م. الأَمِينْ وَلَدْ أَهْل الدًاهْ.. عُمُرٌ قَصِيرٌ لَكِنًهُ “عَرِيضٌ” !!

توفي بمدينة كرو ليلة الإثنين 11 سبتمبر 2017م محمد الأمين ولد أهل الداه و هو لَمًا يكمل عقده الخامس من العمر بعد “جهاد” طويل مع المرض دام سنينا عددا كان خلالها رابط الجأش ثابت الإيمان بالقدر خيره و غيره منفقا وقته في امتثال الأوامر كل الأوامر و اجتناب النواهي كامل النواهي.
ربطتني -بالإضافة إلي القرابة و الرحم-صداقة بالمرحوم محمد الأمين منذ بداية التسعينيات عندما سكنت نواكشوط بعد الحصول علي الباكلوريا كانت و لله الحمد و المنة عامرة بالوداد و الإخلاص تخللتها وقفات عديدة كان لمحمد الأمين فيها اليد الطولي في الكرم و الورع و الإيثار سأحدث عن أمثلة منها .
ففي مفتتح التسعينيات كنا شبابا عددا أقارب و أصدقاء و كنا جميعا “طلابا للعلم” أو “طلابا للعمل” و كان محمد الأمين موظفا كبيرا في شركة يملكها أخوه الأكبر طيب الذكر الشيخ ولد أهل الداه حفظه الله و كان المرحوم يملك سيارة يضعها كما يضع وقته و حلو مرافقته تحت تصرفنا فلا يراه الرائي إلا مبتسما كأننا نعطيه الذي نحن سائلوه كما لا يري الرائي سيارته إلا مائلة عرجاء لأنها تحمل دائما “فوق حمولتها” من الأفراد.
و يشهد القاصي و الداني علي ورع المرحوم محمد الأمين و قد حدثني أنه كان يملك محلا مربحا للصيرفة بالشراكة مع أحد الأقارب فلما اطلع علي فتوي لأحد العلماء تُبين تشابه العديد من أوجه الصيرفة مع عمليات الربا أصر علي أن لا يقوم من مقامه ذلك قبل أن يفض الشراكة و ينسحب من تلك الشبهة.
و بعد إصابته بالمرض و إجرائه لعملية زرع بباريس –فرنسا اتصلت عليه هاتفيا و كنت ساعتئذ سفيرا بجمهورية إيطاليا و عرضت عليه أن يقضي شيئا من فترة النقاهة معي بروما و أن أوفر له عملا بالسفارة يساعده في العلاج فشكر و ذكر و دعا لي بخير لكنه رفض عرض العمل رفضا قاطعا رغم إصراري معللا بأنه يخاف أن يأخذ أوقية واحدة من المال العام لا يؤدي مقابلها كاملا من العمل.
و قد كان المرحوم آية في الإيثار و التضحية فقد اتصل بي مرات من باريس سائلا عن أصدقاء مشتركين فرقت بيننا و بينهم صروف الدهر حاضا علي البحث عن أخبارهم و مد يد المساعدة لهم و كلما علقت علي حديثه بأن صحته بالنسبة لي أولي ضحك ضحكة دافئة مطمئنة قائلا لا تخف علي فلا يفعل الله بعبده المؤمن إلا خيرا.
رحم الله عبده المؤمن المحسن الصابر المحتسب محمد الأمين ولد أهل الداه رحمة واسعة و أدخله فراديس جنانه مع النبيئين و الصديقين و الشهداء و الصالحين فقد عاش عمرا قصيرا لكنه “عمرعريض” مليئ بالبركة و الأعمال الصالحة من كرم و ورع و إيثار و برور،…
رحمه الله رحمة واسعة و بارك في عقبه و إخوته و جعلهم خير خلف لخير سلف إنه ولي ذلك و القادر عليه و لا أقول إلا ما يرضي الرب ” إنا لله وإنا إليه راجعون”.

المختار ولد داهي

Exit mobile version