المغرب يتجه إلى تبنى عملة إفريقيا الموحدة والتخلي عن الدرهم

بدأت جارة موريتانيا الشمالية (المغرب) الدخول إلى أكثر المراحل دقة منذ قرارها التوجه بقوة نحو محيطها الإفريقي.

لم يتوقف المغرب عند حد الحصول على عضوية الاتحاد الإفريقي مطلع العام الجارى وأخذ التحضير للمشاركة فى قمة لومي 16 ديسمبر المقبل حيث يشارك لأول مرة فى أعمال قمة دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا الـ15 – المنظمة الإقليمية صاحبة المستقبل الإقتصادي الواعد.

وقد أكد الرئيس الطوغولي فور غناساغبي،على هامش لقائه الأخير مع الرئيس النيجيري محمد بخاري، في العاصمة النيجيرية(عاصمة سيدياو) حضور العاهل المغربي محمد السادس للقمة المقبلة بعد ان غاب عن قمة ليبيريا الماضية بسبب مشاركة الوزير الأول الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو.

محللون بالمنطقة يعتبرون أن أهم ما سينتج عن انضمام المملكة المغربية للمنظمة الإفريقية ذات الطابع الإقتصادي ، انتهاء العمل بالدرهم عملة مغربية خاصة!.

وقال رئيس مفوضية المجموعة ، إن الطلب الذي قدمه المغرب للانضمام إليها، تضمن “تعهدا ملكيا بتخلي المغرب عن عملته وتبنيه العملة الموحدة” المرتقب صدورها ابتداء من سنة 2020. ورغم الصعوبات التي واجهت تحضيرات المجموعة لهذه العملة الجديدة، إلا أنها تحتفظ بالموعد المحدد لها، مع إمكانية الانتقال التدريجي حسب جاهزية الدول. فيما يعتبر الدرهم أحد الرموز التاريخية للمغرب، وشكّل اعتماده عملة رسمية عام 1958، واحدة من أبرز خطوات التحرر من الهيمنة الاقتصادية الفرنسية، التي كانت تمارس الحماية على المغرب إلى غاية 1956.

الخبير المغربي في الشؤون الإفريقية، الموساوي العجلاوي، قال لـ”أخبار اليوم” إن قضية العملة الموحدة لدول غرب إفريقيا تندرج في إطار الصراع مع فرنسا وسيطرتها على المنطقة. “هناك توجه نحو استقلالية النقد، ومشروع العملة الموحدة واجه بعض الصعوبات التي تجعل تنفيذه سنة 2020 مستبعدا، لكن ومهما يكن، فقمة دجنبر ستكون محطة تاريخية في الدينامية الجديدة للحضور المغربي الوازن في المؤسسات الإفريقية سواء الإقليمية أو القارية”. وأوضح العجلاوي أن كل الدلائل تشير إلى حصول الانضمام في القمة المقبلة، “قد تكون هناك مرحلة انتقالية قبل العضوية الكاملة، وهذا في صالح المغرب لأن القانون تأسيسي للمجموعة الذي يعود إلى 1975، ينص على حرية تنقل الأشخاص والبضائع، وهو ما يطرح تحديات أمنية ولوجستيكية بالنسبة إلى المغرب”.

المجموعة التي تضم دول الغرب الإفريقي، سبق لها في قمتها السابقة شهر يونيو الماضي، أن أعلنت موافقتها المبدئية على الطلب الذي بعثه الملك محمد السادس شهر أبريل الماضي، إلى الرئيسة الليبيرية، بصفتها رئيسة تلك القمة. انتقال المملكة إلى استعمال العملة الموحدة لدول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، لم يعد مجرد استنتاج لما سيترتب قانونيا عن انضمام المغرب إلى “سيدياو”، بل جاء ذلك على لسان رئيس الجهاز التنفيذي الدائم للمنظمة، أي مفوضية المجموعة. الدبلوماسي البينيني مارسيل دو سوزا، قال في استجواب له مع موقع “سبوتنيك” الفرنسية هذا الأسبوع، إن المغرب عبّر “رسميا” عن “التزامه بالتخلي عن الدرهم” واستعمال العملة الموحدة للمجموعة فور دخول هذا القرار حيّز التطبيق. خطوة الانتقال إلى عملة موحدة لدول “سيدياو” الـ15 حاليا في انتظار انضمام المغرب، مبرمجة مبدئيا في العام 2020، والمسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي للمنظمة، قال إن الرسالة التي وجهها الملك إلى الرئيسة الليبيرية شهر مارس الماضي، والتي كانت بمثابة طلب انضمام، “كتب فيها الملك أنه حين ستعتمد العملة الموحدة، سيكون المغرب جاهزا للتخلي عن الدرهم والانضمام إليها”.

