نشرت وكالة الأخبار ماقالت إنه معلومات حصلت تكشيف بعض تفاصيل صفقة استلام شركة إماراتية لمطار نواكشوط الدولي ـ أم التونسي لمدة 25 سنة وجاء في الوكالة ما يلي :
حصلت الأخبار على معلومات خاصة تكشف عن موافقة السلطات الموريتانية على استلام شركة “مطارات أبو ظبي” لمطار نواكشوط الدولي “أم التونسي”، وإنشاء شركة باسم”AFROPORT” للقيام بهذه المهمة، وكذا الإعلان عن اكتتاب جديد للعمال، كما حصلت الأخبار على تفاصيل التسهيلات الكبيرة التي قدمت للطرف الإماراتي خلال التحضير للصفقة، واطلعت الأخبار على تقرير يبين حجم الخسائر التي ستتعرض لها شركة مطارات موريتانيا، وكذا الموريتانية للطيران بسبب الصفقة، إضافة لصور خاصة لأول اجتماع يعقده طاقم الشركة الإماراتية في المطار، وهو اجتماع حرصت الجهات المنظمة له على أن يظل بعيدا عن الإعلام، وأكدت ضرورة التكتم التام عليه.
استغلال لمدة 25 سنة
في يوم 08 مارس 2018 أطاح مجلس الوزراء بالمدير العام لشركة مطارات موريتانيا إبراهيم كان دون الكشف عن أسباب إقالته، لكن ما جرى خلال الأيام القليلة اللاحقة كان كفيلا بكشف الأسباب، فبعد إقالته وتعيين با عبد الله مامادو خلفا له استدعي الأخير فجأة من طرف جهات عليا لقصر المؤتمرات لتوقيع صفقة لم يكن على علم بها، ولم يجد الوقت للتحضير لها، بموجبها تستلم “مطارات أبو ظبي” تسيير مطار نواكشوط لمدة 25 سنة.
الصفقة وقعت يوم 20 مارس 2018 من طرف المدير الجديد للشركة، أي بعد 12 يوما فقط من تعيينه، وتم توقيعها في ظروف وصفت بالخاصة، كما تم التكتم على الحدث وإبعاده عن أضواء الإعلام، وغُيبت عنه وزارة التجهيز والنقل الوصية على القطاع، كما أُبعد عنه خبراء الشركة، وفضلا عن ذلك كانت نسخة الاتفاقية التي تم التوقيع عليها محررة حصرا باللغة العربية التي لا يتقنها المدير الجديد بالقدر الكافي لاستيعاب مختلف تفاصيل الاتفاقية.
تمنح الصفقة شركة “مطارات أبو ظبي” حق استغلال مطار نواكشوط الدولي لمدة 25 سنة، مع ما يترتب على ذلك من امتيازات، كما تبعد شركة مطارات موريتانيا عن تسيير المطار، وتلغي الامتيازات المالية الضخمة التي كانت تستفيدها شركة “الموريتانية للطيران” من خدمات “الهاندلينغ”.
شريك غير معلن
الدخول العملي في صفقة منح البوابة الجوية الوحيدة لموريتانيا تطلب حضور وفد إمارتي خفي، وصل موريتانيا على متن طائرة خاصة منتصف مايو 2018، وعقد هذا الوفد “السري” لقاءات مع عدد من المسؤولين الموريتانيين تم التكتم على أسمائهم أيضا.
واكتفت الوكالة بالقول إن “وفدا اقتصاديا إماراتيا أجرى مباحثات في نواكشوط مع مسؤولي بعض القطاعات الوزارية تطرقت لبحث آفاق تطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين الشقيقين”، مؤكدة أن الوفد يزور موريتانيا “تنفيذا لتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وبمتابعة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة”.
وأضافت الوكالة أن الوفد بحث “فرص الاستثمار في البلاد، وتطوير مجالات الشراكة والتعاون، خاصة داخل قطاعات الاقتصاد والتجارة والصيد والزراعة والإسكان”، دون تحديد ماهية التعاون، أو تفاصيل المشاريع التي تم بحثها، أو الجهات التي تم التباحث معها.
الإعلان عن شركة جديدة
يوم 6 يونيو 2018 دخلت التحضيرات مرحلة متقدمة، حيث وصل وفد آخر من “مطارات أبو ظبي”، وذلك بعد قرابة شهرين ونصف من توقيع الصفقة، ليباشر هذه المرة إجراءات تسلُّم المطار، ويكشف لأول مرة اسم الشركة التي يبدو أنها أنشأت في يناير 2018 بهدف تسيير مطار نواكشوط الدولي، وتحمل اسم “AFROPORT”.
