“لاَ مَرْكَزِيّةُ” تَخْلِيدِ الاسْتِقْلاَلِ..دَلاَلاَتٌ و مُقْتَرَحاتٌ

سيتم تخليد الذكرى الثامنة و الخمسين لعيد الاستقلال الوطني بعد أيام معدودات بمدينة “النعمة”عاصمة ولاية الحوض الشرقي تَسَاوُقًا مع تقليد جيد و سُنّةٍ حسنة سَنّتْهَا الحكومة الموريتانية منذ سنوات قَضَتْ” بلامركزية” تخليد الذكرى السنوية للاستقلال.

و التخليد السنوي لذكرى الاستقلال هذا العام يتنزل زمانيا بعد إنشاء و انتخاب المجالس الجهوية مما يضفى على التخليد بعواصم الولايات بعدا داعما للمجالس الجهوية و هي تخطو خطواتها الأولى و هو ما يجدر أن يفطن له المنتخبون الجهويون فيعطوه من “الماء ما يستحق”.

و ما من شك فى أن لا مركزية تخليد ذكرى الاستقلال دُولَةً بين عواصم الولايات تحمل العديد من الرسائل و الدلالات أولاها أن هذا التخليد هو نوع من “إحياء” المدن -عواصم الولايات التى يشهد أغلبها “نوما ثقيلا” حيث تستفيد من مناسبة التخليد تجهيزا بالطرق و البنى التحتية الأساسية و تنشيطا للحركة التجارية يوم التخليد و أياما عديدة قبله و أياما قليلة بعده.

ثانى دلالات لامركزية تخليد ذكرى الاستقلال هو تنظيم عرض عسكري و أمني يُستعرض فيه التطور الحاصل أفرادا و عتادا لدى الجيش و قوات الأمن يراه مواطنو الولاية المُخَلّدِ بها رأي العين فيزيدهم اطمئنانا و فَخارا كما لا يستبعد أن يكون تنظيم العرض العسكري دورانا بين عواصم الولايات حاملا “لرسالة إلى من يهمهم الأمر”منطوقها الجاهزيةُ الدفاعية و الأمنية المتطورة لقوات الجيش و الأمن .

أما الدلالة الثالثة للامركزية تخليد ذكرى الاستقلال فهي تبنى سياسة الأقربية من المواطنين و تجسير الهوة بين “المتن و الأطراف” و توفير فرصة الإقامة لرئيس الجمهورية -الذى يترأس فعاليات التخليد – يومين أو أياما بإحدى عواصم الولايات اضطلاعا على أوضاعها و استكشافا لقدراتها و مُزَحِفَاتِهَا و لقاء بكبراء و بسطاء فاعليها،…

و تثمينا لهذه التجربة التى بَلّغَتْ رسالاتها و دلالاتها أعتقد أن المقترحات التالية مُعينةٌ على تثبيت و ترسيخ تجربة لا مركزية التخليد السنوي لذكرى الاستقلال:

أولا- تنويع النشاطات التخليدية: و ذلك من خلال تنظيم حفل خطابي يسبق العرض العسكري يلقى -ضمن وقائعه-رئيسُ المجلس الجهوي كلمة ترحيبية و يوجه من منصته بشكل مباشر رئيس الجمهورية خطابه السنوي؛

ثانيا-تبويبُ و تثبيتُ بَنْدَيْنِ ضمن الفعاليات المخلدة لذكرى الاستقلال بعواصم الولايات أحدهما اجتماع لمجلس الوزراء و ثانيهما جلسة برلمانية إن وجد مكان يسع كافة البرلمانيين فإن لم يوجد التأم اجتماع لمكتب الرؤساء على الأقل؛

ثالثا-إنشاء “برنامج وطني لتخليد ذكرى الاستقلال”: يعهد بإدارته لأحد أكفإ الأطر بالبلد و أكثرهم إيمانا بقيم الاستقلال الوطني و استيعابا لضرورات توازن التنمية الجهوية و المناطقية و المحلية.

و يكلف البرنامج بوضع معايير موضوعية لترتيب المدن التى ستخلد بها ذكرى الاستقلال جوابا لكل من قد يسأل عن أي أساس يبنى عليه تقديم و تأخير المدن المستضيفة لذكرى الاستقلال؟.

كما يضطلع البرنامج بإعداد خطة تخليد تنموية طموحة خمسية على الأقل تعبأ لها الموارد الذاتية للدولة كما تعبأ لها الموارد الخارجية سواء منها المنح و الهبات و “القروض الحسنة” و القروض الميسرة و غير الميسرة؛و من حسنات خطة تخليد من هذا العيار غَرْسُ مزيد من الثقة بين مواطنى الولاية المخلّدِ بها و “الدولة الوطنية المستقلة”.

المختار ولد داهى،سفير سابق

Exit mobile version