المأمورية الثالثة

يسعى ولد عبد العزيز فعلا لمأمورية ثالثة..
هذا ما ينبغي أن يدركه كل غيور على مستقبل الديمقراطية في بلده، فما يتحدث عنه أنذال أجهزته السياسية لا يجب إلا أن يؤخذ على محمل الجد.. فالاستخفاف به خفةٌ، و التهوان به هوان..

ترتعد فرائص ولدعبد العزيز فَرَقاً حين يفكر بمستقبله، و قد أسلم الأمر لرئيس ديمقراطي منتخب. فهو يستحق على فساد و نهبه المنظم للبلاد أن يُفرَم في عصّارة مولينكس، ثم يغلى في قُلّة زيت.. و ما أنا متأكدٌ منه هو أن كوابيس على هذا النحو تقضّ مضجعه، و ترهق مخدعه.. فلا يبلغنّ بنا الأمل الطافح التفكيرَ في رحيل الرجل، ما لم نملأها عليه خيلاً و رَجلاً، و نشنها شعواء تجتثّ فقعه و سنديانه.

لا مناص للرجل من مأمورية ثالثة، أو استخلاف من يأمن عواقبه..

فتجهز يا مواطن.!

تجهز فإما أن تزور ابن ضابيء

عميراً و إما أن تزور المهلبا

هما خطتا خسف نجاءك منهما

ركوبك حولياً من الثلج أشهبا

***

حاول الرجل المذعور من أن تختطفه يد العدالة الطويلة، أن يمرر خلال “الحوار الشامل” اقتراحاً عبر الإتحاد من أجل الجمهورية، بالمصادقة على قانون بعدم محاكمة الحكّام على ما اقترفوا من جرائم خلال حكمهم، ما لم تكن خيانة عظمي.. و أن لا ترفع عليه قضية “خيانة عظمى” قبل ثلاثة أشهر من مغادرته الحكم.. و حين رأى الأمر كاشفاً، و هو الذي تمنعه نوازع البطر و الكِبر أن يفَعَل ما يستشَف منه خوف او خور، تراجع عن ذلك، و اكتفى بإلغاء محكمة العدل السامية.

أكد الرجل غيرَ ما مرةٍ أنه لن يسعى لمأمورية أخرى، و ذلك ليفتّ في أعضاد معارضة كانت قد أعلنت، قبل تصريحاته في ختام “الحوار الشامل” عن تنظيم مسيرة احتجاج.. و ليكسب وقتاً يرتب فيه أوراقه، ثم يعاجل رافضي المأمورية الثالثة، و قد استرخت أجسادهم، بضربةٍ بكر.. و سيكون الاستفتاء بوابة الولوج لمأمورية أخرى، فالذي وجد من الخبراء الدستوريين من أفتاه بعدم شرعية إقالة ولد الشيخ عبد الله له لأنها أبرمت بليلٍ، خارج أوقات الدوام، لن يعدم من يتعسف في تأويله، فيفتيه أن “الدستور الجديد يجبُّ ما قبله، فله مأموريتان أخريان في ظل الجمهورية الجديدة“.. و هو مركبٌ وعرّ سبق أن امتطاه السنغالي عبد الله واد.

حين يسقط الاستفتاء، و يصرّ الشيوخ المحترمون على المضي في دربهم، و تنبت للمعارضة أنياب و مخالب، فلن يجد الجنرال مندوحة دون خطته الثانية: استخلاف ولد بايه أو محمد لغظف أو غيرهما، و تسخير وسائل الدولة لإنجاحه..

الحل، الذي لن تتخلف نجاعته، هي النزول للشارع.. و اقتحام قلاع الجنرال، و انتزاعه من عليائه، و مسح الأرض بوجه الدميم.. أما البيانات و الحديث المرجم و المسيرات الراجلة التي لا تتجاوز مبنى الإذاعة، فهي دورانٌ في حلقة مفرغة، و مطاردةٌ لخيوط دخان..

بذلت لكم نصحي.. فهل تملكون ءاذناً أم أوراق دلفى؟!

حنفي ولد دهاه

Exit mobile version