ليس غريبا أن ترتبك أبواق الدكتاتورية المغربية ، ويصيبها الهذيان الهستيري ، وهي تراقب موريتانيا- التي ظلت منذ استقلالها ، وحتى الأمس القريب مسرحا لتصفية الحسابات بين الجارتين الشقيقتين المغرب والجزائر -وهي تعلن نفسها ، وبكل ثقة تحت قيادة محمد ولد عبد العزيز – دولة ذات سيادة، وصاحبة قرار يسمح لهابالوقوف في الحلقة الوسطى بين الإخوة ( الجزائر والمغرب) .
فلايخفى على من يتفرج على هذيان ” أسليمي” – بعد الزيارة التاريخية ، والمثمرة ، التي أداها الوزير الأول للشقيقة الجزائر – حجم الصدمة ومستوى الذهول الذي أصاب الرأي العام المغربي ، الذي يتابع -عن كثب – مستوى التقدم الذي وصلت إليه موريتانيا منذ وصول ولد عبد العزيز إلى السلطة ، وماأحدثه من تغيير جذري في البلد على جميع الأصعدة ، في في فترة وجيزة اتخذت ترشيد أموال الدولة منهجا ، ومحاربة الفساد مبدأ ، في خطوة جبارة ، هدفها اعتماد البلد على موارده الذاتية ، ليتمكن من اتخاذ خياراته بحرية واستقلالية، تحكمها الإرادة العامة للشعب ، وتوجهها المصلحة العليا للوطن .
ولما كان نظام محمد ولد عبد العزيز قد قرر – واثقا – تحديد علاقاته بالعالم حسب المعايير السابقة ، بدء بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني ، ومرورا بإعلان الحرب على الفساد والمفسدين ، وانتهاء بتجديد الإتفاقيات مع الأروبيين ، فقد قرر كذلك أن يقف بموريتانيا في نقطة الوسط بين الشقيقتين ( الجزائر ، والمغرب ) ، ويخر ج موريتانيا من ذلك المستنقع الآسن .
لم يكن الإخوة في المغرب ليستوعبوا المشهد الجديد ، ويتعاملوا معه بالمستوى المناسب من الحكمة والموضوعية ، إذ لاتزال موريتانيا في عيونهم موريتانيا الأمس ، فسعوا إلى اعتراض هذا المسار ، والوقوف في وجه.
فعندما ترأست موريتانيا الإتحاد الإفريقي ، بعزم قائدها العزيز بلحمة شعبه ، كان على المغرب أن يعود إلى الإتحاد لدعم جهود شقيقته موريتانيا ، لكن المغرب قرر عدم المشاركة ، وسعى أبعد من ذلك إلى تعطيل الجهود الموريتانية ، فقادت موريتانيا الإتحاد بكل جدارة – رغم ذلك – وبقيت على موقفها المحايد بين أشقائها .
وفي خطوة موفقة ، قرر فيها الرئيس الموريتاني استضافة القمة العربية في انواكشوط ، فقررت المغرب التشويش على تنظيم القمة بالتحركات العسكرية في منطقة الكركارات ، و تجييش السنغال لطرد المنمين الموريتانيين من الأراضي السنغالية ، في محاولة لاغبار عليها للتأثير على نجاح القمة ، لكن القائد الواثق تعامل مع الموقف بحكمة بالغة ، فنجح في استضافة القمة ، وبقيت موريتانيا على موقفها.
وعلى العكس من ذلك فإن الشقيقة الجزائر – التي فهمت موريتانياالجديدة ، كمافهم زين العابدين تونسيي الثورة – قد تعاملت مع النظام الموريتاني انطلاقا من رؤية موضوعية ، وفهم جديد ، ومدت يدها لجـَسر علاقات أخوية غير مشروطة بتحديد مسافة من المغرب .
إلا أن المغرب ، ومحلليه أذهلتهم الصدمة ، ولم يستطيعوا تحليل الواقع ، وقراءة المشهد ، ومكثوا يعزفون على غيثارتهم القديمة ، التي أصبحت تصدر نغمات مبحوحة على سنفونية الأوركسترا الموريتانية الجديدة .
فمن أتون المصحة العقلية المغربية ، يطالعنا هذا اللا ” أسليمي ” بتحليلاته الضحلة المثيرة للضحك من جهة ، والداعية إلى الشفقة من جهة أخرى .
فقد غذى هذا التائه تحليله الواهي بحزمة من الإفتراءات الساذجة ، حيث قال بأن الرئيس محمد ولد عبد العزيز ينفذ الأجندة الجزائرية ، وكأن ولد عبد العزيز الذي أرسل الجرافات لسفارة إسرائيل، التي يلعق” أسلمي ” وأسياده أقدامها ، محل تهمة في تنفيذ أجندة دولة أخرى ، فلو كان ولد عبد العزيز مهيأ لتنفيذ الأجندات ، لنفذ أجندة إسرائيل ، كما ينفذها ” أسلمي ” وأسياده ، وآخرون كثر .
