ملامح استحقاقات 2018 / مصطفى يحي باب

اسدل الستار على الترشيحات … و توزع عناصر الأسرة الواحدة على المناصب الانتخابية الأم على لا ئحة النساء و الوالد على اللائحة الوطنية و الابن على اللائحة الجهوية و البنت على اللائحة البلدية ….ترشح الجميع من كل فج و صوب .. المتعلمون و الأميون.. الشباب و الشيوخ … و الرجال و النساء .. العقلاء و المجانين ، العدول و اللصوص … ، و لم يستنكف هذه المرة إلا من رحم ربك …، و استحقت موريتانيا بحق أن تتسمى ببلد المليون مترشح .. ، لانهم باتوا أكثر من شعرائنا و زاد تعدادهم على صحافتنا و فاقوا الأميين المنتشرين في اريافنا و أوديتنا. .. و تجاوزوا المتسولين على ارصفتنا ، في كل بيت لهولاء يشرق الأمل .. و ينتظر أهله فاتح الشهر التاسع ليدخلوا التاريخ .. ، كل مترشح يرسم لنفسه مستقبلا ورديا .. ، و يطمع في ان الأقدار ستعطيه هدية العمر يوم إعلان النتائج ..، فالمسن الذي تقاعد و انتهى جهده في الحياة و نال منه الزمن يمني نفسه بأنه سيعود شابا مفتول الذراعين ..، و سيخوض المعارك مجددا ليأخذ جزءا من شاة الفيفاء ( موريتانيا ) … ، و العاطل الذي فشل في الدخول الى عالم الوظيفة عبر المسابقات سيقتحم ميدان الشغل بقوة تحمله الأصوات و يزفه الناخبون إلى كرسي وثير ينسيه الشمس الحارقة و مسيلات الدموع في وقفات العاطلين و احتجاجاتهم …، و العانس ترى في الكرسي السحر و كمال الجمال …، و بمجرد جلوسها عليه سيخرج فارس من أي غيمة ليختطفها على جواد ابيض إلى عش الزوجية و السعادة الكاملة ، و سيحتمي اللص بحضنه من المساءلة …، فالخطوط العامة للبرامج الانتخابية لا تكاد في الغالب ان تخرج عن هذه المحددات ..و لا قواعد و لا جماهير لأغلب المترشحين لانها لا تنتظم في الفراغ … و لن تلتئم حول خيار بين عشية و ضحاها…فالأمر يحتاج لبعض الوقت و إلى بناء تراكمي قفز عليه البعض و تخطاه ..
ان حالة التشظي و التشرذم .. ، و وفرة اعداد المرشحين القادمين من خارج اسوار السياسة ، و عجزهم عن تقديم برامج واضحة و منافسة ، و اكتفائهم بالنشر الكثيف لصورهم المعالجة جيدا من ناحية الشكل بالبسمة و الديكور يعطي أسوأ انطباع عن اردأ حال للسياسة في موريتانيا .. ، اذ لم يعد للمشروع السياسي دور في الانتخاب و الاختيار ، و الآمال معقودة على الحظوظ و الصدف ، و لا شك أن الكثيرين سيصلون بالخطأ ، لأن أزيد من مليون ناخب أغلبهم اميون لم يتدربوا بالشكل المطلوب على الاختيار المادي بين لائحتين فقط لا يمكنهم أن يجسدوا ماديا اراداتهم في الاختيار بين عشرات القوائم و الترشيحات ، الأمر الذي سيفتح الباب مشرعا أمام العشوائية في الاختيار ..و الصعود العشوائي لساسة من ورق لايقدمون للحال إضافة و لا لمشكلاته حلا .
سينفخ الخاسرون في الانتخابات اوداجهم ..، و يرفعون عقائرهم بالاتهامات ..، محملين جهات الإشراف مسؤولية عدم نجاحهم ..، و ان الغش حال دون وضع التيجان المرصعة على رؤوسهم ، و سينشرون الحكايات عن معارك التزوير و أوهام النصر الموؤود و التصفية المقصودة لأنهم أرباب الرأي و الشجاعة ، و سادة غطاريف لا يقبل الحكام وجودهم إلا في دائرة الظل .. فنحن شعب يعادي الحق و الانصاف و لا يعرف المستحيل ، و لا يعترف بالتدرج ..، و لا يرضى بالحواجز بين الأشياء و لا يحترم المهنية و لا التخصص ، فجميعنا ساسة و صحافة و حقوقيون ، و كلنا أهل للإفتاء و المشورة و التحليل ..، و هذه أم الدواهي و رأس المشاكل التي تحبسنا عن الركب …، فطالما أننا لن نعترف مثلا للتقني بمكانته العالية حتى يرضى بها..، و لن نقبل من التجار و غيرهم من أرباب الحرف بأهمية الأدوار التي يقومون بها ..، فإننا سنظل في هذا المربع الآسن. . بلا تقنيين مفيدين و بلا ساسة محترفين ..

مصطفى يحي باب

Exit mobile version