه بإقالة وزير الخارجية أحمد ولد مكيه وإسناد الرئاسة لوزيرة قادمة من خارج العالم الدبلوماسي.

المصدر : السراج

Exit mobile version