ولد أمباله: إشاعة الفوضى وإتاحة الفرصة للمفسدين ليستا من الدين في شيء

ولد أمباله: إشاعة الفوضى وإتاحة الفرصة للمفسدين ليستا من الدين في شيء

أكد الدكتور محمد المختار ولد امباله رئيس المجلس الأعلى للفتوى والمظالم أن واقعة تمزيق المصحف الشريف التي حدثت الليلة قبل البارحة لا تليق بمجتمع مسلم.

وقال في مقابلة مع الوكالة الموريتانية للأنباء اليوم الأربعاء إن مثل هذا التصرف لم يحدث إلا في اغوانتا نامو أو إيطاليا ولا يمكن بحال من الأحوال أن يحدث في مجتمع مسلم كالمجتمع الموريتاني.

وأضاف أن الأمر أشنع وأفظع مما يمكن أن يتصوره الإنسان المسلم لأن القيام بهذا الفعل هو أعلى درجات الكفر والجراءة على الله تعالى.

وفاعله إذن، خارج عن الملة وكافر كفرا بواحا ودمه مستباح، فتمزيق المصحف وحتى الاستخفاف به يخرج من الملة و لا نحتاج للسؤال عن حكم فاعله لأن كل أحد يعرف حكمه بالفطرة وإنما تأثيره على المسلمين هو الذي يسأل عنه.

فهذا العمل يعتبر رصاصة في قلب كل مسلم لأن كلام الله تعالى أعظم مقدس إطلاقا والمساس به منكر تتقطع له الأكباد.

وعن الإجراءات التي يجب اتخاذها اتجاه هذه الفعلة الشنيعة قال رئيس مجلس الفتوى والمظالم إن المعني بهذا الأمر هي الدولة التي هي ملزمة بتوفير الحماية للشعب وللمقدسات الإسلامية وعلى رأسها المصحف الشريف الذي هو كلام الله جل وعليها وأن تبحث عن صاحب هذه الفعلة وتعتقله وتحقق في أمره تحقيقا دقيقا وتنزل به أقصى عقوبة لأن هذه القضية ليست قضية شخص أو أشخاص وإنما قضية أمة بكاملها.

كما يجب، يضيف الدكتور محمد المختار ولد امباله، علينا جميعا أن نبحث ونجد في البحث عن هذا المجهول حتى نعرف هل فعل ذلك عن قصد منه أو شقاوة واستهتارا بأمور الدين ونعرف ما وراء هذا الأمر وما الذي دعا صاحبه إلى القيام به ومن الذي اتفق معه على ذلك وأعانه عليه لأن هذه جريمة من أكبر الجرائم بل هي أعظم من الخيانة العظمى التي ما وراءها خيانة.

فكأن صاحب هذه العملية يريد أن يعبر عن استهزائه واحتقاره للأمة بتدنيس أعظم مقدساتها .

القرآن هو أصل الدين باعتباره كلام البارئ جل وعلا وصفة من صفاته إذ لا يمسه إلا المطهرون لتعظيمه وتشريفه .

وبخصوص طريقة التعبير عن استنكار هذه الفعلة الشنعاء نبه الدكتور امباله إلى أن واجب الأفراد اتجاه هذه القضية واستنكارهم لها يجب أن يخضع لقواعد الشرع في حدود تطبيق القرآن لقوله جل وعلا: ولا تزر وازرة وزر أخرى، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام” ولا يجوز للأمة ولا للإفراد أن يقوموا في سبيل ذلك بما يترتب عليه ما هو أعظم منه كإراقة الدماء وإشاعة الفساد في المدينة وتكسير السيارات أو جرح إنسان أو كلمة نابية اتجاه الشخص كائنا من كان فهذا لا يجوز.

ونحن كلنا يد واحدة على المجرم وعلى قلب واحد في هذه القضية وسواعدنا وأيدينا متشابكة من أجل القبض عليه أما إشاعة الفوضى وإتاحة الفرصة للمفسدين فهذا ليس من الدين في شيء.

ولنا ان نعبر عن شجبنا هذا الأمر بألسنتنا وخطبنا على المنابر ونبين حكمه الذي لايخفى على أحد ونستنكر فعل الفاعل بأفواهنا وأقوالنا وما في وسعنا من العمل ، أما أن نحمل الآخرين المسؤولية ضد مجهول فهذا مما لاينبغي البتة.