مسؤولون موريتانيون مع وفد الشركة الإماراتية خلال ترتيبات استلام المنفذ الجوي الدولي الوحيد لموريتانيا
الوفد الإماراتي – الذي تكفلت سيارات عسكرية لفترة بنقله من فندق اطفيلة حيث ينزل إلى مطار نواكشوط – ضم المدير العام للشركة الجديدة، وهو شاب إماراتي اسمه محمد، إضافة لمديرها الإقليمي وهو هندي اسمه فنسان دنهي، ومسؤولها المالي وهو باكستاني اسمه زراق أسلم، ووالد هذا الأخير وهو خبير مالي اسمه أمير أسلم، ومسؤولة المصادر البشرية وتسمى “ابراين”، ومسؤول المعلوماتية ويسمى “مارلين”.
الوفد عقد اجتماعا مع عدد من عمال شركة مطارات موريتانيا، بدأه المدير الإماراتي بطلب التكتم على الاجتماع، وعلى الشركة، وكل التفاصيل المتعلقة بها، طالبا العمل على إبعاد الإعلام بشكل كلي عنها، مشددا على ضرورة أخذ الاحتياطات حتى لا يتم الحديث عن الموضوع قبل إعلانه بشكل رسمي.
وقال المسؤول الإماراتي – حسب ما كشفته مصادر خاصة للأخبار – إن هدف الشركة هو رفع نسبة استغلال مطار نواكشوط، لافتا إلى أن نسبة استغلاله الآن لا تتجاوز سدس طاقته الاستيعابية (حوالي 330 ألف مسافر من أصل 2 مليون)، مستغربا ارتفاع كلفة الطاقة في المطار، ومتعهدا بتعاقد مع شركة “مصدر” الإماراتية لتوفير طاقة أجود، وأقل كلفة للمطار.
اجتماع.. وإعلان اكتتاب
يوم 05 نوفمبر الجاري أعلنت الشركة المنشأة حديثا – والتي أطلقت موقعا إلكترونيا وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي دون تقديم معطيات تفصيلية عنها – عن اجتماع مع 25 من عمال شركة مطارات موريتانيا، وذلك بحضور مكتب دراسات يمثله خبير موريتاني في المصادر البشرية اسمه هارون مصطفى سيداتي.
دعوة عمال شركة “مطارات موريتانيا” لدعوة للتحسيس تحدد مواعيد الاجتماعات، والإعلان موقع من المدير الإقليمي للشركة فنسان دنهي
وخلال الاجتماع الذي حضره 40 من عمال الشركة أعلن الإماراتيون أنهم بصدد إعلان اكتتاب جديد للعمال، مؤكدين بأنه لا شيء يلزمهم باكتتاب عمال شركة مطارات موريتانيا، لكنهم سيعملون على منحهم الأولية في بعض المواقع دون مراعاة للأقدمية.
مصدر مقرب من شركة “آفروبورت” أكد في تصريح للأخبار أن الشركة ستعمل في نواكشوط فقط، وبناء على ذلك “فستعطي الأولوية لموظفي سام في نواكشوط من أجل استقرار الوظائف”، مردفا أنها “ستحافظ على سام كمقدم خدمات بهدف ضمان بقاء الموظفين الذين لم تكتتبهم آفروبورت في وظائفهم بشركة سام. فالهدف سيكون المساعدة في خلق وظائف جديدة والمحافظة على الوظائف الموجودة”.
الأخبار اتصلت بخبير المصادر البشرية هارون مصطفى سيداتي حيث تحدث عن حضوره الاجتماع، مؤكدا المعلومات الواردة عن تنظيم الشركة لاكتتاب جديد للعمال، لافتا إلى أن دوره يدخل في إطار الإشراف على عملية الاكتتاب لصالح الشركة الجديدة، مردفا أنه غير مخول بالحديث أكثر عن الموضوع.
الشركة الجديدة استبعدت – بشكل كلي – عمال شركة مطارات موريتانيا في المطارات الداخلية، وذلك رغم أخذها – وفقا للصفقة – لعائدات مالية بعشرات الملايين من الأوقية كانت تحصل عليها الشركة الموريتانية.
