مقاطعة باركيول هي إحدى المساحات الشاسعة في الركن القصي من مكونات المنكب البرزخي الآفطوطي أو ما عرف سابقا بمثلث الفقر، تميزت المقاطعه المترامية الأطراف ، ذات البلديات الثمانية باتساع مساحتها وخصوبة أراضيها الشيء الذي جعل من المنطقه سلة غذائية لسكانها وما جاورهم، تغدق عليهم بما رحبت من فاصوليا ولوبيا وحبوب بكل أنواعها.
هكذا كانت مقاطعة باركيول، فحين ما يجود عليها الواديان المتوازيان المتعاهدان على طبع الساكنة الكرم والعطاء (المسيل التلي – عوينت ايمجيجه) بمياههم المتدفقة فحدث ولا حرج عن منسوب الأمن الغذائي المحلي .. هكذا كانت باركيول قبل أن تتأثر بموجات الجفاف وندرة التساقطات المطرية التي لم تكلف كل الأنظمة المتعاقبة عناء التفكير في مصير ما يزيد على مائة ألف ساكن ، حتى سنة 2009 ، وفي ضوء الأمل المتفجر آنذاك في ربوع البلد حين قرر فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز زيارة ذلك المكان القصي من مثلث الفقر ليتحول الفقر إلى أمل ، فكانت تلك الزيارة الميمونة فاتحة خير على الساكنة ، تلك الزيارة التي ضل فيها موكب الرئيس رفقة الإداري المتمرس العارف حق المعرفه بوديان ووهاد المنطقه عن ظهر قلب إسلم ولد امينوه ، ضل الموكب الطريق نظرا لرداءتها واستحالة المرور عبر بعض أجزائها وتعدد مسالكها ، ولفترة زمنية كادت أن تصل يوما كاملا ، إلا أنها شكلت خلاص ساكنة باركيول من الضياع والتهميش، حيث قرر فخامة رئيس الجمهورية مباشرة بعد ذلك الوقت اتخاذ التدابير اللازمة لتجاوز تلك الوضعية الصعبة للطريق إلى باركيول .
حينها أعلن السيد الرئيس ومن خبرة المجرب الممارس إطلاق شرارة النهوض بمقاطعة باركيول ، فكان الإعلان على قدر طموح وتطلعات ساكنة المقاطعة وهو ما سمي أنذاك بالمعجزات الثلاثة : الماء ، الطريق ، الكهرباء .. حيث أدرك رئيس الجمهورية أنه بمجرد توفر هذه العوامل تتهيأ الأرض ويخرج نبات هذا البلد الطيب بإذن الله.. حينها ضرب فخامته إحدى صخور سد فم لكليته العظيم فأنبجست منه اثنتا عشرة عيننا علم من خلالها ساكنة باركيول مشربهم ماءا زلالا سلسبيلا . وأنزلت معدات عملاقة لمؤسسات إنشاء الطرق الصينية بالعدوة الدنيا من بلدية الغايره ، وبدأ إنشاء الطريق المستحيل الذي حول الحلم إلى حقيقة على طول ثمانين كلم تتميز بالصعوبة البالغة حسب فني الطرق .
كانت هذه بداية معالم تحول باركيول من فقر إلى أمل، وأصبح لصاحب السيارة الصغيره الحق في الوصول إلى مرابعه في حيز زمني وجيز وهو يداعب مقود سيارته الخفيفة ولسان حاله يكرر.
بلاد بها نيطت علي تمائمي * وأول أرض مس جلدي ترابها
حينها تستقبلك باركيول باحتضانها المألوف وهي تمد ذراعيها مرحبة ولسان حالها يردد :
ألقي العصا جئت أما وانتهى السفر.. هنا تجد المدينة الجوهرة .. وكأن الصائغ انتهى لتوه من صقلها وتلميعها .. أعمدة كهربائها منتصبة تعانق عنان السماء بكل أناقة وكبرياء وشموخ في شوارعها .. معتصمة بحبل متين تتدلى منه عناقيد من الضوء عملت على دحر وهزيمة دياجير الظلام في مدينة بدأت تأخذ نصيبها من التطور العمراني الحديث في وطن تتواصل فيه رحلة الاعمار والبناء والتشيد.
يتواصل..
بقلم / سيدي بويه ولد اتمان ـ إطار بوزارة الشباب وناشط شبابي