رساله تأبين إلي الأهل في الديار المقدسه بمناسبة رحيل الشيخ محمد الأمين ولد الحسين. بقلم التار ولد سيد المصطف

توفي ليله الجمعة الموافق 25/11/2016 في المدينة المنوره إبن عمنا ووالدنا العالم الفاضل والرجل العطيم الشيخ محمد الأمين ولد الحسين سليل أسره الشيخ سيد ألمين الجكنيه رحمه الله تعالي وأسكنه الدرجات العليا من الجنه.ووفاء للعلاقه الأخويه المتميزة التي تربطه بوالدي رحمه الله تعالي وبأسرتتا جميعا و التي جسدها هو في كونه أول ما رجع إلي موريتانيا في صيف 1985 صحبه أخيه محمد ولد الحسين أطال الله عمره وإبن عمنا الحسن ولد ب رحمه الله تعالي قرر معهم أن ينزلوا ضيوفا علي الوالد والعم المختار رحمه الله تعالي رغم تواجدبعض من أكابر ورموز أهل الشيخ سيد ألمين الذين هم أقرب رحما منا لهم ولقد بالغ الوالدان في إكرامهم والإعتزاز بأختيارهم لأسرتنا أن تكون محل إقامتهم لدرجه أن الوالد قررأن لا نخدمهم إلا بأيدينا فكنت أنا هو الذي أصنع الشاي لهم ولقد أرغمهم الوالدان لما قرروا أن يطيلوا المقام أن يسكنوا بجوارنا في منزل إبن عمنا وصهرنا محمد عبد الرحمن ولد الشيخ الملقب ولد أمن أطال الله عمره،. كانت جلسات الشاي مع المرحوم محمد الأمين ممتعه وشيقه فرغم أني كنت ساعتها خريج الثانوية العامه وحديث عهد بسجون ولد هيداله مدافعا عن التعريب و غاضبا علي الرجعيه ألعربيه المتمثله ساعتها بالسلفية السعوديه فقد حاولت أن أكون جريئا في عرض مواقفي وآرائي أمام المرحوم لكن رجاحه عقله وقدرته علي التشبث بالحوار الهادئ والإنفتاح والتسامح جعلتني أقترب منه أكثر وأجله وأعتز به بل إن نقاشاته مع الوالدين وكذالك مع بعض فقهاء وعلماء مدينه كرو حول عقيده الأشاعره التي كانت تتم بطريقه حضاريه وبكل أدب ووقارهي أكثر ما نحتاحه اليوم.أذكر مره أنه جمع بعضا من أعيان العشيره وقال لهم إنه مر بأخينا يحي في بوتلميت كان ساعتها حاكما فيها وأنه ناقش معه أن يجمع شمل العشيره في قريتهم القديمه حفره آهل الشيخ سيد ألمين وأن يغير إسمها ليكون عيون أهل الشيخ أحتدم النقاش بين الجماعة ورغم إن المجلس ضم أغلب أهل الحل والعقد إلا أن النقاش طبعه بعض الفجور في الخصومة فقرر تعليق الإجتماع بعض الوقت حتي يسكت الغضب عن بعض الأكابر وبعد مضي قدر من الوقت تابع الإجتماع وقال لا بد من الإتفاق علي المصلحه العامه المطابقه لشرع الله وسنحتكم إلي أهل العلم بعد عرض جميع الآراءعليهم ساعتها قبل الجميع وأنتهي الإجتماع بنتائج إيجابيه تخدم الجميع. أدركت أن الرجل يحمل مشروع محتمع وأنه من طراز خاص فسألته متعجبا مما حصل كيف لهؤلاء الآكابر من أهل القرآن والرأي والعلم أن يتخاصموا بالكثير من الحده فرد علي بكل وقار وسكينه رغم أنه سلفي بامتياز يا ولدي دعك من هذا إن هؤلاء فضلاء صلحاء وعظماء جميعا ولو صدرت منهم بعض الهفوات فهم يتنافسون في المجد والكرم والإباء والمحافظه علي الأستقامه في الدين فأنا عشت معهم ردحا من الزمن قبل السفر إلي الديار المقدسه وخبرتهم كثيرا وبعد عودتي الآن تأكدت أنهم ما زالوا علي هدي النبي صلي الله عليه وسلم وسأستعين بهم في أمور أخري. بعد أسابيع من هذا كانت مدينه كرو تشهد حراكا إجتماعيا لإصلاح ذات البين بين البطون الرئيسيه المتواجدة في المدينه يقوده المرحوم محمد الأمين الذي سمي من طرف العامه المصلح. في السنه المواليه قدم إلينا بوفد من العلماء يضم محمد ولد سيد الحبيب أطال الله عمره و المرحوم أحمد ولد أحًمد المحتار والمرحوم محمد عبد الله ولد الصديق والمرحوم دادحه ولد الشيخ ولد دادحه والمرحوم الحسين ولد الطلبه وبدء في تنفيذ خطته الراميه إلي إنهاء الخصومات الإجتماعية مستعينا بكوكبه العلماء هذه وعلي الرغم من التعثرات والصعوبات التي لقيها خاصه المتعلقة يتداخل السياسي والإجتماعي وكون البعض يدعي أنه يعمل لصالح أحد الأطراف السياسيه لعلاقته الإجتماعية معه فتزايد التقري في المدينه أدي إلي وعي حضاري نجم عنه إستقطاب سياسي فحصل أن الرأي العام الوطني صنف مدينه كرو ضمن المدن الأكثر إستقطابا سياسيا آنذاك وهي بتلميت