الخط اﻷحمر

ظلت موريتانيا لقرون عديدة تتفيأ ظﻻل اﻷمن و يرتع شعبها في أودية السكينة واﻹستقرار ، قوميتان تتقاسمان اﻷرض والسماء ، تشتركان في اﻹنتماء للوطن عرب وأفارقة آمنوا بذات الدين .. زرعوا ظعنوا ورحلوا في نفس المرابع طلبا للكلإ والمراعي ، وحين اعتدى اﻹحتﻻل الفرنسي على حرمة البلد هرع الكل الى سلاحه وانخرط بحماس في المقاومة الباسلة ، السيف والبندقية و الوحدة والثقافة كانت أسلحة فتاكة قصمت ظهر المحتل وفتت مقاتله ، أسلحة صدت المشروع اﻹستعماري و طردته قسرا عن هذا البلد الذي هب بنوه متحدين كالجسد الواحد لنجدته وتحريره .
رحل الفرنسيون وعيونهم الدامعة معلقة بهذه اﻷرض الزاخرة بالخيرات ، والحنين يملأهم في العودة الى هذا الموقع الحيوي الهام ، بناء جسور للعودة أو أنفاق سرية تؤمن لهم مسك خيط لتحريك المشهد الموريتاني واﻹبقاء على تبعيته والتحكم في مساراته ، الإسلام والثقافة العربية و تلاحم القوميتين أخطر عائق يصمد أمام الطموح الفرنسي ، من هنا بدأ استهداف اﻹسلام ووجهت الطلقات النارية لثقافة البلد وانغرست في جسد الشعب سكاكين العنصرية ممزقة إياه إربا إربا ، و استطاعت موريتانيا أن تتجاوز العديد من المحن ، وينجوا قاربها من أمواج النشأة و 1966 و1989 وغيرها من اﻷحداث المؤلمة التي طبخت أجندتها في الخارج وتطوع لتنفيذها موريتانيون نكصوا على عهد اﻷخوة والجيرة والتاريخ والمصالح المشتركة ، وارتدوا عن قيم نبيلة ومسار مشرق ومشرف خطت ملامحه ثقافة الأجداد و تقاليدهم سيدي ولد موﻻي الزين و الحاج عمر الفوتي وغيرهم .
بعد اليأس من تحقيق الطموح الفرنسي عن طريق تجنيد الأقلية الزنجية ومواﻻتها واﻹيعاز لها بوهم الحقوق الضائعة والعدالة اﻹنتقائية ، نشط الفكر والتخطيط و جالت السكين في الجسم العربي لتقسمه على أساس اللون والوظيفة ، وانبعثت أحقاد من رماد الماضي المنتهي ، وامتدت يد الصهاينة المشحونة بالكراهية واجترار الخيبة والحزن الدفين ، امتدت ببعض الفتات لتملأ للمتسولين جرابهم بالنقود واللهيب .
إن العبودية لم تعد موجودة بالمرة ، والجميع يرفضها كفكر وممارسة ، أسياد الماضي واﻷرقاء السابقون يرفضونها ،جرمتها التشريعات والقوانين والعادات والتقاليد الحديثة ، هنالك مخلفات وآثار يتفق الجميع على ضرورة مواجهتها ، و عوضا عن اﻹفك والتقول بوجود المعدوم و الإستمرار في نهج العمالة القذر ، آن الوقت ﻷن يستوعب المتاجرون بقضية اﻷرقاء السابقين بأن لحراطين عرب يدينون باﻻسلام ويقرضون الشعر ، ويخضعون لتقاليد العرب وتحكمهم ثقافتهم ، ليس بالهين جلبهم عبر مجاديف صهيونية الى خارج سربهم ، ولن يكسب أفاكوا هذه القضية التي ترتفع عقائرهم تناسبا وتناغما مع المال المدفوع ، ” لحراطين ” ليسوا زنوجا الموسيقى العربية هي فنهم ، ومنهل قيمهم وعاداتهم وتقاليدهم هو الثقافة العربية ، امرؤ القيس والمتنبي في فخره وأبو العتاهية في الزهد ، عقولهم تشكلت من صميم الفكر العربي ، لسانهم يشهد ويحكي العروبية القحة ، زور وبهتان تلك اﻷطروحات الصهيونية اﻵثمة وعار تلك العمالة وذلك اﻹسفاف السخيف .
طبول الفتنة ومزامير الفناء توزعها جهات اجنبية ، مواويل الحرب تشدوا بها حناجر أطربها الفن اليهودي صيون قوﻻن وبتسلئيل وديفيد بروزا ، وتردد في اللاشعور حكاية القصيدة الملعونة للشاعر اﻻسرائيلي أهارون شبتاي والكلمات المسمومة لصنوه روني سومك، إن استقرار موريتانيا وأمنها لتبقى واحة ظليلة وحقلا معطاء لكل المواطنين زنوجا وعربا بلونيهم مسؤولية تستفز الجميع وتدعوه للوقوف بعنف وصرامة في وجه العنصريات البغيضة ، الزبد يتطاير اليوم من حناجر عنصريي لحراطين ، وحركة زنجية تتألف من عنصريين ، أيادي اسرائيل تؤطر وخزائنها تمول واستيراتيجيوها يخططون ﻹشعال البلد ،وقد يصبحنا التاسع والعشرين ابريل بجهة عربية حاقدة على تنوع موريتاتيا .. تتبنى وتمول حراكا يتمخض في رحم الواقع ﻹستنهاض البيضان ودفعهم للتكتل في وجه لحراطين ، وقد يزدوج المال الصهيوني في وجهته .
سيتمزق الوطن وتذروه الرياح ، سيغرف و ينتهي لن يقبل البيض اﻻستفزازات والتحرشات التي تنطلق عبر اﻷثير من قنوات إذاعية وتلفزيونية وفي المهرجانات الفئوية ، لن يستمر السكوت طويلا على البذاءات واﻷحكام الجائرة التي تصرخ بها حناجر دعاة الفتنة وزارعو بذورها ، لقد تهيأ الشارع وتأثر اﻷبرياء من كلا اللونين وتم شحنهم في حركة المرور واﻷسواق والميناء والمطار أضحى الخطاب عنصريا وكريها ونذر الفتنة تتطاير ،
الفتنة خط أحمر سيفضح التاريخ أولئك اﻷشقياء من كل الفئات ، وسيرميهم في مزبلته ، وستقف ظالبية لحراطين والبيضان ضد العواصف التي يستجلبها صيادوا المال والمتاجرين بأمن الوطن وراحة السكان .

Exit mobile version