الوضعية الموريتانية الحالية،لا تقبل السكوت،ومخاطر الكلام متعددة الجوانب،غير أن ركوب الخطر في سبيل قول الحق وحفظ الأمن واجب عَقديٌّ، و مسؤولية وطنية. سيما إذا تعلق الأمر بوظيفة رئاسة الجمهورية.
وقد حان لنا – بعد الإصرار الموفق لفخامة رئيس الجمهورية، على احترام الدستور الموريتاني، رغم الفتاوى الفقهية،و الآراء المصلحية،و الإغراءات المستقبلية – أن نقدم رأيا يساعد في إنارة الطريق في العشرية القادمة، التي تشكل -قطعا- حسما نهائيا لمستقبل هذه البلاد.
و بالنظر إلى أوضاعنا الداخلية، التي تحتاج لكثير من التوازنات السياسية، و الإقتصادية ، و الإجتماعية. و للحزام الإقليمي المحيط بنا،المشتعل بالحروب الداخلية،و الإرهاب العابر للحدود،و التدخلات الدولية، و خروج النظام العربي من المعادلات السياسية، و تزلزل ضوابط و قواعد العلاقات الدولية، و احتمال انفجار الثروات الطبيعية في منطقتنا الحدودية ، جنوبا و شمالا . فإن رئيس الجمهورية في هذه الحقبة،يجب أن تكون له بصيرة متقدة ، و قدرات متعددة ، و مواهب مفرطة ، و تجارب ناجحة،بها كلِها يتمكن من التصرف المبدع،بل و الفعل المعجز . لا من أجل كيان سياسي متماسك فقط ، ولكن أيضا من أجل القيام بدور ريادي فاعل في المنطقة ، و مع الشركاء الدوليين.
و منذ سنة ١٩٧٨ و الصالون السياسي،يفاضل بين الرئاستين المدنية و العسكرية.ومع أنني أرى أن أساس التفاضل هذا غير صحيح ، فإنه لاشك أن اختلاف الأحوال و الظروف قد يرجح بعض المؤهلات على بعض .
وقد دل التاريخ السياسي الموريتاني – رغم حداثته- على فشل ظاهرتين اثنتين.
الظاهرة الأولى : هي الجلوس على كرسي الرئاسة بدون حد معروف ولا زمن موصوف .(حالة المرحوم المختار ولد داداه و معاوية ولد سيد احمد الطايع) .
الظاهرة الثانية: هي ” التمدِين” العفوي المباشر لرئاسة الجمهورية، بعد فترة ما من العسكرة المباشرة.(تجربة ابنيجارة رحمه الله،و سيد ولد الشيخ عبد الله حفظه الله) .
لذا فإني أرى أن سلوك خط الوسط – ونحن أمة الوسط- بالبحث عن شخصية مزدوجة ، مدنية و عسكرية في آن واحد ، أكثر أمنا و أشد احتياطا.
ولا أرى أن أحدا يخالف في أن أولى الناس بذلك هو الفريق/محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني،فهومدني بداية و نهاية ، وهو عسكري رتبة و مهنة ، و تجربة موفقة .
قديما فاضل أبو تمام بين السيف و القلم فقال :
السيف أصدق أنباء من الكتب —– في حده الحد بين الجد و اللعب
لكنه نسي أن جمع السيف و القلم معا ، أصدق من كل واحد منهما منفردا.
ثم إني أعتقد أنه لا يحتاج لترشيح مسنِدِ ، و لا إلى إنفاق مسرف.
كان الإمام بداه ولد البصيري عليه رحمة الله يعرض رأيه مؤصلا،و مفصلا، ثم يقول: هذا رأيي و من جاء بأحسن منه قبلته ، و لكنه لا يستطيع أن يأتي به.
منى إن تكن يكن أحسن المنى ——و إلا فقد عشنا بها زمنا رغدا
نقلا عن موقع الطواري