قبسات من حياة الطبيب الإنسان القدوة / حمّاد ولد أحمد

في بيت من بيوتات العلم والتصوف نهل الطبيب من معارف شتى فغني عن القول إن الشيخ الوالد رضي الله عنه كان يجتهد في تربية أبنائه تربية دينية وعلمية صارمة وإضافة لحفظه القرآن الكريم في سن مبكرة مثل إخوته، كان متمكنا من ناصية العلوم الشرعية واللغوية، إن هذه التربية المتميزة في كنف أبوين كريمين أهلته للأخذ بدور ريادي بين أقرانه جعله متميزا ومتفوقا في المدارس العصرية وقتها، كما جعله يمتلك الريادة و مهارات القيادة بين زملائه الطلاب فصار مصدر إلهام وقبول، الشيء الذي خوله للسعي في إصلاح ذات البين، فحين تنشب خلافات هنا وهنالك بين اتحادات الطلاب ينشط في الذود عن حقوقهم وحق الوطن بماحباه الله من حكمة وتبصر ينضحان خلقا عظيما، فكان حريصا على رأب الصدع وثأي الخلل بين الجميع.

كان قدر موريتانيا أن تكون مركز استقطاب لتيارات التغريب التى تحاول أن تجعل منها محورا نشطا لطمس الهوية العربية والإسلامية لأحفاد ابن ياسين ، بعد أن حافظت شنقيط بمحاظرها وعلمائها على ذلك الموروث المعرفي الزاخر، فتم وأد كل المحاولات التي حاول المستعمر القيام بها، لتظل بذلك حصنا منيعا وثغرا من ثغور الثقافة العربية والإسلامية في هذه الربوع القصية، امتد إشعاعه إلى أماكن أخرى.

أجل لقد أحست النخبة الموريتانية بذلك الخطر الداهم وبتلك المؤامرات التى تحاك في الخفاءضد هويتها العربية والإسلامية، وكان من تلك الطليعة طالب كلية الطب بجامعة دكار: محمدن النحوي، وبالتنسيق مع رفاقه الذين يشاطرونه تلك الرؤي ويحملون معه تلك الهموم، وقف رحمه الله ضد المساس بالقيم العربية والإسلامية للبلد صادحا بالحق في مختلف المنابر، مواقف كلفته الحرمان من زيارة الأهل والأوطان، وإ ضافة لما عانى من تبعات التمسك بتلك المبادئ من صعوبات في وطنه، كانت قضايا الأمة وهمومها حاضرة لديه، فالنكسة مازالت جراحها غائرة واجتياح بيروت حديث تتناقله الألسن ، وعاصمة الرشيد تتعرض لمخططات تستهدف كيانها في الصميم، غير أن من يعيش آلام أمته وواقعها لا يأبه بمطبات الطريق – فما ضر الشمس إطباق الطفل –

عاد رحمه الله إلى بلده مطلع الثمانينيّات من القرن الماضي حاملا قضايا أمته العادلة متفرغا للعمل في عيادته الطبية مبتعدا عن المناصب السياسية وبريقها تأثرا بنزعة صوفية ورثها كابرا عن كابر

Exit mobile version