هذا الدبلوماسي البينيني الذي كان أحد الأصوات الأولى التي عارضت طلب الانضمام المغربي، قال في استجوابه الأخير إن “سيدياو” مقبلة اليوم على اعتماد عملة مالية موحدة، مع بنك مركزي واحد للدول الـ15 المنتمية إليها. “إذا وسّعنا المنظمة لتضم دولا أخرى، فإن هذه الدول كلها ستستعمل هذه العملة الموحدة، وهو ما سيشجع المبادلات ووسائل الأداء”. المنظمة الإفريقية التي يعمل المغرب على الالتحاق بها ابتداء من دجنبر المقبل، ستصبح نموذجا مشابها للاتحاد الأوروبي، حيث تتم عملية تنقل الأشخاص والبضائع دون حواجز حدودية، إلى جانب عملة مالية موحدة.

هذا الاستحقاق الدبلوماسي يهيمن على الأجندة الخارجية للمملكة، رغم وجود قمة أوروبية إفريقية ستنعقد بأبيدجان الإيفوارية متم شهر نونبر الحالي. هذه القمة التي حاول المغرب منع جبهة البوليساريو من حضورها، بات من شبه المؤكد تخفيض مستوى الحضور المغربي فيها بعد انتزاع الجبهة الانفصالية دعوة المشاركة فيها. فيما أعلن موقع “le360” المغربي، عن برمجة زيارة ملكية رسمية إلى أبيدجان في اليوم الموالي لهذه القمة الأوروبية الإفريقية. زيارة ستستمر ثلاثة أيام حسب مصادر إعلامية إيفوارية تناقلت الخبر، وفي جدول أعمالها ملفات اقتصادية ثنائية بين البلدين، لكن أيضا ملف انضمام المغرب إلى “سيدياو”. مجلس الوزراء الإيفواري الذي انعقد الأربعاء الماضي، أعلن قرار إطلاق اسم الملك محمد السادس، على واحدة من محطتي تفريغ الأسماك التي تم إنشاؤها في الكوت ديفوار بواسطة هبة مالية ملكية. المحطة الثانية التي تم إنجازها بعد إطلاق المشروع عام 2013، ستحمل اسم الرئيس الإيفواري الحسن واتارا.

بالتحاق المغرب بمنظمة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، تكون المملكة قد رفعت القوة الاقتصادية لهذا التجمع الإفريقي ليصبح القوة الاقتصادية الـ16 في العالم. انضمام المغرب إلى 15 دولة إفريقية عضو في هذه المنظمة، يعني سوقا بأكثر من 320 مليون نسمة، موزعين على مساحة تفوق 5 ملايين كيلومتر مربع، فيما يفوق مجموع الناتج الداخلي الخام لدول هذه المنظمة، 700 مليار دولار سنويا. وأهم الاستحقاقات الاقتصادية التي تقبل عليها هذه المنظمة، هو تفعيل اتفاقية التحرير التام لتنقل الأشخاص بين دول الاتحاد، وإحداث عملة نقدية موحدة بحلول العام 2020.

ونقلت صحيفة أخبار اليوم 24 الإلكترونية المغربية عن العجلاوي إن نتائج قمة ديسمبر قد تحمل بعض المفاجآت إذا تحركت اللوبيات المناهضة لدخول المغرب، “فالمشكل ليس هو دخول عضو جديد بقدر ما أن دخول المغرب سيقلب الكثير من المعادلات في غرب إفريقيا رغم أن المملكة حاضرة فيها بقوة”.

الخبير المغربي أوضح أن انضمام المغرب سيقلب ميزان القوى الإقليمية، خاصة في علاقاته مع الجزائر والموت الفعلي للاتحاد المغاربي، “حيث سيصبح المغرب قوة عسكرية كبيرة قادرة على التدخل في هذه المنطقة، وسيمكنه أن يحضر في الحدود الجزائرية عبر الدول العضو في المنظمة مثل التشاد ومالي، ومن هنا يأتي توجس بعض الأطراف الدولية من هذا الانضمام المغربي. في جميع الأحوال يستحيل أن تكون فاعلا قاريا دون أن تكون عضوا في التجمعات الإقليمية الكبرى وهنا بيت القصيد، حيث إن اتحاد المغرب العربي ميت والجزائر ليست عضوا في أي إطار إقليمي”.

أنباء انفو- صحف – وكالات

Exit mobile version