فتّش عن المأمورية الثالثة.!

لا أشك في أن “الجنرال في متاهته” يخطط لأمر جَلَل، يسعى من خلاله للبقاء في الحكم مأمورية ثالثة.

و في تجارب التاريخ ما يؤكد أن المستبدين لم يتورعوا يوماً من أن يضرموا النار في بلدانهم إذا كان في ذلك استمرار لأحكامهم.

كم ارتعدت فرائصي فَرَقاً، من أن الجنرال الأرعن إنما يسعى من خلال توتير العلاقة بين شريحتي البيظان و لحراطين، لإشعال فتيل حرب أهلية، تصرف الأنظار عن رفاه الديمقراطية و التناوب السلمي، ليكون كفاح كل شريحة من أجل بقاءها.. و يستمر حكم الأرعن جاثما على الصدور.

لقد بالغ الرجل في استفزاز لحراطين و الزنوج، و منعهم حقهم في المساواة و تكافؤ الفرص.. حقهم في الانتظام في أحزاب سياسية، رغم ترخيصه أحزابا ينطبق عليها ما ينطبق على هذه، كيلاً بميكيالين، و انحيازاً للعنصر و الأرومة التي احتكرت لنفسها حقوقا سلبتها من غيرها.. غير أن حكمة الزنوج و لحراطين طبعت تعاملهم مع ما طالهم من نَخْز خاصرةِ بإشفى.

لقد حاول ولد عبد العزيز جهده أن يوقظ المارد النائم في قمقمه.. و فتل لذلك سحيله و مبرمه، و أبرم أمره بليل، غير أن الدعوة التصالحية الأخيرة في خطاب بيرام ولد الداه نقضت غزله، و أقامت سدودا دون طوفانه.

لقد صب خطاب بيرام الأخير ماءً على النار التي كان ولد عبد العزيز بصدد إضرامها.. فأُسقط في يد الأرعن الذي لم يتعود الاستسلام بسهولة، و واصلت أطماعُه في البقاء في السلطة دفعَه لاختلاق أزمة تبرر استمراره في الحكم.. فكانت أزمته مع المغرب، ثم تلتها أزمته مع السنغال.

لقد لجأ العقيد المعقد معاوية ولد الطائع لتصفية الزنوج الموريتانيين و اختلاق أزمة مع السنغال، حين علت صيحات المطالبين بالديمقراطية، فأوهم العامة بوجود مشكلة قومية، الأولويةُ في تسويتها.. و بهذا تداعت لكَنَفه جموع الشوفينين و التقليديين، حتى حكم البلاد بقبضته الحديدية عشرين عاماً. فلا غرابة َ، إذن، إن حذا التلميذ حذوَ معلمه، و إن سار على منهاجه.. فكل القرائن تدل على أن ولد عبد العزيز يبحث عن “أزمة”، و ربما عن “حرب” ترصّ عليه صفوف الخائفين على مصير دولة البيظان.

هل يعقل أن ابن دارو مستي المشاغب و سلسل الأرومة الشيشاوية يضحي بعلاقاته مع “السنغال” و “المغرب” من أجل غامبيا و البوليساريو.. إلا أن يكون وراء أكمة “الخلاف” ما وراءها.؟!

اعتذرت المغرب، و صفحت عن أخطاءه و أخطاله.. و هكذا فعلت السنغال.. لكن الأمر لم يزده إلا لجاجاً، و أصبحت جميع تصرفاته ضِغثاً على إبّالة.

وراء كل هذه الخلافات التي يختلقها الأرعن فتشوا عن سبب واحد: المأمورية الثالثة..!

حنفي ولد دهاه

Exit mobile version