رئيس اتحاد الإذاعات الإسلامية محمد سالم ولد بوكه يتحدث عن ادراما الإسلامية والقدس (مقابلة)

أكد محمد سالم ولد بوك- رئيس اتحاد الإذاعات الإسلامية- رفض الاتحاد بالإجماع قرار الرئيس الأمريكى “ترامب” باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيونى المحتل، ونقل السفارة الأمريكية للقدس، واصفا ذلك بأنه لن يُغيّر من عروبة القدس الثابتة تاريخيا ودينيا وواقعا معاشا، مهما تكالبت عليها محاولات التهويد وطمس الهوية العربية الإسلامية.

أعلن عن اتّباع الاتحاد لاستراتيجية موحّدة فى مواجهة الفكر المتطرّف من خلال إذاعة برامج وأعمال درامية مشتركة، يتم تبادلها بين الأعضاء، تعتمد على تقديم الصورة الصحيحة للدين الحنيف، بعيدا عن أى تعصّب أو تشدّد، مؤكدا أن جميع الأعضاء “على قلب رجل واحد” حماية لمجتمعاتنا الإسلامية، بل والإنسانية كافة.

وفيما يلى نص الحوار الذى أُجرى معه، على هامش اجتماع الاتحاد، الذى عُقد مؤخرا بالقاهرة.

ما هو تقييمك لأعمال المؤتمر الرابع الذى ترأّستموه مؤخرا، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام بالقاهرة، وإدارة العلاقات الدولية بماسبيرو؟

بفضل الله تعالى، نجح اجتماعنا الرابع الذى قوبلنا فيه بحفاوة بالغة من شعب مصر المضياف، حيث جاء النجاح بدرجة امتيار مما جعلنا نحمد الله على التوفيق الذى حالف كل المشاركين فى الاجتماع الذى عقد لمدة ثلاثة أيام وسط سعادة كل الحضور .

قلب رجل واحد

رئيس اتحاد الاذاعات الإسلامية في حواره مع عقيدتى
رئيس اتحاد الاذاعات الإسلامية في حواره مع عقيدتى
وما هى أهم البنود التى جاءت فى التوصيّات التى تراها وقد تفاعل معها غالبية رؤساء إذاعات القرآن الكريم على مستوى العالم الإسلامى والحضور من الوفود المشاركة؟

فى الحقيقة أرى أن جميع التوصيّات التى تليتُها فى الحفل الختامى للاجتماع الناجح تفاعل معها الحضور، ولكن يبقى أن أقول: إن من أهم البنود التى تفاعل معها الحضور بحرارة ملتهبة هو البند الأول حيث جاء فيه: أقر الجميع أنهم، على قلب رجل واحد فى رفض القرار الأمريكى بنقل السفارة الأمريكية إلى أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسْرى الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأذكى السلام، وتأكيد عروبة القدس.

التطبيق العملى

انطلاقا من هذه التوصيات المهمة، كيف سيتم تنفيذها وتطبيق استراتيجية المواجهة الحقيقية من قِبَل أعضاء الاتحاد لمحاربة الفكر المتطرف؟

نحن نعتمد فى جهودنا على تنفيذ الهيئات الأعضاء، ولذلك نسعى جاهدين- كل على حِدَة- لتنفيذ ما اتفقنا عليه من قرارات أو توصيات، أما استراتيجية مواجهة الفكر المتطرف، فهى مسئولية كبيرة وضخمة تتطلب مجهودا غير عادى من كل الأعضاء، لأن نُقدِّم الإسلام السمح بصورته الصحيحة البعيدة عن كل أشكال وصور العنف والتطرف، التى يريدون وصم الإسلام بها، وهو منها براء، فالله تعالى يقول: “ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن” وهى شعار الاتحاد.

ودورنا بل واجبنا أن نُقدِّم الدين الحنيف كما أُوحِى إلى سيدنا رسول الله الذى قال: “إنما بُعثت لأُتمّم مكارم الأخلاق”.

التعاون مستمر

هل هناك تعاون وتبادل للبرامج بين أعضاء الاتحاد؟ وبينه والإذاعات الأخرى؟

التعاون موجود- وإن كان ضعيفا وليس على المستوى المطلوب والمأمول- لكننا نسعى لتعميقه، لأن التنسيق فيما بيننا لم يعد تَرَفًا أو مسألة فرعية، فى ظل هذه التحديات الكبرى التى تواجه الإعلام عامة، والإسلامى منه خاصة، بما يفرض علينا الاتحاد والتعاون، ويكفى أن الله تعالى يأمرنا بذلك فى قوله: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”.

