الصيد الهنيئ …

تقهرك بعض الأشياء ، و تهزك بعنف فتفقد المنطق و الروية و التخطيط ، لذة غامضة و سحر عجيب يلوح في تلك الحياة التي تتشكل أنواؤها بقوة و تمور في سماء الزمن القادم ، كنت أسرج صهوات الأيام و الليالي ممتشقا الأقواس و النبال ممزقا سراب المستقبل و غبش المجهول ، مندفعا خلف طريدة متناقضة الاوصاف مليحة بهية فتانة و وسيمة ، و دُجْنَة بلا شكل اخاذ و لا جمال ، يستهويني صيدها و يستفزني منها الفشل ، تحكي تخالفا في الاوصاف خارقا و مدهشا ، و استجماعا قويا للصفة و النقيض ، تحس تجاهها بالاغواء الممتع و بإشراق يشع من ثنايا لونها الحالك و في وميض عينيها نرجسية بريئة و حكاية حلم لذيذ ، شيئ ما يناديك من حولها و يصرخ بالمها ، تهيبها بعض الصيادين و تجاوزها بعض الحمقى و المجانين و نجت من بندقيات تكلمت ولعلعت نيرانها في حماها ، و ظلت تمرح في تؤدة و كبرياء ، تعيش حرة في فضائها الفسيح ، كلما التقينا و بادلت نظرات ريبتي وفضولي بحشمة و توجس تحسست الزناد لاوقعها بلطف ، و اغنم بطيبها المبهم المغمور ، فتطير للأفق البعيد و تختفي بجرحي و نزيفي ، و ابقى لبعض الوقت في كآبة الجونة و حرقة الابتئاس و الشجن ، و فجعة الخسارة و الكدر .
لاح في نفسي برق حوشي غريب بعد أن أنهكتني رحلة صيد خائبة في إحدى الليالي ، كنت على طريق المطار هائما كالخبل المسكون ، لم انتبه لها وهي ترعى الخزام بجواري آمنة مع اختها ، .
شادن خنساء ذكية ، لعوب طروب ، تفهم الملامح و تقرأ الإيحاء ، تؤنقها دهشة و شده غامض كأنها الأميرة خديجة بنت الخليفة العباسي المستعصم تتخبط في الرصافة باحثة عن زوجها القاضي محيي الدين أبي المحامد .
انيقة المشاكسة و الفخر و الاعتزاز تشاكل صفات الاميرة ولادة بنت المستكفي في الاندلس حتى في الحسن و الجمال، راقية العقل و الذكاء ، قمة في الشرف و العفاف ، سامقة الفحوى و المدلول .
طرقني طيفها في هجع الليل فاطربني صوت السليل ، ناي يشدوا في الغسق و لحن سحري كالالق ، صوبت بندقيتي و راكمت الرصاص بوحشية في قلبها المسكين
لن تموت غزالتي السمراء و لن تفنى، ستكون قصة حياة و مشروع أمل و حكاية استمتاع بصيد ابدي لا تنتهي .

بقلم / يحي الامين الاندلسي

Exit mobile version