وداعا السيد الرئيس!
وداعا أخي وعزيزي اعلي!
لقد سقط نبأ وفاتك المفاجئة والمبكرة كالمقصلة، وأرعبت كل من حالفهم الحظ بمعرفتك.
لو كان لنا أن نقول لك إن الوقت ليس وقت الرحيل، لأن أسرتك وأصدقاءك وبلدك لا يزالون بحاجة إليك، لسمحنا لأنفسنا بالبوح بما لا يفي به التصريح. ولكننا لا ننسى أنك منحة من الله متعنا بها طيلة الوقت الذي شاء، واستردها عندما شاء في هذا اليوم، 5 مايو 2017، وهو يوم الجمعة المبارك، الذي نعرف أن قطار المغادرين فيه محجوز للسعداء والشهداء. فلله الحمد من قبل ومن بعد، وله الشكر على ما منحك من قرائن السعادة التي جعلنا شهودا عليها.
وفي مساء هذه الجمعة المباركة، أصر سكان نواكشوط، رجالا ونساء، وبأعداد لم يشهدها مسجد ابن عباس في تاريخه، على أن يحضروا الصلاة عليك ويترحموا على روحك الطاهرة. إن هذا الحضور الجماهيري الحاشد، لا يشكل تعبيرا عن تعاطف مواطنيك المفجوعين أو عن اعترافهم بما مثلته بالنسبة للبلد فحسب، بل هو كذلك دليل على ما منحه الله لك من أمارات السعادة الخاصة بالشهداء والصديقين.
فعلا، لقد شاءت الأحوال أن تأخذ المراسيم حقها فجأة في ذلك الوقت نظرا للظروف، مما حرم العديد من أصدقائك المقربين من أن يكونوا في الصفوف الأمامية في الصلاة عليك، حيث عاد هذا الفضل وهذا الشرف لآخرين فرضت عليهم الترتيبات الرسمية أن يكونوا هناك.
وعلى كل حال، فإن وفاتك قد فجرت في القلوب ينابيع لا تنضب من التعاطف والعرفان بالجميل والاحترام والإعجاب لدى الكثيرين ممن ظلوا يعبرون عن ذلك بكل صراحة وعلى رؤوس الأشهاد، وكذلك لدى الكثيرين ممن اعتقدوا أن عليهم أن يظهروا لك عكس ذلك ليسايروا الموجة أو ليحتفظوا لأنفسهم بمكانة تحت الشمس. عفا الله عنهم. أعرف أنك لم تؤاخذهم أبدا بذلك، بل أن سلوكهم كان في بعض الأحيان مدعاة لشفقتك.
أما أصدقاؤك وإخوتك في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، فلن يسلوك أبدا، وقد ترك غيابك فراغا لا يستطيع أحد أن يدعي ملأه، ولكن كل واحد منهم سيعمل ما في وسعه لمحاولة تعويضه.
إن الرهان المطروح اليوم على كل الوطنيين في هذا البلد هو العمل على تحقيق الأهداف النبيلة التي كرست لها جل وقتك وطاقتك طيلة الـ12 سنة الأخيرة من حياتك خدمة للديمقراطية ودولة القانون في هذا البلد الذي أصبحت وحدته واستقراره مهددين أكثر من أي وقت مضى بفعل التسيير الفردي والكارثي للسلطة الحالية.
أما أنت فيمكنك أن تهنأ بسلام وتخلد للراحة في رحمة الله.
وإضافة إلى عائلتك الواسعة وأصدقائك الأوفياء، فقد تركت في بيتك زوجة رائعة وذرية صالحة سيحيون دائما ذكراك العطرة وسيحملون عاليا شعلة قيم الإنسانية والكرامة والأخوة التي كانت ديدنك.
وفي الختام، لا نملك إلا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون.
الشيخ سيد أحمد ولد باب امين