وفي تخبط يدعو إلى الشفقة ، حاول أسليمي التعلق بخيوط القانون الدولي ، وادعى تورط موريتانيا في خرق قرارات الأمم المتحدة ، مدعيا وجود أدلة – لديه لم يكشف عنها – على تسهيل السلطات الموريتانية ولوج زعيم البولوزاريو إلى الأراضي المحظورة ، وأنا أسأله هنا !! لماذا لم يكشف عن هذه الأدلة ويضيفها لتحليله الممجوج هذا ؟
وفي محاولة مكشوفة لإلقاء التهم الجزافية يدعي هذا المسكين تعاون النظام الموريتاني مع تنظيم القاعدة ، وبعض التنظيمات الإرهابية الأخرى ، وكأن العالم لاينتظر سوى افتراءات” أسليمي” ليلصق العمل الإرهابي بنظام ولد عبد العزيز ، الذي هاجم القاعدة في عقر دارها ، واستأصل شأوتها ، والذي لاتزال سجونه تعج بالمعتقلين الإرهابيين بمختلف انتماءاتهم .
كما يدعي ” أسليمي” أن ولد عبد العزيز تورط مع الجزائر ، ولم يعد بإمكانه التراجع خوفا من المخابرات الجزائرية ، في مستوى من السذاجة ترق لصاحبه القلوب ، وتأبى أن تصدق كلامه العقول ، فمتى كان محمد ولد عبد العزيز بالجبان ؟
أيوم ضحى بنفسه في قيادة تغييرين لنظام الحكم ؟ أم يومه الذي نزل فيه بطائرته في كيدال أيام الوغى حيث الموت الزءام ، والحديد والنار؟
أم ليلته التي قاد فيها سيارته وهو ينزف ؟
وفي نهاية ذلك الهذيان المكشوف يحاول ” اسليمي ” اللجوء إلى إحياء العنصرية في موريتانيا في افتراء غير موفق يظهر ضمور المستوى الثقافي للرجل ، الذي يدعي بأنه محلل سياسي وأستاذ للعلوم السياسية ، حيث يقول بأن هناك حركات داخل موريتانيا ترفض العلاقات مع الجزائر ، مثل حركة ” السود الأفارقة ” ، و”حركة الزنوج ” ، وهي حركات لاوجود لها في موريتانيا بهذا الإسم إطلاقا ، مما يوضح افتراءات وأكاذيب ” أسليمي ” وقصور إدراكه لما يجري في موريتانيا .
وماذلك كله إلا محاولة من أسليمي لنفيذ رغبات الامبراطورية المغربية التوسعية التي تسعى إلى اتخاذ الأزمات المفتعلة مع موريتانيا شماعة لتعليق مشاكلها ، فالإمبراطورية التي نمت فيها الدكتاتورية وساد فيها الكبت – والتي أصبحت تعاني الكثير من المشاكل والأزمات الداخلية في المملكة بشكل عام ، من الأمازيغ الذين يدعون الأصالة في الأرض ، ويعانون من الحرمان والتهميش على مدى قرون ، إلى المجتمع الصحراوي الذي يشعر بالإحتلال والهيمنة على خيرات الأرض ، وحرقة فراق الأهل المبعدين في المخيمات ، إلى النظام الدستوري “اللقيط ” الذي يسود فيه الملك و يحكم دون أن يكون مسؤولا عن نتائج حكمه، و المشاكل في بيت الملك بشكل خاص ، حيث الوضع الصحي المقلق للملك ، وإصراره على تولية العهد لإبنه الصغير ، الذي لم يبلغ الحلم بعد ، في الوقت الذي يوجد فيه عمه الذي تجاوز الأشد ، والذي لن يقبل الإهانة ، ويحظى بدعم سري كبير من العسكر والشعب – باتت تختلق الأزمات والمشاكل مع موريتانيا من أجل صرف اهتمام الرأي العام المغربي عن الوضع المتأزم داخل المملكة من جهة ، وحشد ماأمكن من التأييد للدكتاتورية الحاكمة من جهة أخرى عن طريق العزف على ألحان حماية السيادة المغربية من جهة أخرى .
وعلى أية فإن موريتانيا الجديدة بدمقراطيتها الشفافة ، وإسلامها الناصع ، وعروبتها الغراء واقتصادها المزدهر تمد يدها للأشقاء والإخوة ، والعالم بأسره ، حيث ماكانت مصلحة الشعب الموريتاني .
وليكن في علم المغرب أن موريتانيا لم تعد بحاجة إلى أي كان فبثرواتها الهائلة ، ونظامها الرشيد ، ستتقدم بخطى واثقة إلى مصاف الدول المتقدمة .
سيدي محمد الكنتي الملقب جدنا