لَا يَسْتَوِي “أَصْحَابُ السًوَاعِدِ” و “أَصْحَابُ الحَنَاجِرِ”

شاركت ” من موقع رسمي” ذاتَ سنة خَلَتْ في أيام تفكيرية حول مشروع خطة تنموية جهوية لإحدي الولايات أعدتها مبادرة من تكتل بعض أبناء الولاية “بدعم معنوي” من السلطات الإدارية و البلدية و “عون فني و مالي” من بعض الشركاء الماليين و الفنيين المنتسبين لمنظومة الأمم المتحدة و الاتحاد الأوروبي و البنك الدولي الذين يمولون بعض المشاريع و التدخلات التنموية بالولاية.
و قد حضر تلك الأيام مشاركا نشطا العديدٌ من “الأطر العاملين” و “الأطر غير العاملين” و المنتخبين التشريعيين و المنتخبين البلديين القدامي و المُمَارِسين المنحدرين من تلك الولاية المعروفة بأنها إحدي “خزانات الكفاءات الوطنية المؤكدة و المبرزة” التي مثلت غالبية و خيرة “خُدًامِ الدولة”خلال العقود الستة الماضية.
كما شارك في تك “المراجعات التنموية” – المنكب بالمنكب و الساق بالساق- إلي جانب أولئك الأطر المبرزين العديدُ من الفعاليات المحلية من وجهاء تقليديين و رؤساء مصالح جهوية و مقاطعية و مسؤولي منظمات مجتمع مدني و “منظمات مجتمع لا مدني”و فاعلات في التنظيمات النسوية و مزارعين و منمين و “آخرين لا يعرفهم منا أحد”.
و قد قُدِمت خلال تلك ” الأيام التفكيرية و التفاعلية” العديدُ من الأوراق العلمية و الفنية رفيعة المستوي حول “حصيلة الخطط التنموية الجهوية السابقة: مواطن القوة و مواقع الضعف”و ” الفرص التنموية الضائعة بالولاية” و ” مستعجلات و أولويات التنمية الجهوية”و ” الإطار الاستراتجي متوسط المدي للتنمية الولائية” و “الكلفة المالية” للخطة العشرية لتنمية الولاية،…
و أشفعت الأوراق العلمية و الفنية بنقاش مستفيض عالي المستوي قطع رتابته و “هيبته” صوت رجل خمسيني قدم نفسه بأنه “مجاهد تنموي” قادم من إحدي القري الواحاتية “شبه المعزولة” عندما قال بصوت جهوري أغناه عن مكبر الصوت: حللوا ما شئتم و سددوا و قاربوا لكني أنبهكم إلي أن المشكل التنموي بالولاية يعود إلي”تشجيع ثقافة الاتكالية” التي تَغَوًلَتْ خلال العشريات الأخيرة بفعل ثقافة “شراء الولاء السياسي و الإداري”.
و أردف المجاهد التنموي قائلا صار أحدنا يجد و يجتهد بسواعده و سواعد جميع أفراد عائلته النشطين عاما كاملا لا يصلي صلاتي الفجر و المغرب إلا مكبا علي العمل في مزرعته حتي إذا حَصْحَصَ الحصاد جاءه جارُه و قد أصبح يسمي “وجيها سياسيا” لم يبذل أي جهد قادما من المدينة حاملا نفس الكمية التي حصل عليها هو من مزرعته و قَاصًا “بحنجرة واسعة” أحاديث المكاتب و مجالس أعلام المدينة.
وهكذا أدت ظاهرة ” الوجهاء السياسيين الجدد” إلي هجرة أغلب الرجال و بعض النساء للقري و المزارع و الانخراط في اكتساب لقب “الوجيه السياسي” الذي يَغْشَي مجالس القرار السياسي و الإداري و لا يبذل من الجهد إلا حضور مجالس ” المراء السياسي” و الدفاع ملء الحنجرة عن حلفائه السياسيين و الهجوم بكافة الملكات الصوتية علي الخلطاء السياسيين.
و قد نال تدخل “المجاهد التنموي” إعجاب جميع الحاضرين المواطنين منهم و الأجانب فحظي بصاعقة من التصفيق دامت دقائق و بعناق و أحاديث جانبية من العديد من كبار المشاركين و المدعوين لكن الأيام التفكيرية سارت وفق المسطرة التقليدية حيث ختمت بالمصادقة علي استراتجية تنموية جهوية و مخطط تنموي عشري و خطة لتعبئة التمويلات الضرورية.
و رغم ” الاختتام التقليدي” للأيام التفكيرية إلا أن أغلب المشاركين تناجوا بأن مداخلة “المجاهد التنموي” شخصت المشكل و وصفت الحل مستنتجين بأن من أراد إصلاح الشأن التنموي بموريتانيا فليبدأ بمحاربة العقليات و المسلكيات القديمة و المستجدة المُمَجِدَةِ للكسل و العطل المُبَخِسَةِ للجهد و العمل رافعا شعار أن “لا يستوي أصحاب السواعد و أصحاب الحناجرّ.”.

المختار ولد داهي

Exit mobile version