إن الوفاء لتلازم عناق المحظرة والمئذنة، ولمداد العلماء ودماء الشهداء ، المعادلة الخالدة التي صنعت مجد الجمهورية الإسلامية الموريتانية،
البلد المتعدد الأعراق ، الاستثناء المتوحد في الدين والهوية الثقافية والحضارية،
بلد فريد في جغرافيته، جنوبا حيث ثنائية المسيحية والإسلام وأشكال من الوثنية ، في السنغال وساحل العاج وغامبيا ، وشمالا حيث ثنائية اليهودية والإسلام، وصراع هويات البربر والعرب والأمازيغ، في المغرب وتونس والجزائر والسودان
هذا المنجز الحضاري ، الذي يرمز للأخوة الإيمانية دون أكراه،، والمحبة الثقافية والأخلاقية الروحية دون رشوة أو ابتزاز ، يبرز أهمية إنشاء بلدنا لمتحف وطني بمقاطعة القدية بتكانت لدولة الفقهاء، وبمقاطعة اكجوجت باينشيري لجيل المقاومة الوطنية، لتكريم جيل التأسيس والفتوح وجيل التحرير والمقاومة
و يمكن أن يشكل هذا المشروع بيئة حاضنة لثقافات الرحل الملثمين من عرب وزنوج ، من أجيال وأبناء وحفدة: آزوكي وشنقيط ، ووادان وتشيت، وكمبي صالح وغانا ،وتيمبكتو وفاس، ولعيون وتيندوف، وغاوا وسيرت، ومراكش وتيدرة، وسينلوي وقوافل الحجيج
كما يمكن أن يعيد عن طريق العائد الديموغراقي السياحي، إحياء أهم الحضارات، التي تعبر عن المراحل التاريخية للعيش المشترك، لفضاء الساحل والصحراء، مع ما ترمز له تلك الحقب من كنوز ثقافية وتنوع ثري ،هو أفضل سلاح فكري وثقافي وديني، يمكن أن يواجه اليوم ناشري الكراهية والعنصرية والاستهزاء، وأن يعرف بتاريخ مديد ومجيد من العيش والتألق والبناء المشترك لسكان فضاء الساحل والصحراء في القارة الافريقية الفتية، مثل :
1- فتوحات عقبة بن نافع الفهري ووصوله في ولايته الثانية على أفريقية (62 – 64 هـ) إلي بلاد الملثمين
2- فتوحات عبد الرحمن موسى بن نصير (19 هـ/640 م – 97 هـ/716 م) فاتح إفريقيا والأندلس، وقد تمكن هو وابنه من إخضاع قبائل صنهاجة في الساحل والصحراء.
3- اجتياح الملثمين لأوداغوست وتأسيس دولتهم الأولي الخاصة بهم222هـ/836م،وقد اتخذوا مدينة أودغست عاصمة لدولتهم ومركزا لها بعد إسلامهم في القرن الثالث الهجري ، ومنذ ذلك الحين اتخذوها حاضرة لدولتهم المسلمة ، وهي قرب مقاطعة تامشكط بالحوض الغربي حاليا
وسيطروا كليا علي طرق القوافل، وأكد المؤرخون أنهم أول من أسسوا دولة ، ومن ملك بلاد الصحراء بأسرها
وقد اشتهر من ملوكهم في تلك المرحلة الملك ” يتلوثان” وهو أول ملك للصحراء من لمتونة، ويذكر عنه أنه كان يركب في مئة ألف نجيب وكانت وفاته سنة 222 هـ ، وقام بالأمر بعده “يلتان”. وتوفي سنة 287 هـ ، وأعقبه الملك تميم، الذي قتل سنة 306 هـ ، ويظهر أن مقتله كان نتيجة لخلاف بين قبائل صنهاجة حول الزعامة ، وتبين الخرائط سيطرتهم على عموم المجال الصحراوي وهو ما يشمل كلا من موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينافاسو وليبيا والجزائر والمغرب والصحراء الغربية.
4-تأسيس رباط الملثمين بتيدرة 50كلم قرب انواكشوط: (401هجرية 1010م) نواة الدولة المرابطية الصنهاجية الثانية
5-اجتياح المرابطين جبال لمتونةبآدرار(445هجرية 1053م)
6-اجتياح المرابطين أداغوست عاصمة مملكة غانا الوثنية 60كلم بعد تامشكط بالحوض الغربي:(447هجرية 1054م)
7- اجتياح المرابطين للمغرب:(449-451هـ الموافق 1057م-1059م).
8-تأسيس المرابطين لمدينة مراكش بالمغرب(1070 م- 462م)
9- انتصار المرابطين في معركة الزلاقة بإسبانيا حاليا:
( 12رجب479هجرية الموافق23 أكتوبر1086 م)
10- وفاة الإمام المجاهد المؤسس أبو بكر بن عامر (480هـ1087م).، دفين مكسم ابن عامر قرب القدية.
11- وفاة صنوه يوسف ابن تاشفين(481هـ1088م).
12-سقوط دولة المرابطين علي يد الموحدين(541هـ1147م).
13-اجتياح بني حسان للمجال الجغرافي للصحراء بكل سواحله وفضاءاته قرنين بعد ذلك(13-14م)، وبسطهم للتعريب الشامل للتعليم والكتابة بالحرف العربي ودواوين السلط في هذا المجال الجغرافي
14- المقاومة الوطنية للمستعمرالفرنسي(1905-1934م): مع إبراز تسعة وثمانون معركة أرخها المستعمر.، ومثلت معركة أم التونسي رمزا لوحدة المجاهدين في الهدف وفي الزاد والأعتاد.
15- الدولة الوطنية الحديثة ودول الساحل والصحراء(1960-2018)
هل يمكن لوزارة الثقافة أن تؤسس مكتبة ، أوتنتج أفلاما ، أوتطبع كتبا ، أو تطلق مهرجانات، أوتشرع معارض، أومنتديات لإبراز مجمل هذه الملاحم برؤية وطنية خالية من شوائب الانغلاق والتعصب،وتنبه على المشتركات وعلى الأخطار؟
السؤال مشروع ونحن نشاهد دولا تحاول أن تسلبنا التاريخ، والثقافة، والمقاومة، وأشكال حضارة الرحل، والمحظرة، والتصوف،ورموز ألق عيشنا المشترك، ودوحة صناعة التميز والمأسسة عند ملثمينا، منذ رست خيول عقبة بن نافع بالمحيط الطلسي، إلى أن خاضت خيول بني حسان
بحوافرها مشارق ومغارب فضاء الرحل.
والسؤال مبرر ونحن نرى من يحاول أن يشكك في مشترك التدين، أوأهلية اللغة العربية ، أوهوية المجال الجغرافي للملثمين،أو الهوية الحضارية لشعوب شمال افريقيا والمغرب العربي.
بقلم: محمد الشيخ ولد سيد محمد/ أستاذ كاتب صحفي.