وينبغي أن تكون المسيرات من أجل استنكار هذا الأمر مرخصة وممنهجة ومضبوطة لها حدودها التي لاتتجاوزها فإنه لايتجمع عشرة إلا وفيهم مفسد فيكون مثلا تسعة أشخاص يريدون الإصلاح ولكن فيهم مفسد فيفسد كل ذلك فينبغي أن نحافظ على المصلحة ومن ذلك أن لانفعل في سبيل إنكار هذا النوع من الأمور إلا ما يرضي الله عزوجل.

وحول سؤال عن أفضل الطرق لتحصين أنفسنا وشبابنا مما يقود لمثل هذه التصرفات قال الدكتور محمد المختار ولد امباله إن التحصين من هذا النوع من الظواهر يكون بالتعليم الصحيح للكتاب والسنة والعمل بهما دون محاباة، وتربية الشباب على القيم الدينية والأخلاق الحسنة لأن الولد يولد كالصحيفة البيضاء التي يمكن للإنسان أن يكتب فيها ما أراد لحديث النبي صلى الله عليه وسلم “كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ” فإذا حافظنا على هذه الفطرة السليمة بقيت كما كانت وإلا تعرضت للفساد والإلحاد واتسخت بأقذار الحضارة وأقذار الملل والنحل الأخرى.

فيجب أن نحصن أبناءنا بالتربية الصحيحة ونعلمهم الشريعة الغراء فهذا هو واجب كل مسلم ، أما الأمور الأخرى المعينة على حياة الدنيا فهي مطلوبة أيضا ولكنها في الدرجة الثانية بعد الإيمان.

من جهة أخرى فإن الفرصة الوحيدة للتعليم هي فرصة الصغر فقط، فعلينا أن نهتم بأجيالنا وأن تشدنا هذه القضية إلى إيماننا وديننا وتجعلنا نتمسك بهما أقوى وتجعلنا نخاف عليه من التيارات الحديثة ونحصن أولادنا من كل الانحرافات.

وعن الأسباب التي أدت أو ساعدت في وقوع هذه الجريمة النكراء حسب رأيه، قال ولد امباله إن هذا الأمر من أعلى درجات الكفر بل زيادة على الكفر المعتاد.

وقد تكون الدوافع لهذا متعددة فمثل هذا الفعل لايصدر عن مسلم إطلاقا. فقد يكون الدافع لتحقيق مآرب خبيثة كتشويه سمعة هذا البلد المسلم لأن تدنيس المصحف أعظم جريمة وأبشعها خاصة في بلدنا، فموريتانيا ظلت حافظة للإسلام ومعلما له.

الدافع الثاني والذي لاينبغي أن نغفله هو أن الوطن فيه أناس يتربصون به الدوائر ويعلمون أن أهله يقدسون كتاب الله ويفدونه بأرواحهم وما ملكت أيمانهم وإذا ما وقع فيه مثل هذا فتقع هبة شعبية كما شاهدنا انتصارا للمصحف واستنكارا لهذا الفعل.

فالشعب الموريتاني المسلم غيور على دينه وأراد صاحب هذا الفعل إثارته وبالتالي إثارة الفوضى والبلبلة في المواطنين، فهذا العصر صراعات تحكمها المصالح وما من بلد إلا وله أعداؤه كما هو معروف.

ويستباح كل شيء في أيامنا هذه من أجل تحقيق المآرب و يجب أن لانكون أغبياء وأن ننتبه لذلك.

فهذه الحادثة إذا صحت لايمكن أن تكون بريئة ولا يمكن أن يكون تمزيق المصحف هو الهدف من ورائها وإلا فإن تمزيق المصحف يصح خارج المسجد والمصاحف كثيرة ولكن هناك أهداف أخرى لاتتعلق بشخص معين وإنما بوطن بأكمله.

و علينا حينئذ أن نتأنى وندرك أننا مستهدفون فلاينبغي أن نقع في الفخ الذي نصب لنا.

وعلينا كذلك أن نفرق بين المغالبة والنصيحة فالمغالبة مغالبة النظام وهي مذمومة ومحرمة ولافائدة منها وأما النصيحة فهي تبيين الحق بالحكمة والموعظة الحسنة وعلينا جميعا أن نسأل الله تعالى أن يوفقنا لقول الحق كما نسأله أن يسدد خطى دولتنا ويرشدها الى الطريق القويم فالدولة هي المسؤولة وحدها عن الامن .

Exit mobile version