وإن شاء الله لن يقتصر هذا التعاون على الإذاعات الإسلامية فقط بل سيمتد لكل أنواع الإذاعات والتلفزة فى العالم الإسلامى لخدمة مجتمعاتنا وحمايتها ووقايتها من أفكار التطرف والإرهاب التى تغلغلت فى العالم كله، وللأسف الشديد، يتم إلصاقها بالإسلام والمسلمين زورا وبهتانا.

المهنية والموضوعية

محمد سالم ولد بوك
محمد سالم ولد بوك
وما هو تقييمك للإذاعات الإسلامية الحالية؟ وما هى المعوِّقات التى تحول دون قيامها بدورها على الوجه الأكمل؟ وكيف يمكننا الارتقاء بها؟

الإذاعات الإسلامية شأنها شأن الإذاعات والإعلام بصفة عامة، ونحن نعترف بوجود تقصير شديد فى أدواره المختلفة، نتيجة التحدّيّات والصعوبات التى تواجه الجميع، فلدينا معوّقات تقنية ومهنية، فضلا عن لغة العصر من السرعة وعدم التدقيق فى المعلومة، والمفروض على الجميع الالتزام بالمهنية والموضوعية وحمل أمانة الكلمة بمسئولية، مراعاة لحقوق الله ثم الوطن والمجتمع، بتجرّد تام.

المُرسِل والرسالة

وما هى الصفات الواجب توافرها فى (المُرسِل والرسالة) وهما أهم عنصرين؟

كما قلتُ، لابد من الأمانة والمهنية والإحساس بالمسئولية الدينية والوطنية فى المذيع أو المُرسِل، ثم نقل الرسالة الموضوعية دون تحيّز أو انحياز، أو تعصّب وتطرّف، مع عرض الصور الصحيحة عن الدين الحنيف بما يحمله من تسامح واعتدال ورُقى فى التعامل، وقيم أخلاقية، نحن فى أمَسّ الحاجة إليها حاليا لإعادة مجتمعاتنا إلى ما كانت عليه من ترابط وتعاون، وكما وصفنا الرسول الكريم “مَثل المؤمنين فى توادّهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى”.

التوظيف التكنولوجى

كيف توظِّف الإذاعات الإسلامية، تكنولوجيا الاتصالات الحديثة لخدمة رسالتها؟

هذا شئ أساس وحتمى، حتى تواكب الإذاعات مجريات ومتطلبات العصر بما يحمله من وسائل اتصال وتواصل حديثة، وحتى تتواصل مع جمهورها، خاصة الشباب، الذى لا يعرف غير لغة وأدوات التواصل الاجتماعى الحديثة، فالإذاعة التى تريد أن تستمر ولا يتجاوزها الزمن، عليها مواكبة تلك الوسائل والتعامل بها ومعها، لتجذب إليها جمهورها.

الدراما الدينية

ما الذى خرجتم به بعد إعلاناكم توصيات المؤتمر؟

بعد التوصيّات، قال المذيع الكبير سعد المطعنى- المدير العام بإذاعة القرآن الكريم المصرية- للحضور: من لديه أية استفسارات أو تعليقات فليتفضَّل بها؟ هنا اقترح المذيعان أحمد عبدالظاهر وعادل عبدالقادر (من مصر) ضرورة وجود إنتاج مشترك للدراما الدينية بين اتحاد إذاعات القرآن الكريم للدول الإسلامية.

ثم عرض د. حسن سليمان- رئيس إذاعة القرآن الكريم بمصر- تجربتهم قائلا: إن إذاعتنا قدَّمت تجربة ناجحة فى رمضان الماضى، تناولت فيها حياة سُفيان الثورى ولاقت نجاحا كبيرا جدا، واقترح أن تُقدَّم حياة أحد الصحابة أو الأعلام على مدار شهر كامل، وهنا جاءت الموافقة بالإجماع.

دعم البرامج

ومن أين يأتى دعم الدراما فى حال تنفيذها؟ وهل سيتم تبادلها كما ورد فى ختام التوصيات بالفعل؟

كل دولة ستتحمَّل نفقات ما تقوم به من برامج تأتى فى قالب درامى، ثم تقوم جميع الإذاعات التابعة لاتحاد إذاعات القرآن الكريم بالعالم الإسلامى بتبادلها، ليتم النفع بها لدى جميع مسلمى العالم إن شاء الله.