خَطوات على طريق التفليس
وبموجب هذه الصفقة ستخسر شركة مطارات موريتانيا عوائد مالية كبيرة كانت تحصل عليها من شركات الطيران التي تستخدم مطار نواكشوط الدولي، وتصل أضعاف نفقات الشركة، خصوصا تلك المتعلقة بالرواتب وتسيير مطارات الداخل، وذلك ما يضعها على طريق التفليس، في مسار أخذته عدة شركات رسمية قبلها، من بينها سونيمكس، وأنير، ووكالة النفاذ الشامل، كما يتهدد نفس الخطر شركة “الموريتانية للطيران”، التي ستكون مطالبة بدفع 100 مليون أوقية قديمة شهريا كانت شبه معفية منها بموجب التسهيلات التي تتلقاها من شركة مطارات موريتانيا مقابل خدمات المطار، كما فقدت خدمات “الهاندلينغ – HANDLING “.
وتظهر أرقام شركة مطارات موريتانيا أن كتلة رواتبها الشهرية كانت في حدود 40 مليون أوقية، أما مداخليها الشهرية فتتجاوز 150 مليون أوقية من الرحلات المنتظمة للشركات التي تعتمد رحلات أسبوعية إلى نواكشوط، وهي (المغربية: 50 مليون، والفرنسية: 40 مليون، والتركية: 20 مليون، والجزائرية: 17 مليون، وبينتر الإسبانية: 14 مليون، والتونسية: 10 مليون).
تنضاف لهذه المداخيل من الرحلات المنتظمة، مداخيل أخرى عبر المسافرين، منها 11 ألف أوقية قديمة عن كل تذكرة سفر خارجية، وألف أوقية من كل تذكرة سفر داخلية.
كما ستخسر الموريتانية للطيران المعاملة التفضيلية التي كانت تعاملها بها شركة مطارات موريتانيا، والتي وصلت الديون المتراكمة عليها – رغم هذه المعاملة التفضيلية – إلى 2 مليار أوقية.
كما كانت شركة مطارات موريتانيا تقدم سنويا مبلغ 30 مليون أوقية كدعم للمكتب الوطني للأرصاد الجوية، وهو الدعم الذي قالت الشركة الإماراتية – عبر المصدر المقرب منها – إنها ستلتزم بدفعه.
ضرب لشركة شبه عمومية
وتعتبر الاتفاقية الحالية ضربة لشركة “مطارات موريتانيا” شبه العمومية، والتي تمتلك منها الدولة الموريتانية نسبة 66%، فيما تعود البقية لخصوصيين موريتانيين.
وأنشأت شركة “مطارات موريتانيا – SAM” بموجب المرسوم رقم: 105 – 94 الصادر بتاريخ: 15 – 12 – 1994، وبرأس مال يبلغ 458 مليون أوقية، وكانت الدولة الموريتانية تملك منها نسبة 33% مقابل 66% لخصوصيين موريتانيا أبرزهم مجموعة أهل عبد الله، ومجموعة أهل انويكظ.
ومنحت الدولة للشركة الوليدة حق تسيير مطارات موريتانيا لمدة 25 سنة تنتهي العام القادم.
وفي العام 2012، وفي إطار التحضير لإنشاء مطار نواكشوط الجديد، أعيد ترسيم رأس مال شركة مطارات موريتانيا لترتفع نسبة الدولة فيها – بفعل تراكم الضرائب – إلى 66%، وتبقى نسبة 33% للخواص.
مصير مجهول
وبموجب الصفقة سيجد عشرات العمال الموريتانيين أنفسهم أمام مصير مجهول، فالشركة الأجنبية ترى أنه “لا شيء يلزمها باكتتابهم” – بحسب ما أكده خبير المصادر البشرية هارون مصطفى سيداتي – أما المصر المقرب منها فاكتفى بحديث عام يقول فيه إنها “ستعطي الأولوية لموظفي سام في نواكشوط”، وهو ما يعني استبعاد موظفي الشركة الموريتانية في مطارات الداخل.
وحتى من حالفهم الحظ من العمال وتم اكتتابهم في الشركة الإماراتية فإنهم سيخسرون تجربتهم، وحقوق الأقدمية مع شركة “سام” لأن الشركة ستعاملهم باعتبارهم موظفين جددا، كما أن بعض العقود الموعودة لا يتجاوز سنتين.
وستكون وضعية من يبقى من العمال في شركة “سام” صعبة، وخاصة عمال الداخل، فهم في شركة فقدت مواردها المالية البارزة، التي ذهبت جراء الصفقة، وسيكون تحديها الأبرز هو الاستقرار المالي، وضمان استمرار رواتب عمالها، وتسيير منشئاتها الداخلية.
