لا سبيل لمعرفته بالتخرص او التنجيم ، و لا تخطه أقلام الوسوسة و حسابات المصالح و لا تصنعه الزبونية و لا الاصطفاف ، و لا تشكله تمائم المخبرين و لا تعاويذ الصحفيين و فضوليي الموائد و الصالونات ، و مهما تعالى النقع و تصاعد في السماء فلن تضيع هويته و لن تختلط الاحوال ، و لن تتلاشى صورته في غموض المشهد ، ستظل هامة الفارس واضحة لا غبش يغطيها و لا دخان يحجبها ، أغر الوجه محجل الأطراف لا تخطئه العقول ، تصرصر نباله و سهامه فلا صارخ سواه .
انه هناك بين السعي في مصالح الناس ، او في منزله يرمق الوقت لأدائها بالمسجد المجاور ، لقد أدى زكاة الجاه ، و تعلق قلبه بحب بيوت الله ، و شغف بها وجدا ، و ارتفعت درجاته بكثرة الخطا ، و ببشارة المشي لها في هداة الليل في بحر العتمات ، ارتوى في الحرمين – دارسا و زائرا دائما و كامل السلطة و فوق العادة – من منابع الإيمان و تدثر بسمت روحاني جميل ، تزمل الحلل من جلال المكان و بهائه .
تختزن دماؤه خريطة موريتانيا ، و جينات جهاتها الاربع ففي الشرق و لادته و تربيته و في الشمال أصوله و محتد الأجداد و في الجهات الأخرى حاضنته و مركز علاقاته .
في ثراء تجربته و شموليتها شاهد حال و بينة أصل ، خاض غمار السياسة بنفس طويل و فروسية ماهرة منحته الثقة و الاعتبار لدى شركائه من الطيفين ، و في بحر الجهاز التنفيذي تمرس على فنون الحكم و اتقن اساليبها بحرفية و أمان ، مسؤول متشبع بفكر الدولة و منطق الإدارة ، كهف منيع لنصرة المظلوم ، مطمئن للكل بصرامته الهادئة ، واقعي لا غربة فيه للعسكر ، و لعفته لا يوحش ارباب المال .
تمرس في الاقتصاد و السياسة و الدبلوماسية و في إدارة حماة الوطن ، عاشت آثاره في ضمائر النخب و في وجدان الجماهير اشواق و حنين لملامح وطن مشع يخطها بآمالهم .
اذا وعد وفى و اذا اؤتمن أدى و اذا خاطب صدق ، حازم في التدبير عادل في القرار ، كيس لبيب ليس خبا و لا الخب يخدعه ، أبو المسكين و الضعيف ، و ولي الارملة و اليتيم ، نار على الظلم جنة للملهوف ، لا يضام الحق الابلج و لا تخفر ذمته بين يديه ، مؤمن بالله و كتبه و رسله و ملائكته و باليوم الآخر ، ليث لا ينهزم في الوغى و انسان لا يجف من العطف و الحنان ، حداثي النهج عقلاني التفكير و سطيا معتدلا يحترم الآخر و يؤمن بالاختلاف .
لقد أطل زمانه و أشرق وقته ، فالظروف حبلى به و بروقه تلمع في السماء ، ستنجبه الأرض في قابل الايام عهدا مباركا ، و سيكسوها بالقسط و يملأها بالوسع و المشاتل و عطور الازهار .
سيكون عنوان حكاية في التاريخ ، و قصة مجد أثيل و إضافة جليلة لجهود عبقرية أعطت لهذا الوطن الغالي ، و بلسما شافيا يتسلل دواؤه بردا و سلاما إلى مسارب الجراح المزمنة و الغائرة منذو آماد ، و إلى التشوهات التي صاحبت النشأة و ظلت تتطور و تستفحل مع الزمن ، لقد عرفناه فهل عرفتموه ؟ ان خير من استأجرتم القوي الأمين .
بقلم البدوي