باكرا اليوم طالعت المواقع الإخبارية الوطنية وتطلعت لأجد خبر يفيد بحل أزمة عمال الشركة الوطنية للصناعة المناجم “اسنيم” التي تعتبر شريانا رئيسيا من شرايين الاقتصاد الوطني . غير أن ما رأيت على صفحات هذه المواقع أصابني بشيء من الذعر حول ما يحيق بالبلاد من مشاكل لعل سياسة الحكومة تساهم في تجذيرها وترسيخها.
لا شك أن استمرار أزمة عمال “اسنيم” أمر خطير بابعاده الاقتصادية والإنسانية على العمال وذويهم. ثم على مجموعة من التجمعات السكنية كانت تقتات على ما يوفره قطار المعادن الذي توقف منذ أيام. الأمر الذي ينذر بكارثة تجسدت على أرض الواقع حتى لو كان المتضرر منها قابع في دهاليز الصحراء لا حول له ولا قوة. هنا تبرز أزمة ضمير تنتظر من يعيها ويعمل وفق مقتضياتها في هذه اللحظة الخطيرة والصعبة.
خبر آخر أثار انتباهي وهو المتعلق بعزم الحكومة الموريتانية إرسال سرية من الجيش الموريتاني للمشاركة في حرب أخرى شمال مالي، وهو أمر يعني أن السياسة الحكومية في هذا الاتجاه مصرة على جر الجيش الوطني إلى مستنقعات المجهول خارج الحدود الوطنية، رغم التجربة غير المشجعة التي خاضها الجيش في غابات غاوا شمال مالي في يونيو من عام 2011م.
لكن الخبر الذي يمثل الخطر الأعظم بالنسبة لي يتعلق بتصريح السفير الأمريكي في موريتانيا الذي قال : “في موريتانيا مشروع حرب طائفية”.
هذا التصريح يدفع بشكل صريح إلى توسيع الشرخ الاجتماعي الحاصل في البلد، وهو محاولة الاصطياد في مياه الواقع الاجتماعي الآسنة. وهو أيضا يعني أن الإدارة الأمريكية من خلال ممثلها في نواكشوط عازمة على تفتيت البنية الاجتماعية في البلد قبل إقدام الشركات النفطية الأمريكية على استغلال النفط الموريتاني الذي أعلن عن اكتشاف كميات معتبرة منه مع مطلع العام الحالي .
مجمل هذه التفاصيل يجعلني أشعر بقلق بالغ حول ما يعيشه البلد من مشاكل لاشك أن حلها يستدعي مزيدا من الوعي بأن هناك أمر ما يجري التدبير له في الخفاء من أجل الانقضاض على هذا الوطن وإدخاله في دوامة صراعات متعددة الأوجه.. ولذلك لا مناص من تعرية هذه الخطط قبل اكتمال نضوجها والتحذير مما قد يترتب على التساهل أو التغافل عنها بحجة أن الأمر لا يعدو أزمة عابرة أو قرار لحظي أو تصريح شكلي لا يعي اللحظة ولا يعبر عن الواقع.
الواقع الذي تعيشه بلادنا حاليا ضبابي بدرجة كبرى والسياسات الحكومية والخطط التنموية الحالية لا تبشر على أن المستقبل سيكون أكثر إشراقا.. هنا يجب أن نكون على قدر المسؤولية ونعالج الوضع قبل أن يتفاقم أو يصل إلى مرحلة يخرج فيها عن السيطرة لا قدر الله.