المعارضة.. ودموع التماسيح

مرة أخرى تلعق المعارضة غير الموفقة جراحها؛ وتهرف بما لا تعرف، وتأتي البيوت من جدرانها الخلفية، وهي التي الصيف ضيعت اللبن.. وجنت من قبل على نفسها.
للمرة الألف تجرب تلك المعارضة الخرقاء الأساليب غير الديمقراطية، وتتخيل لسذاجتها أنها بدموع التماسيح يمكن أن تقف أمام خيار شعب؛ قرر أن يسير للأمام، وتريد له هي أن يبقى قابعا أسفل الترتيب.
دموع التماسيح المذروفة بغزارة هذه الأيام على الدستور دموع متخيلة لا وجود لها، ولا تنطلى على أحد، هي سراب يعرف الجميع أنه سراب..
لو كانت المعارضة التي تبكي وتتباكي ذات مصداقية، لما جبنت خيلها ولشاركت في الانتخابات البرلمانية، التي نتج عنها هذا البرلمان، الذي يناقش اليوم التعديلات الدستورية.
قطعا لن تعود من المعركة بكبير غنيمة، لضعف حضورها وصغر معناها ومبناها، ولكنها على الأقل ستضمن أصواتا تقدم رأيها داخل قبة البرلمان، لا في الشارع في التظاهرات المشوشة غير المرخصة.
طبعا لا اعتراض على اللجوء في الشارع؛ فحق التظاهر مكفول للجميع في موريتانيا الجديدة؛ لكن وفق الضوابط والنصوص القانونية.
هناك خياران قانونيان شرعيان لا شية فيهما لتعديل الدستور أحدهما الاقتراع الشعبي والثاني هو المؤتمر البرلماني المشترك لغرفتي البرلمان، وقد استخدم الأول عام 2006، فيما طبق الثاني عام 2012.
وبالتالي فإن الطعن في ديمقراطية أي منهما ينم عن جهل في مادة التربية المدنية، ومن باب أحرى القانون الدستوري، وهو ما يعرفه الأطفال في مقاعد المدارس الأساسية.
ترعد المعارضة وتبرق وتقيم الدنيا ولا تقعدها نعيبا ونعيقا بالقول إن التعديل الدستوري جاء لرغبة أو مصلحة النظام، وهو شيء لا يقوم له دليل عند المحاججة، بل هو من الدعاوي التي لا تصمد عند أبسط مناقشة.
قالوا إن للرئيس محمد ولد عبد العزيز مآرب في تعديل الدستور .. لو كان الأمر كذلك لغيَّره لما يخدم شخصه، ولكنه وقف أمام الجميع، ونفى في شجاعة ورجولة تحسب له أن يكون بصدد تغيير الدستور لمصلحته..
وصدق شعبه كالعادة.. والرائد لا يكذب أهله.
لا يجهل أي موريتاني أن حوارا دار على مدى أسابيع هنا، تنادى له الموريتانيون المؤمنون بالديمقراطية جميعا، وكان من مخرجاته إقرار التعديلات الدستورية بما تتضمن من دعم للتنمية والحكامة والعدالة في توزيع الثروة تمهيدا لتأسيس جمهورية موريتانية ثانية.
تحدثوا عن تغيير العلم، كما لو أن من أضاف تحسينات للعلم الموريتاني أتى شيئا إدا.
العلم الموريتاني الذي عليه يبكي هؤلاء هو علم استعماري استخدم في ولاية وهران الجزائرية عندما كانت خاضعة للاستعمار الفرنسي ليستخدم لاحقا في السنغال، ثم ورثناه حرفا بحرف، ولا يتضمن أي إشارة إلى دماء شهدائنا التي سقت أرضنا شرابا طهورا في جلادنا ضد الاستعمار.
التعديل الدستوري المعروض هذه الأيام على البرلمان بتحسيناته التي سيضفى على المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي الوطني، هو تطور طبيعي في الحراك المؤسساتي الذي تمر به الدول جميعا، ويصب بالضرورة في مصلحة البلد وديمقراطيته وتنميته.. فمال هؤلاء القوم لا يفقهون حديثا؟
ستبكي المعارضة وتتباكى.. وسترغي وتزبد.. غير أن الموريتانيين يعرفون مصلحتهم، ويعرفون أنه ليس من الحكمة ولا العقل ولا الحصافة الثقة بمن خدعنا مرة واحدة، أحرى من يحاول خديعتنا كل لحظة لو أمكن له ذلك.
من يقاطع الاستحقاقات الانتخابية يحتقر شعبه ولا يؤمن بالديمقراطية، أي معنى لأحزاب سياسية لا تشارك في الانتخابات، الأمر يشبه عصابات المافيا.. لا مشروعية للأحزاب التي لا تستمد قوتها من صناديق الاقتراع.
على مثل هؤلاء “السياسيين” أن يبكوا..
قربوا يا قادة المعارضة مناديلكم.. وابكوا وتباكوا.. ستبكون كثيرا.. لكن بسطاء الموريتانيين الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا سيضحكون كثيرا..

بقلم: الداه صهيب

Exit mobile version