شهر يونيو الماضي عرف الاتحاد الوطني لأرباب عمل موريتانيا مساع وضغوطات حكومية لعزل أحمد باب ولد المامي بعد فترة على تجريده من منصب قنصل عام لدولة إيطاليا بتهمة نسجه علاقات مع رجل الأعمال المعارض للنظام محمد ولد بوعماتو المقيم
في المغرب. الغريب أن مجريات أحداث المضايقة التي تعرض لها أحمد باب ولد اعزيزي ولد المامي تتشابه إلى حد كبير مع المضايقات التي كان والده اعزيزي ولد المامي عرضة لها في عهد الرئيس السابق المقدم محمد خونه ولد هيداله على خلفية اتهامه بربط علاقات مشبوهة مع المغرب ومعارضين للنظام مقيمين فيه. القصة كما يرويها اعزيزي ولد المامي في كتابه من تاريخ الأنظمة السياسية في موريتانيا الذي تنشره صحيفة السفير على حلقات:
عنوان الحلقة رقم 38: الأمر الرئاسي الجديد
جاء فيها :
لقد فوجئت مرة أخرى ببعض الإجراءات الظالمة تستهدفني عند تجديد مكتب اتحاد أرباب العمل والاتحاديات التابعة له مع أني كنت أرفض الدخول في أي نشاط سياسي أو نقابي في تلك الفترة، وقررت عدم المشاركة في عمليات التجديد تجنبا لمواجهة أخرى وقد أبلغت كلا من “سيدي محمد بن العباس” -رحمه الله- رئيس المكتب و”محمد صالح بن حماد” و”محمد بن افقيه” بهذا القرار لكنهم رفضوا ذلك لاعتقادهم أنه من باب الاعتذار المرتبط بالمشاغل معتبرين أن لدى كل واحد منهم ما يتذرع به.
كان الأمر يتعلق بموقف جدي تمليه تلك المخاوف التي لم أشأ الإفصاح عنها ولا الاعتماد عليها كعذر لكنهم كانوا مصرين ووضعوا لائحة بأسماء المرشحين وكنت من ضمنهم وبعد وضع اللمسات الأخيرة لم يبق سوى حضور الوزير الوصي لافتتاح أعمال المؤتمر ومن ثم التصويت.
بعد ما دخل الوزير القاعة وتأكد من تشكيلة المكتب أرجأ افتتاح الجلسة وكأن السبب واحدا هو وجودي بين أعضاء المكتب كما أوضح لي ذلك رئيس الاتحاد الذي لم يخف امتعاضه من هذا القرار وأعرب للوزير عن قلقه خاصة أن اللجنة العسكرية كانت قد تعهدت بعدم التدخل في أمور النقابة.
في ضوء مراجعته للوزير في شطب اسمي أوضح له المرحوم “سيد محمد” أن هذا القرار ما لم يكن قد صدر من رئيس الجمهورية نفسه فلن يقبل، بيد أن الوزير أوضح أن الأمر يتعلق فعلا بقرار من رئيس الجمهورية.
وهنا أسجل مرة أخرى كامل اعترافي بالجميل لسيد محمد بن العباس الذي كان نبيل الضمير في هذه القضية حيث حرص على الوقوف إلى جانب التزاماته المهنية عندما أعلن عزمه على اعتزال نشاط المنظمة، لكنني رفضت قراره وطلبت منه متابعة العمل طبقا لما سبق أن اتفقنا عليه وانسجاما مع قناعتنا بأهمية نجاح المنظمة فالأشخاص يأتون ويذهبون والمنظمة يجب أن تبقى إن لم تكن لمعالجة مشاكلنا الآنية فلمساعدة أجيالنا القادمة.
هكذا استطعت إقناعه بالعدول عن رأيه وطلبت منه استدعاء بعض زملائنا لأجدد أمامهم رغبتي القديمة المتجددة في التخلي عن عضوية المكتب والاتحادية سبيلا إلى انسحاب هادئ.
طبقا لذلك انعقد اجتماع خاص حضره “محمد صالح بن حمادي” الذي ألح علي من أجل إيضاح خلفيات الأمر وأمام إصراره لم يكن بد من الكشف عن حيثيات الموقف، لكنني طالبت الحضور بالمضي قدما في تنصيب المكاتب طبقا لما تم رسمه من قبل على أن تبقى هذه القضية طي الكتمان حرصا على تطبيق رغبة الرئيس.
مرت العملية بسلام وعين أعضاء المكتبين في المؤتمر المنعقد في 3 مايو 1983 ومنذ ذلك الحين تقلصت الصلات الرسمية بيني وبين أعضاء المنظمة وإن استمر التنسيق بيننا فيما يتعلق ببعض الملفات التي كانت تحال إلي من أجل القيام بما يلزم في شأنها بموجب وقوعها ضمن دائرة اختصاصي.
رغم كل ذلك لم تنقطع أسباب التواصل بيننا بل إنها تعززت أكثر مع رئيس المكتب ولم تعد العلاقة بصفة رسمية إلا بعد تشكيلة المكتب التي ظهرت بعد حركة التصحيح 12/12/1984 م.
السفير