أخيرا وبعد طول انتظار خرجت وثيقة ممهدات الحوار إلى النور، وكلف المنتدى رسلا من أولي العزم منه بتبليغها إلى من يهمه الأمر داخل القصر.
لكن خروج هذه الوثيقة من الظلمات إلى النور، لم يقدم أجوبة شافية للأسئلة المطروحة حول مآلات الحوار، بقدر ما أضاف أخرى جديدة إلى مشهد سياسي أرهقته علامات الاستفهام والتعجب على مدى السنوات الماضية.
ولأن الرسائل تقرأ من عناوينها ولأن خلاصة أي أمر مهما كان إنما هي محصلة طبيعية لمقدماته، فإن الوثيقة التي يستعد سعاة المنتدى لوضعها في صندوق بريد النظام والظروف التي اكتنفت صياغتها والموافقة عليها، تشي بأن الحوار القادم يحمل في طياته من نذر الفشل أكثر مما يختزل من بشائر النجاح وشروطه.
فالهوة السحيقة بين فسطاطين أحدهما يقول بوجود أزمة خانقة والآخر ينفيها جملة وتفصيلا، والمخاض العسير التي عرفته وثيقة المعارضة قبل ولادتها، والدعوات المتكررة التي يطلقها قياديون في المنتدى بين الحين والآخر لمقاطعة الحوار القادم، كلها أمور تؤكد على أن الثقة معدومة بالكامل مما سيشكل ضغطا كبيرا على الطرفين عندما يجلسان إلى طاولة المفاوضات.
وإذا أضفنا إلى ذلك تلك النقاط الحساسة التي تم إدراجها ضمن قائمة ممهدات الحوار وعلى رأسها إضراب عمال شركة “أسنيم”، والكيفية التي سيتعامل بها النظام مع وثيقة أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها مفخخة بقضايا شديدة الإنفجار، سنجد أن فرص نجاح الحوار القادم تكاد تكون نادرة.
وحتى تكتمل هذه الصورة الضبابية، جاءت تشكيلة اللجنة المكلفة بإبلاغ رسالة المنتدى خالية من ممثلين عن الأحزاب الوازنة في ما يشبه استقالة سابقة لأوانها، كما أن الخرجة الإعلامية الأخيرة للرئيس مسعود، وهو الذي التزم وحلفاؤه في المعاهدة الصمت طويلا، تؤكد أنه حتى الحمائم التي كان يعول عليها في التخفيف من مناخ التشنج بدأت هي الأخرى تتحول إلى صقور.
هي باختصار مجموعة من النذر تسارعت وتفاقمت وجعلت كل الحساب تحيل إلى نتيجة واحدة، مؤداها أن فرص نجاح الحوار القادم ستكون نادرة حتى لا نقول معدومة.