ولم تتضمن الصفقة الموقعة بين الطرفين أي بنود لحماية عمال شركة “مطارات موريتانيا” أو ضمان حقوقهم.
ضغط خارجي لتكوين لم يكتمل
في العام 2015 وضعت الوكالة الدولية للطيران المدني OCAI ضمن شروطها لمنح رخصة للمطار الجديد خضوع طواقم شركة مطارات موريتانيا لتكوين مكثف.
وبناء على هذه الضغوط، وقعت الشركة اتفاقا مع أكاديمية محمد الخامس لتكوين 25 من موظفي الشركة لفترات تتراوح ما بين 3 إلى 9 أشهر.
وقد ابتعثت الشركة موظفيها إلى الأكاديمية المغربية حيث تلقوا التكوين، غير أن الأكاديمية رفضت تسليمهم إفادات بسبب عدم وفاء شركة مطارات موريتانيا بالتزاماتها المالية.
AFROPORT : طموحنا في إفريقيا إستراتيجي
مصدر مقرب من الشركة الإماراتية أكد في تصريح لوكالة الأخبار أن شركة “آفروبورت” أنشئت “من طرف مجموعة تتولى تسيير مطارات أبو ظبي، بطموح إستراتيجي يهدف لدخول السوق الإفريقي كما هي حال “مجموعة مطارات باريس” (ADP) التي تسير عدة مطارات في القارة، وكذلك الشركات التركية التي حصلت مؤخرا على تشغيل مطار دكار”، مؤكدا أن “آفروبورت” تسعى “للفوز بعدة مطارات خلال السنوات القادمة”.
وأضاف المصدر أنه في “موريتانيا أنشأت المجموعة شركة محلية تدعى آفروبورت موريتانيا المحدودة”، مردفا أن موريتانيا ستحصل “بموجب تنازلها عن تسيير المطار لمدة 25 سنة، على تعويضات التنازل إضافة إلى نسبة من الربح. وبالإضافة إلى ذلك ستستثمر الشركة خلال سنوات الاستغلال الأولى من أجل مطابقة المطار للعديد من المعايير الدولية والقيام ببعض الاستثمارات الأخرى لإجراء الإصلاحات الضرورية”.
وعن الامتيازات التي ستحصل عليها شركة مطارات موريتانيا، قال المصدر إن الاتفاقية الموقعة بين الطرفين “تحدد أن شركة مطارات موريتانيا “سام” ستتنازل عن تسيير مطار أم التونسي، غير أنها تبقى مكلفة بتسيير المطارات الأخرى كما ستستمر في العمل بنواكشوط باعتبارها مقدم خدمات لـ”آفروبورت” وللدولة”.
وأضاف: “بما أن آفروبورت ستعمل في نواكشوط فقط فستعطي الأولوية لموظفي سام في نواكشوط من أجل استقرار الوظائف. وفي الواقع فإن آفروبورت ستحافظ على سام كمقدم خدمات بهدف ضمان بقاء الموظفين الذين لم تكتتبهم آفروبورت في وظائفهم بشركة سام. فالهدف سيكون المساعدة في خلق وظائف جديدة والمحافظة على الوظائف الموجودة”.
واعتبر المصدر أن “جميع عمال آفروبورت سيكونون موريتانيين باستثناء بعض المناصب الإستراتيجية التي ستسند بصفة مؤقتة لأجانب من أجل قيادة التحول الابتدائي الضروري لجذب مزيد من شركات الطيران ومن فرص الأعمال للمطار”، مؤكدا أنها “ستمنح الأولوية لسام لأن الجانب الموريتاني يسعى لضمان الاحتفاظ بذوي الخبرات والمحافظة على الوظائف الموجودة”.
وشدد المصدر المقرب من شركة “آفروبورت” والذي تحدث للأخبار على أنه “تم بالفعل في مرحلة ثانية من المفاوضات، استعادة الهاندلينك من الموريتانية للطيران، بهدف ضمان تنافسيته ومساعدة المطار بشكل أكبر على أن يكون مطابقا للمعايير”، لافتا إلى “أنها خدمة مركزية بالنسبة للمعايير وسيكون على آفروبورت أن تستثمر من أجل تحسينها، وأن تمنح الأولوية للاستفادة من خبرات عمال هذه الهيئة”.
كما أكد أن “مساهمة سام في المركز الوطني للأرصاد الجوية وفِي غيره من الهيئات ستتم المحافظة عليها من طرف آفروبورت”.
نقلا عن وكالة الأخبار بتصرف