1.القيم العليا التي تحكم نظام التعليم
انطلاقا من التعاليم الكنفوشيوسية يعتقد اليابانيون أنه يجب علي الأسرة أن تكون منسجمة والدولة منظمة وأن يعيش العالم في سلام. و بالإضافة إلى قيم الانسجام و الاجتهاد والإخلاص يعتقد اليابانيون كذلك بأن التعلم فضيلة تعزز انتماء الشخص إلى الأسرة والمجتمع. كما يتأثر اليابانيون بمزيج من البوذية التي تنظر إلى الحياة بأنها زائلة ولا قيمة لها و تشجع على الزهد و التواضع والشنتوية التي تقدس الطبيعة و تدعو إلى التمتع بالحياة (Takamitsu, 2017).
2. المراحل الأساسية لتطور التعليم في اليابان
بدأ التعليم في اليابان في القرن السادس الميلادي مع دخول البوذية والكونفوشيوسية إلى اليابان من الصين. وتركز التعليم في هذه الحقبة على استخدام الخط الصيني (كانجي) من أجل تعليم الدين لطبقات خاصة من المجتمع مثل طبقة الساموراي (المحاربون) و طبقة الفلاحين. وظل التعليم على نفس الوتيرة إلى أن بدأ الأوربيون بالتواصل مع اليابان في القرن السادس عشر الميلادي حيث جلب المبشرون البرتغاليون معهم الحرف اللاتيني ليبدأ استخدامه في تعليم المسيحية و الموسيقي بالإضافة إلى اللغة اليابانية.
وبعد توحيد اليابان مع بداية القرن السابع عشر ( 1603 من طرف “أودا نابوناقا” أحد أبطال الساموراي) انتشر الاهتمام بالتعليم و استفاد منه غالبية الساموراي و بعض المواطنين العاديين. كما بدأ التعليم الحر في الظهور ليستفيد منه البعض في تعلم تخصصات معينة مثل العلوم الحربية و العلوم الأوروبية مثل الطب.
وبداية من 1868 بدأت مرحلة جديدة من التعليم في اليابان حيث تم إرسال بعثات للدراسة في أوروبا و عند رجوعها جلبت معها مفاهيم جديدة مثل اللامركزية و مجالس التعليم واستقلالية المدرس. و على الرغم من تعثر الأسلوب الغربي المجلوب من طرف هذه البعثات إلا أن أول نظام تعليم رسمي تم إنشاؤه في تلك المرحلة و تم استبدال الكتب الكونفشيوسية بالكتب الغربية. إلا أن الدولة تدخلت فيما بعد وأصرت على إرجاع القيم الكنفوشيوسية و الشنتوية خاصة منها المتعلق بالحث على هرمية العلاقات البشرية و خدمة الدولة و وجوب التعلم و الأخلاق.
بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية و ضع الغرب و خاصة الولايات المتحدة يده على التعليم حيث أدخلت نظام 6- 3-3-والجامعة (أي 6 ابتدائي 3 إعدادي و 3 ثانوي) كما تم فتح التعليم للجميع و تم فرض إجبارية السنوات التسعة الأولي منه. و تم وضع القانون الأساسي للتعليم سنة 1947. و مع انتهاء الاحتلال سنة 1952 أنشأت الحكومة اليابانية وزارة التعليم والثقافة و الرياضة و العلوم و التكنولوجيا وأرجعت الاهتمام بالثقافة اليابانية وفرضت تعيين المجالس التعليمية بدل انتخابها كما تم التركيز على توفير التعليم الإعدادي و الثانوي لكل من يصل إليه (Nakamura, 2017).
3. واقع النظام التعليمي في اليابان
يتكون النظام التربوي الياباني من 5 مراحل: الروضة (3 سنوات) و الابتدائية (6 سنوات) و الإعدادية (3 سنوات) و الثانوية (3 سنوات) و الجامعة (Nakamura, 2017).
في مرحلة الروضة التي يفترض بالطفل دخولها من 1 سنة إلى 3 سنوات ، ينص المنهج المقترح على محاور الصحة و العلاقات الاجتماعية والبيئة و اللغة مع التركيز على اللعب و الغناء والاستماع و المحادثة والأنشطة اليدوية
ويتم تدريس المواد التالية في الابتدائية: اللغة اليابانية و الحساب و العلوم و البيئة والمجتمع الموسيقي والفن والصناعات اليدوية وشؤون المنزل و الرياضة البدنية ولغة أجنبية. كما يتم تدريس مادة الأخلاق مرة في الأسبوع بالإضافة إلى تعزيزها بشكل روتيني خلال المناسبات اليومية مثل أوقات تنظيف المدرسة وأوقات الغداء.
و من بين الأنشطة الإضافية كذلك دروس متفرقة تغطي أحيانا مواضيع مهمة مثل التفاهم العالمي و العمل التطوعي. كما تعتبر القراءة و الكتابة من أهم مكونات المنهج الابتدائي حيث يجب على الطالب تعلم 1006 رسم صيني بالإضافة إلى الحروف اليابانية التي تضم نوعين من الأبجدية هما هيراقانا وكاتاكانا (الأول لكتابة الكلمات اليابانية والثاني لكتابة الكلمات الأجنبية).
أما في المرحلة الإعدادية فيتم تدريس اللغة اليابانية ودروس حول المجتمع والرياضيات والعلوم ولغة أجنبية اختيارية، غالبا ما تكون اللغة الانجليزية، و الموسيقي والأدب والصناعات اليدوية و شؤون المنزل والصحة والرياضة البدنية. ومن بين الأنشطة الإضافية كذلك الأخلاق والدروس المتفرقة.
و في المرحلة الثانوية يتكون المنهج أساسا من: اللغة اليابانية و التاريخ و الجغرافيا والتربية المدنية والرياضيات و العلوم والصحة والرياضة البدنية والفن ولغة أجنبية والاقتصاد المنزلي والأخبار.
ومن بين الأنشطة الإضافية كذلك الأخلاق والدروس المتفرقة. أما طلاب التخصصات المهنية فيركزون على مواد أخري مثل الزراعة و الصناعة و الإدارة كل حسب تخصصه. و تجدر الإشارة إلى أن الثانوية تأخذ من وقت الطالب 32 ساعة للأسبوع و ذلك لمدة 35 أسبوع في السنة و 20% من هذا الوقت مخصصة للأنشطة غير الأكاديمية.
يتواصل مع الجزء الثالث إن شاء الله
* د. المختار ولد حنده-أستاذ محاضر-قسم اللغة الانجليزية- جامعة نواكشوط العصرية