احتفلت موريتانيا في فاتح إبريل باليوم الوطني للرياضة وسط ضجة إعلامية صاخبة. وقد ذهب رئيس الجمهورية والوزير الأول ومجموعة من الوزراء، وكلهم يرتدون ملابس الرياضة (ولو مرة واحدة في العمر)، إلى الملعب الاولمبي لحضور انطلاق ماراتون نواكشوط. كما زاروا أجنحة مختلف الاتحادات الرياضية. وبعد ذلك بخمسة أيام، احتفل العالم كله بذلك اليوم. كان من الممكن أن يتطابق العيدان. لا وكلا ! تريد موريتانيا عيدها الخاص. وإن اللجنة الأولمبية الوطنية، التي يرأسها “متمرد” منذ سنوات عديدة لا تقول كلمة، على عكس ما يحدث في البلدان التي تكونت “بشكل عادي”، حيث لا يتخذ الرئيس من شعار “من ليس معي فهو ضدي” عقيدته التي لا تتغير.
إن النقيب السابق لهيئة المحامين الوطنية والرئيس الأسبق لجموعة نواكشوط الحضرية، ذوي الحظ السيئ بسبب تواجدهما في الجانب “الخطأ” كانا في وقت من الأوقات، ضحيتين لهذا النبذ الرئاسي. لقد نظم الأول المؤتمر الدولي لهيئات المحامين ذات التقاليد القانونية المشتركة واستضاف الثاني اجتماعا كبيرا للعمد الفرنكوفونيين. لم يحضر أي مسؤول موريتاني رسمي حفل الافتتاح ولا الاختتام. ولم تلق الوفود الأجنبية، على الرغم من أهميتها، أي استقبال رسمي ولم يجرؤ أي مسؤول على مغامرة استقبالهم، ولو أساء ذلك قليلا إلى صورة البلاد التي هيهات لها أن تكون سمعتها لامعة. وخلال الأسبوع الماضي، زار نواكشوط رئيس جمعية اللجان الوطنية الأولمبية في إفريقيا، الجنرال الإيفواري لاسانا بالينفو ولم يكن أحسن حظا من المحامين أو العمد الفرنكوفونيين. إن قائدنا المستنير عنيد لا يفعل إلا يروق له.
وينطبق نفس على الرياضة مثل السياسة، حيث يشكل النبذ القاعدة. يتم استهداف المعارضين الذين يرفضون الخضوع والتملق وإن الصحفيين الذين يحاولون حدا أدنى من الموضوعية يتم استبعادهم من كل شيء كما أن رجال الأعمال الذين لا ينتمون إلى الطائفة ويريدون إظهار قليلا من الاستقلال يتعرضون لصواعق الضرائب وزلازل الجمارك. أما الوجهاء الذين لا يدخلون الصف فلم يعودوا يحصلون على أي شيء من الدولة. ما أبعد خطاب 2008 ـ 2009! عندما كنا ندغدغ ليل نهار بموريتانيا الجديدة حيث يسود العدل ولا يستبعد أي شخص بسبب مواقفه السياسية ويحصل الفقراء على رئيس “هم” الذي سيهتم بمشاكلهم على مدار الساعة ويصبح الفساد وسوء التسيير أثرا بعد عين… وها نحن نرى، بعد ثماني سنوات، حقيقة الأمر. إن الوضع غني عن الوصف والبيان. وإذا كان من المستبعد جدا أن يكون واحد من وزرائنا قد أتعب نفسه بالجري يوم فاتح إبريل مائة متر فقط من الماراتون، فإنه من المؤكد جدا، عكسا لذلك، أن الشعب الموريتاني لا حاجة له البتة في مثل هذه التظاهرة ليشعر بالإرهاق: إن حياته اليومية توفر له ما يكفي منه وزيادة.
أحمد ولد الشيخ