رحاب الأزهر

محمد سالم ولد بوك
محمد سالم ولد بوك
صف لنا شعورك وأنت فى رحاب الأزهر الشريف؟

شعور لا يُوصف، فى الحقيقة زاد يقينى بأن الله تعالى يحفظ هذا البلد مصر، نظرا لوجود هذا الصرح الشامخ الأزهر الشريف، وما كنت مُصدّقا ما رأت عينى حين قمنا بزيارة المُنظَّمة العالمية لخريجى الأزهر الشريف ومرصد الأزهر العالمى، حيث فوجئنا بوجود أشياء جليلة لا توجد إلا فى الأزهر الشريف، حيث شاهدنا على الطبيعة العلماء الأجلاء والقيادات والشباب الذين أصبحوا كبار العلماء فى موادّهم العلمية، نعم كنا نسمع كثيرا عن الأزهر الشريف وحين ذهبنا للزيارة رأينا الإعجاز والإبهار بحق، شبابا يردّون على الفتوى بكل ثقة وشموخ، تدريبا على أعلى مستوى، وحين توجَّهنا إلى قسم السيّدات زادت دهشتنا عندما وجدنا العديد من الفتيات المُفتيات يقُمْن بالرد على الفتوى بمهارة فائقة فى التوِّ واللحظة، نعم الأزهر يُعد نعمة كبيرة مثلما أنه يعد مرجعا كبيرا لجميع مسلمى العالم، لما يتمتع به بوجود نخبة كبيرة من العلماء المُخلصين الذين يُعد الواحد منهم وريثا للأنبياء بحق، مصداقا لحديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (العلماء ورثة الأنبياء).

القدوة العملية

شئ أعجبك خلال زيارتك للأزهر الشريف، فما هو؟

من الأشياء التى أعجبتنى بشدة أثناء تواجدنا فى المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، تلك اللحظة التى رفض فيها د. عباس شومان- وكيل الأزهر- ود. شوقى علام- مفتى الديار المصرية- أن يتحدَّثا بعدما تحدث فضيلة د. عبدالفضيل القوصى- وزير الأوقاف الأسبق، عضو هيئة كبار العلماء- حيث قال كل منهما بصوت عال: لا أستطيع التحدّث فى وجود أستاذنا الذى شرُفنا بالتلْمذة علي يديه.

عدد الأعضاء

ما هو عدد أعضاء الاتحاد؟ وهل تستعين هذه الإذاعات بقُرَّاء القرآن المصريين؟

الاتحاد منظمة مهنية، يقوم بالتنسيق والإشراف على جهود كل الهيئات الأعضاء بالاتحاد، وبالمناسبة هو يضم فى عضويته 57 دولة، التى هى أعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى، أى تمثله 57 هيئة، وتحديدا الهيئات المملوكة للدولة، أى هيئة الخدمة العمومية (إذاعة وتليفزيون) وليس فى الأعضاء هيئات القطاع الخاص.

وبالتالى فمن المفترض أن نجد 57 هيئة أو إذاعة تشارك معنا فى اجتماع الاتحاد، ولكن لا يشارك معنا إلا عدد 21 دولة فقط، وبمشيئة الله تعالى نعمل جاهدين على جذب الدول التى لم تشارك من قبل.

وفيما يتعلق بالقراء المصريين، تحرص كل الإذاعات التابعة للاتحاد على تقديم تلاوات للقراء المصريين وخاصة الشيخ عبدالباسط عبدالصمد الذى يحتل المرتبة الأولى عالميا فى غالبية الاستفتاءات التى تُجريها غالبية الإذاعات.

أمانة الكلمة

كلمة أخيرة تريد توجيهها، لمَنْ؟

أوجّهها للإعلاميين والصحفيين ولجميع العاملين بالحقل الإعلامى، فأقول لهم: الكلمة أمانة ومسئولية فعليكم الاضطلاع بهذه الأمانة بكل تجرّد ومهنية، فبكلمة يدخل الإنسان فى دين الله، وبكلمة يخرج والعياذ بالله، وبكلمة خاطئة تُستباح دماء وتُنتهك حُرُمات، فليكن كل منَّا على قدر المسئولية والواجب الذى حمّلنا اللهُ إياه، ثم الوطن والمجتمع.

مَنْ هو “وِلْد بوك”؟

صحفى موريتانى، خرّيج المعهد العالى للصحافة بالمغرب عام 79، عمل طيلة حياته بالإعلام، بدأ بإذاعة موريتانيا كصحفى، وبعدها تدرّج فى المسئوليات حتى أصبح رئيس قسم، ثم رئيس مصلحة، ثم مدير قطاع، وبعد فترة تم تعيينه مديرا عاما للإذاعة فى 2008، ثم انتقل للتلفزة الموريتانية عام 2009، ولم يلبث أن عاد ثانية للإذاعة كمدير عام أيضا فى 2010، ثم رشَّحته الحكومة الموريتانية فى 2011 لمنصب مدير عام اتحاد الإذاعات الإسلامية، وفاز بإجماع الأعضاء.

رئيس اتحاد الاذاعات الإسلامية في حواره مع عقيدتى
حوار: مصطفى ياسين- محمد الساعاتى
تصوير: هشام كمال

Exit mobile version