وبوقي وتنبدقه . كان الفقيد صابرا في مسعاه النبيل ويجمع القدره علي تطبيق التوازن بين الجرأه في الصدع بالحق والتوكل علي الله و لقد كان من نتائج هذا العمل الشريف والعظيم أن أجتمع أهل المقاطعه جميعا في اول إنتخابات بلديه عام 1986 علي لائحه واحده وتم بحمد الله خفظ الأموال والأنفس من الهدر والتدافع العقيم . ذالك يحسب جل أجره لفقيد المصالحه الشيخ محمد الأمين ولد الحسين. كما أذكر أيضا أني سألت عمي الشيخ دادحه الصالح العابد الفاضل لماذا لا تنضم إلي وفد الشيخ محمد الأمين في محاوله الإصلاح بين الناس فرد علي مازحا بعض الشيء أنا رجل من أشراتيت جئت لزياره القبور والتبرك منها والتضرع إلي الله من أجل أستمرار مجد إدوعيشوو رفع قدرهم فوق كل المجموعات ولا يعنيني في شيء صلح أهل كرو ولا يهمني ما يقوم به محمد الأمين من التناجي مع هذا وذاك من أجل صيت دنيوي . لكنه أضاف بجديه إن الشيخ محمد الأمين رجل عظيم سيكون له شأن كبير وصيت عظيم عندكم هنا وعندنا هناك في القريب العاجل فهو ساع لأجل ذالك وأري أن الله سيوفقه في ذالك ويجب أن نساعده جميعا ولا نحسده . بعد يومين أو ثلاث تقابلت مع الشيخ محمد الأمين فأخبرته ببعض من حديثي مع الشيخ دادحه فقال لي يا إبني إنه مثل والدك جريء في قول الحق والإعتداد برأيه لكنه أمه وحده وذكر لي بعض مواقفه في المدينه المنوره وبعض قصص صلاحه و زاد أرجوك أن تساعدني في تغيير موقف والدك من أحد الإخوه رفض التصالح معه لأنه سافر معه مره فانتقد عليه فعلا مخالفا للشرع ورفض من بعدها التعامل والتعاون معه والرجل تاب ومن تاب الله عليه لكنه أستدرك فقال دعه فهو لن يغير موقفه منذ عرفته لا يتهاون ولا يرحم في أمور المروءة والدين. واستطرد معي بعض حكايات الباديه قبل سفره إلي المدينه المنوره وحده الوالد رحمه الله في المحافظة علي الصدق فقال لي بأن أحد الإخوه كذب علي الوالد في شؤون المرعي مره واحده. فحدث أن أحتاج الوالد إلي مساعده الشيخ محمد الأمين في إحضار بعض الماشيه فقال له إن أخانا فلان يمكنه مساعدتنا وسأدعوه فرد بقساوة أنا لا أستعين بالكذابين في أي شيء فقال له الشيخ محمد الأمين الرجل تاب وأناب ونحن بحاجة إليه فأرجوك أصفح فرفض ومشينا لوحدنا. ولقد ختم قوله إن هذا الجيل الذي هو بالطبع ينتمي إليه لكنه لا يعني في الكلام نفسه جيل فريد في تملثه للدين قولا وعملا و كل ما أخشاه أن لا تستطيعون إستحضار بعض من سيره وسلوكه لعلها تعينكم علي الخلق الكريم وعلي علو الهمه. مع بدايه عقد التسعينات بدأ هذا الجيل في الرحيل إلي الدار الآخره وبسرعة كبيره ومزعجة وكانت البدايات مع الخالان الكريمان والفاضلان محمدو ولد داهي وعمار ولد داهي وتتابعت المصائب علي العشيره فرحل أغلب أهل العلم والورع والقرآن وكأن الواقع ينطق” الموت أسرع بخياركم “ولأنني لله الحمد كنت أعمل في أنواكشوط منذ تخرجت إلا سنين قليله فقد حضرت أغلب جنازات العشيره وأذكر للتاريخ مصداقا لما قاله السيخ محمد الأمين أني شاركت في تغسيل العديد منهم كدادحه ولد المجتبي ومحمد يحي ولد ب والمختار ولد سيد المصطف ومحمد عبد الله ولد الصديق ووالدي وقد شهد الذين دخلوا بيت الغسيل معي أن جثامين هؤلاء تحسبهم أيقاظا وهم أموات ولقد سألت الإمام العابد والفقيه شقالي ولد حمادي عندجنازه محمد عبد الله ولد الصديق لماذا نحسبه لا يزال حيّا فما كان منه إلا أن قال لي يا أخي العلماء ورثه الإنبياء وخاصه العابدين المستقيمين أمثاله وبينضاف إلي ذالك أهل القرءان والصلحاء والعباد. اللهم إرحم الشيخ محمد الأمين وكل الجيل العظيم الذي رحل قبله وبارك فيمن بقي منهم . إن عزاءنا كلنا في مصيبته ونحن نجتمع في دار العزاء في موريتانيا “منزل أخونا الأكبر الدكتور الطيب ولد عمر “؟رغم بعض خلافاتنا أننا نعتز ونفخر بالإرث النادر من العمل الصالح والسمعة الطيبه التي سطرها في كل ربوع الوطن الحبيب والديار المقدسه والتي شهد عَلِيها كل المعزون.
رحم الله الشيخ محمد الأمين رحمه واسعه وكل الجيل الجليل الذي رحل معه وإنا لله وإنا إليه راجعون.

Exit mobile version